ليس في جولة النائب جبران باسيل، التي اخترعها لتعبئة الوقت الضائع، سوى هدف واحد: إزاحة قائد الجيش العماد جوزاف عون من المشهد الرئاسي، عبر منع التمديد له على رأس قيادة الجيش.
أمّا كل العناوين الفضفاضة الأخرى، فهي لا تتعدى حدود الديكور والتجميل، من عنوان غزّة، إلى العنوان الرئاسي، الذي يعرف باسيل أنه لن يفتح اليوم أو غداً.
مضحك ما يقوم به رئيس «التيار» الذي جال على النائب السابق وليد جنبلاط ورئيسي الحكومة والمجلس، كأنه يسعى لتصليب الموقف تجاه أي اعتداء اسرائيلي. فلا بري ولا ميقاتي ولا رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية ولا حتى وليد جنبلاط، يحتاجون لمحاولات إقناع أو تمتين لموقفهم، فهو واضح إلى جانب «حزب الله» ولو بنسبة تختلف عن الأخرى.
يريد الرئيس السابق ميشال عون منسّق الحملة على قائد الجيش، ويريد وريثه، أن يثأرا من قائد الجيش لأسباب تتصل بمنع الوريث من التدخل في المؤسسة العسكرية، وهو الذي وضع سداً أمام تدخلات باسيل، التي لو نفذت لتحوّل الجيش إلى جهاز حزبي، ولفقد مهمته في حفظ الاستقرار.
كما يريدان قطع طريق بعبدا على العماد جوزاف عون ثأراً من استقلالية قراره، وذلك استمراراً للمعادلة التي تقول إنّ كرسي بعبدا هي ملك لميشال عون وللوريث، وإنّ كل من تتاح له الفرصة أن يكون رئيساً، هو خصم بل عدو يجب محاربته، حتى القضاء عليه.
عندما تمّت مفاتحة باسيل في لقائه ميقاتي وبري وجنبلاط، بأمر قيادة الجيش وخطورة الفراغ في القيادة، كان رفضه قاطعاً للتمديد للعماد جوزاف عون، وفي المقابل حاول إغراء جنبلاط بالقبول بتعيين رئيس الأركان، كي يكون قائداً بالوكالة، شرط عدم التمديد لعون، كما أوحى لميقاتي بالأمر نفسه، وهذا يعني عودة وزراء «التيار» إلى اجتماعات الحكومة، لكن ربطاً بمنع التمديد.
يريد باسيل كخطة أولى، أن يتم تعيين اللواء بيار صعب قائداً للجيش بالوكالة، واذا لم يتم ذلك سيقبل بتعيين رئيس للأركان، على أن يتسلم مهمات القائد، وفي الحالتين الهدف واضح، على طريقة، الرئيس عون: «الله لا يخليني إذا بيعمل رئيس جمهورية»، قاصداً قائد الجيش.
على الطريق لتنفيذ هذا الانتقام، يغامر ميشال عون ووريثه، بمصير المؤسسة العسكرية، وبمصير الموقع المسيحي المتبقي، والنتائج الكارثية لهذه المغامرة معروفة سلفاً.
استطاع جوزاف عون أن ينال ثقة الداخل والخارج، وبقيت المؤسسة العسكرية متماسكة على الرغم من الظروف الصعبة التي عاشتها، وهي الآن تتعرّض لحملة عونية لا مثيل لها، أبعادها شخصية ضيقة، ونتائجها إن تحقق الهدف منها، كارثية.
ساعد المجتمع الدولي الجيش ليبقى قادراً على تنفيذ مهماته، ولو بالحد الأدنى، وهذا سيصبح مشكوكاً به في حال خلو موقع القيادة، أما في الداخل، فإنّ التماسك الضروري الذي نجح قائد الجيش ببنائه سيكون أيضاً عرضة لشتى انواع الفوضى، وقد خبر اللبنانيون خيارات واختيارات وسلوك هذه المدرسة، وما أنتجته من كوارث.