مشاركة وزراء التيار في مجلس الوزراء “مشروطة” لقاء السراي أنهى القطيعة فقط… التجاذبات باقية والمقاطعة مستمرّة

ابتسام شديد- الديار

تحسبا لتدهور الوضع اكثر وانطلاقا من ضرورة تحصين الوحدة الوطنية انطلق النائب جبران باسيل الى عقد لقاءات تجاوز فيها خصوماته السابقة والراهنة فجلس وجها لوجه مبتسما مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي خاصمه طويلا ولا يزال يتحفظ على انتخابه رئيس للجمهورية، ومع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التي يقاطع جلساتها وزرائه من فترة طويلة متحججا بعدم قانونيتها ودستوريتها قبل انتخاب رئيس للجمهورية، لكن اللقاءات في بنشعي والسراي لم تصدر عنها بعد إشارات او ترجمة عملانية تؤكد طي صفحة الماضي كليا، فأغلب الظن ان مبادرة باسيل التي أملتها التطورات جنوبا والخوف من حرب قد يتورط بها لبنان ومشاركة الفصائل الفسطينية وتحول الأراضي اللبنانية الى فتح لاند جديدة” لم تحقق نتائج بعد ولا تزال في اطار البحث في أسبابها واهدافها، فرئيس التيار كما يقول منتقدوه نفذ جولة استعراضية لإلهاء الناس واشغالهم بهدر الوقت حيث لا تزال الأمور على حالها وباعتقاد كثيرين ان توفير التوافق الداخلي في لبنان أمر مستحيل وهذا ما يتظهر في مسألة الشغور القريب في قيادة الجيش فرفض التمديد للعماد جوزاف عون يتوافق عليه باسيل وفرنجية فقط لاعتبارات رئاسية وشخصية بهما فيما يبدو حزب الله غير معترض اذ يؤمن في هذا الظرف لقيادة جوزاف عون في المؤسسة العسكرية فيما هو منشغل على الجبهة الجنوبية ومتابعة معركة غزة في حين يسير الرئيس ميقاتي بالتمديد ويبدو الرئيس نبيه بري ميالا الى موقف حزب الله.

ما يجعل المبادرة غير مجدية هو ان هذا التحرك جاء متأخرا عشرات الأشهر والأسابيع في ظل التطورات المتسارعة وفي ظل حرب تتداخل فيها الأبعاد الإقليمية والدولية وحيث كان الأجدى التوافق لانتخاب رئيس جمهورية وانهاء الفراغ في المواقع والمراكز الأساسية للدولة، وبالتالي تؤكد مصادر سياسية ان الأفضل من المبادرة لو شارك التيار في جلسات الضرورة التي عقدتها الحكومة لمعالجة ملف النازحين وخطرهم الوجودي على الكيان اللبناني قبل ان يحاول إقناع الباقين بمبادرة من خارج سياق الأولويات المؤجلة.

ما جرى في اللقاء التشاوري الأخير في السراي نموذج عن غياب التوافق و”سياسيين فاتحين على حسابهم” فوزارء التيار هنري خوري وعبدالله بو حبيب وهيكتور حجار شاركوا في لقاء السراي التشاوري حتى انتهاء الجلسة اما وزير الدفاع موريس سليم فخرج من الاجتماع متجهما “بمشكل” مع رئيس الحكومة وكان حضر الى السراي للاعتراض على الرسالة الموجهة إليه من قبل ميقاتي طلب فيها اقتراح اسم لقيادة الجيش او الموافقة على التمديد للعماد جوزاف عون وتعبئة الشواغر في المجلس العسكري الأمر الذي اعتبره الوزير سليم تجاوزا لصلاحياته .

تقول المعلومات ان ما جرى في جلسة الاستماع الى الوزير عبدالله بو حبيب عن زيارته الى سوريا لم يكن الا عينة من بقاء التجاذبات على حالها فوزراء التيار وضعوا شروطا للعودة الى الحكومة في مسائل المشاركة بجدول الأعمال واتخاذ القرارات والتواقيع على المراسيم ولا تزال عودتهم موضع بحث ونقاش، وعلى ما يبدو فان ما يهم رئيس التيار من حركته الاخيرة البت في موضوع قيادة الجيش الأمر الذي اخذ حيزا مهما في اجتماع بنشعي، فرئيس المردة قال بوضوح ” نرفض التمديد لقائد الجيش وضد التعيين بغياب رئيس جمهورية وننتظر صيغة تؤمن استمرارية المرفق العسكري فيما صار واضحا ان رئيس التيار مصر على رفض التمديد لعون حيث يلقي عليه مسؤولية السماح بتهريب النازحين السوريين وفتح الحدود البرية أمامهم واقفال البحر.

لم يتطرق باسيل في جولته التشاورية الى مسألة إنهاء المقاطعة ومشاركة وزرائه في اجتماعات الحكومة لكن مصادر سياسية تؤكد ان هذا التحفظ يمكن ان يسقط في حالتين، في حال انزلاق الوضع اللبناني والدخول في حرب كبرى مع اسرائيل تتخطى جبهة الجنوب، وفي حال جرت التعيينات العسكرية كما يريد باسيل.

لقاء السراي بين باسيل وميقاتي كان هدفه توحيد الموقف من التطورات لكن الواضح ان مسألة التمديد لقائد الجيش تعيق تجاوز خلافاتهما، والواضح أيضا ان رئيس التيار حاول الإيحاء انه تخطى الحواجز وتجاوز خلافاته الشخصية في لقائه بالقوى السياسية للتشاور في الاوضاع المستجدة تحت عنوان التضامن مع غزة وحق لبنان بالمقاومة والدفاع عن نفسه تجاه أي عدوان، لكن الجميع مدرك ان قرار الحرب إذا كان متخذا لا احد قادر على وقفه واعتراضه بمبادرات داخلية وغيرها من السيناريوات.

من هذا المنطلق وصفت مباردة رئيس التيار بانها صورية فقط خرقت الزيارة الركود السياسي فباسيل انهى القطيعة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال لكن العودة الى مجلس الوزراء أمر يحتاج الى إعادة نظر وحسابات كثيرة، فإعتبارات التيار اليوم للانفتاح على الخصوم تأتي تحت عنوان الضرورة للتوافق لأن لبنان امام خطر وجودي يفترض إجراء تنازلات كبرى”، لكن أغلب الظن ان رئيس التيار له هدف سياسي محدد وسعى لكسر الجمود بحجة توفير مظلة آمنة لحماية لبنان وخلق جو من الوحدة الوطنية لتحصين المقاومة، فالهدف الأبعد هو الاستحقاق الرئاسي والفراغ في قيادة الجيش وهذا ما يصح على لقاء باسيل وفرنجية الذي يرى فيه كثيرون مقدمة تحضيرية لمرحلة ما بعد المعركة اذا ما أتت التطورات الميدانية لمصلحة فريقهما السياسي مما سيؤدي الى توازنات سياسية جديدة الأمر الذي يحتم وضع التباينات السابقة جانبا والانطلاق الى خطة ما بعد الحرب تتضمن انتخاب رئيس للجمهورية قريب من محور المقاومة مما يساهم في تخفيف الضغط الداخلي.

Exit mobile version