في اليوم الـ23 من الحرب على قطاع غزة، واصلت قوات الاحتلال الاسرائيلي محاولاتها للتقدم برا من ناحية الشمال الغربي، ممهدة لذلك بعشرات الغارات التي تستهدف القطاع واهله، ما ادى الى ارتفاع حصيلة الشهداء الى 8 آلاف، والجرحى الى 20 الفا، بحسب وزارة الصحة في غزة.

وأعلنت كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها تصدت لمحاولة «توغل إسرائيلية» جديدة شمالي غزة، وأن عناصر تابعين لها نفّذوا عملية إنزال خلف خطوط تمركز جيش الاحـتلال قرب معبر إيريز، وخاضوا اشتباكات مع الجنود «الإسرائيليين» ودمروا آليات عسكرية.

وتحاول قوات الاحتلال التقدم من ثلاثة محاور في الشمال، ما ادى الى اشتباكات مباشرة مع المقاومة الفلسطينية والى تراجعها الى خلف السياج الفاصل، والتموضع خلف السواتر الترابية بعد تكبدها خسائر مؤكدة. وتتمركز هذه القوات حاليا في منطقة خالية غير مأهولة على عمق 200 متر في شمال غرب القطاع.

عمليات برية محدودة

وبحسب ما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين، فان «إسرائيل أوقفت خطط غزو واسع النطاق لغزة، واستبدلتها بتوغلات برية محدودة»، واشارت الى ان «وقف إسرائيل خطط الغزو البري الواسع، يتمشى مع اقتراح وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن».

وهو ما اكدته ايضا مصادر مطلعة لـ» الديار» مشيرة الى انه «وبعد فشل قوات الاحتلال مساء الجمعة- السبت باقتحام القطاع برا، عمدت الى القول ان ما تقوم به عبارة عن عملية متدحرجة، الا ان المؤكد انها اكتشفت ان اي عملية واسعة من هذا النوع سيكون مصيرها الفشل، حتى ولو ترافقت مع غزو وعدوان من البحر والجو».

ولعل العامل الابرز الذي يقض اليوم مضاجع قوات العدو، هو مواصلة محور المقاومة في المنطقة دعم المقاومين في غزة، سواء من خلال اشغال قسم كبير من جنوده على الجبهة الشمالية مع لبنان، او من خلال الرسائل التي تحولت شبه يومية وتصل من العراق واليمن.

ويوم امس، اعلنت «المقاومة الإسلامية» في العراق» عن استهداف قاعدة «الشدادي» الأميركية جنوبي الحسكة السورية بطائرتين مسيرتين، فيما استهدفت المقاومة الإسلامية في لبنان مساء السبت، موقع السماقة في مزارع شبعا اللبنانية ‏المحتلة بالأسلحة المناسبة، وقوة مشاة تابعة لجيش العدو الاسرائيلي في موقع المالكية ومحيطه، على الحدود الجنوبية اللبنانية مع فلسطين المحتلة، موقعة فيهما إصابات مباشرة.

وفي بيان صادر عن المقاومة الإسلامية ، أعلنت أنها استهدفت عند الساعة 12:45 من ظهر ‏الأحد الواقع فيه 29/10/2023 موقع السماقة في مزارع شبعا اللبنانية ‏المحتلة بالأسلحة المناسبة وأوقعت فيه إصابات مباشرة.‏

وفي بيان لاحق، أعلنت المقاومة الإسلامية «أنّه عند الساعة 15:45 من بعد ظهر يوم ‏الأحد الواقع في 29-10-2023، وبعد متابعة ورصد دقيق اكتشف مجاهدو المقاومة الإسلامية قوة مشاة إسرائيلية في موقع المالكية ومحيطه، فقاموا باستهدافها على الفور  بالأسلحة المناسبة وأوقعوا فيها اصابات مؤكدة».

وبحسب معلومات «الديار» بلغ عدد العمليات التي نفذتها المقاومة في الجنوب ضد مواقع العدو الصهيوني في ‏مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة وفي شمال فلسطين المحتلة ٨٤عملية، فيما ‏بلغ عدد المواقع والنقاط والمرتفعات المهاجمة والمستهدفة 42 نقطة.‏

وقد أسفرت هذه العمليات عن مقتل 20 جندياً صهيونيا وجرح 64 آخرين وإعطاب ‏‏7 دبابات ميركافا وآليتين عسكريتين، إضافة إلى تدمير أعداد كبيرة من الدشم ‏والتحصينات وكاميرات المراقبة وأجهزة التشويش والرادار وأعمدة الاتصال ‏ودشات التنصت، وغيرها من التجهيزات الفنية والتقنية.  ‏

في المقابل، ارتقى للمقاومة 46 شهيداً و43 جريحاً، واستشهد 4 مدنيين، بينهم الصحافي عصام عبد الله وجرح عدد من المدنيين والاعلاميين.

ايران: لا نريد توسيع رقعة الحرب

هذا على الارض، اما بالحراك والمواقف السياسية، فأكد وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبداللهيان يوم امس، ان طهران لا تريد توسيع رقعة الحرب، مشددا على ان المزاعم عن صلة طهران بهجوم حماس على «إسرائيل» لا أساس لها. ولفت عبد اللهيان في مقابلة مع شبكة «سي.إن.إن» الى انه «دائما ما ندعم فسطين سياسيا وإعلاميا ودوليا، ولم ننكر ذلك قط». وأضاف «هذه هي الحقيقة، لكن في ما يتعلق بهذه العملية التي تسمى طوفان الأقصى، لم يكن هناك أي صلة بتلك المعطيات بين إيران وعملية حماس هذه، لا حكومتي ولا أي جهة من بلدي».

حملات وتبادل الاتهامات داخل الكيان

وكما كان متوقعا، اتسع الخلاف في «الداخل الاسرائيلي» وتصاعدت حملات تبادل المسؤوليات بخصوص الإخفاق الأمني وراء هجمات 7 تشرين الأول، واضطر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الى الاعتذار، بعدما نشر تغريدة يلقي فيها باللائمة على أجهزة الأمن والمخابرات. وقال نتنياهو في بيان «لقد أخطأت، وما قلته بعد المؤتمر الصحافي (لقادة مجلس الحرب أمس) كان ينبغي ألا يقال، وأعتذر عنه».

تبدّل المزاج الدولي

وفي اشارات لبدء تبدل المزاج الدولي الذي كان مع انطلاق العدوان على غزة داعما بالمطلق للعدو الإسرائيلي، اكد المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان انه «من غير المقبول تماما ممارسة العنف من المستوطنين ضد الأبرياء في الضفة الغربية»، ولفت سوليفان في تصريح له، الى ان «أميركا تعتقد أن رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو مسؤول عن كبح جماح المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية».

من جهته، شدد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي «على أهمية إيصال دعم إنساني عاجل إلى غزة»، وفق ما أعلنت الحكومة البريطانية. كما أعربا عن قلقهما بشأن «خطر تصعيد في المنطقة»، واتفقا على ضرورة «عدم إغفال مستقبل المنطقة على الأمد الطويل، ولا سيما الحاجة إلى حل الدولتين»، بحسب المتحدث باسم داونينغ ستريت. كما عبرا عن قلقهما المشترك إزاء خطر التصعيد في المنطقة الأوسع، ولا سيما في الضفة الغربية.

ولفت ما اعلنه رئيس وزراء النرويج يوناس جاهر ستوره عن ان الحصار الكامل على غزة لا يتمشى مع القانون الدولي للحرب، ولفت الى ان الحصار المفروض على غزة يمنع الوصول إلى الضروريات مثل الغذاء والدواء ويؤدي الى وضع مأسوي.

هل انجز المسؤولون اللبنانيون كل استعداداتهم للحرب؟

لبنانيا، بدأ رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي جولة عربية «لتدعيم الموقف اللبناني ودعم الدعوة الى وقف إطلاق النار في غزة، ولتجنيب المنطقة الفوضى الشاملة». وقالت مصادر رسمية لـ» الديار» ان «موقف عبد اللهيان الاخير، الذي اكد فيه ان طهران لا تسعى الى توسيع رقعة الحرب، يجعل احتمال توسع المعارك لتشمل مزيدا من الاراضي اللبنانية وحتى المنطقة مستبعدا»، مضيفة: «صحيح انه لا يمكن التنبؤ بما قد تقوم به «اسرائيل» لمحاولة تقليص حجم الخسائر الهائلة التي تكبدتها وتتكبدها، لكنه بات محسوما ان لا مصلحة لها بحرب واسعة، هي غير القادرة على ضبط الاوضاع داخل الاراضي المحتلة. لكن على كل الاحوال علينا كلبنانيين ان نحتاط ونتوقع اسوأ السيناريوهات ونستعد لها».

كذلك كشف مصدر مطلع انه بعكس ما يوحي المسؤولون اللبنانيون عن انجاز كل استعداداتهم للحرب، فهم غير قادرين حتى على تأمين احتياجات النازحين اللبنانيين الحاليين، الذين تركوا منازلهم عند المناطق الحدودية ويبلغ عددهم نحو 29 الفا، اذ يطرق هؤلاء ابواب الجمعيات طلبا للفرش والحرامات.

ميقاتي في قطر

وكان التقى ميقاتي امس الاحد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الديوان الأميري، في حضور رئيس الحكومة القطرية وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني.

وتم خلال اللقاء عرض آخر تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والمنطقة، إضافة إلى مناقشة العلاقات الثنائية بين لبنان وقطر، وسبل تعزيزها وتطويرها. بعد ذلك عقد ميقاتي اجتماعا مع رئيس الحكومة القطرية وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني في حضور القائمة باعمال سفارة لبنان لدى دولة قطر السفيرة فرح بري.

وزير الدفاع الفرنسي في لبنان

وفي هذا الوقت، أعلن مكتب وزير الدفاع والقوات المسلحة الفرنسي سيباستيان ليكورنو أنه سيبدأ يوم الأربعاء المقبل اجتماعات في لبنان مع مسؤولين، على رأسهم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، كما سيزور قاعدة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

وأوضح مكتب ليكورنو أن الوزير يسعى إلى إعادة تأكيد «التزام فرنسا باستقرار لبنان». وسيزور ليكورنو يوم الخميس قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «يونيفيل» التي تعرض مقرها بالقرب من بلدة الناقورة الساحلية اللبنانية لأضرار جراء قذيفة سقطت داخله يوم السبت.

تيننتي: مراكز اليونيفل تتعرض للقصف

واعلن الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي في تصــريح، أن «قذيفتي هاون سقطتا أمس عند حوالى العاشرة مساءً على قاعدة لـ «اليونيفيل» بالقرب من بلدة حولا، مما أدى إلى إصابة أحد جنود حفظ السلام الذي تم إجلاؤه على الفور لتلقي العلاج». وأضاف: «أصيب جندي حفظ السلام بجروح طفيفة، وتم نقله على الفور إلى المستشفى في المقرّ العام لليونيفيل في الناقورة، وحالته مستقرة حالياً».

وتابع تيننتي: «بالأمس، تعرّضت مراكز اليونيفيل للقصف مرتين: في فترة ما بعد الظهر بقذيفة أصابت مقرّنا العام في الناقورة، ومساء أمس في محيط حولا، مما أدى إلى إصابة أحد جنود حفظ السلام». وأردف الناطق الرسمي باسم اليونيفيل: «تعرب اليونيفيل عن قلقها البالغ إزاء هذين الهجومين على جنودنا الذين يعملون بلا كلل على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع لاستعادة الاستقرار في جنوب لبنان، وتهدئة هذا الوضع الخطر».

وختم تيننتي: «إننا نحثّ بقوة جميع الأطراف المشاركة في النزاع على وقف إطلاق النار فوراَ، إن مهاجمة حفظة السلام التابعين للأمم المتحدة، جريمة وانتهاك للقانون الدولي ويجب إدانتها. وقد بدأت التحقيقات في كلا الحادثين».