حالة الغليان العربي التي تعم الدول العربية، حكومات وشعوباً، لم يتم ترجمتها حتى الآن إلى خطوات عملية فاعلة، ومؤثرة في وقف حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهل غزة، بوحشية مفرطة، وعلى مرآى من ملايين البشر، عبر شاشات التلفزة، ووسائل التواصل المختلفة.
وطالما أن لا أحد يستسهل توسيع رقعة الإشتباك، والدخول في حرب إقليمية غير مضمونة النتائج، فإن الجهد العربي يجب أن يتركز على محورين رئيسيين: الدعم الإنساني الضروري من غذاء ودواء أولاً، ثم تنطيم حملات توعية سياسية وإعلامية، ثانياً وثالثاً، موجهة للرأي العام في الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، حول عدالة القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني الطبيعي في العيش في دولته الوطنية المستقلة، مثل كل شعوب العالم.
الإنتصار الديبلوماسي الذي حققته المجموعة العربية. بإصدار قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتنفيذ «هدنة إنسانية» في غزة، يُعتبر نصف نجاح، لأن القرار بقي حبراً على ورق ، مثل بقية قرارات المنظمة الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، وقابله العدو الصهيوني، مساء اليوم نفسه، بقصف جوي همجي وغير مسبوق على غزة، تواكب مع توغل برّي عبر عدة محاور شمال القطاع.
المساعدات الإغاثية، من دواء وغذاء ومياه، التي تدفقت على مطار العريش منذ الأيام الأولى للحرب، بقيت عشرين يوماً تنتظر موافقة تل أبيب للدخول من معبر رفح، ولكن العرقلات الصهيونية المفتعلة تحول دون عبور شاحنات المساعدات بالسرعة اللازمة، فضلاً عن الإصرار الإسرائيلي على عدم تمرير شحنات الوقود للمستشفيات داخل غزة، مما أدى إلى خروج معظمها من الخدمة، وإحتمال توقف ما تبقى منها عن العمل، رغم تكدس الجرحى بالمئات في الغرف والأروقة.
هذا الدعم المتعثر، يرافقه تجاهل شبه كامل لأهمية تعريف شرائح واسعة من الرأي العام الغربي، وخاصة الأجيال الشبابية، بحقائق القضية الفلسطينية، والصراع مع الإحتلال الإستيطاني الصهيوني، الرافض لكل قرارات الأمم المتحدة التي تحفظ للفلسطينيين حقوقهم المشروعة بالبقاء في أرضهم، وإقامة الدولة الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، الذي تبنته الإدارات الأميركية المتعاقبة، الجمهورية والديموقراطية، منذ مؤتمر مدريد للسلام ١٩٩١، ولكن دون أن تعمل جدياً على تطبيقه مع حليفتها المدللة إسرائيل.
إن المظاهرات الشعبية الحاشدة التي خرجت في شوارع المدن الأميركية والأوروبية، تفتح أبواب التفاعل ونشر الوعي مع جماعات واسعة من المجتمعات الغربية، لمصلحة القضية العادلة للفلسطينيين.
فهل من يقرع الجرس قبل فوات الأوان؟
د. فاديا كيروز-اللواء