كل المنطقة ومعها لبنان، تسير على ايقاع «الحرب الاسرائيلية» المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، لا اجوبة داخلية او خارجية حول السياق المفترض ان تأخذه الاحداث والتطورات في الساعات والايام القليلة المقبلة، كله مرتبط بالنتائج الميدانية و»كواليس» الاتصالات الديبلوماسية الدولية والاقليمية التي تجري على «قدم وساق»، خوفا من مجهول اقليمي ملتهب تسعى كل الاطراف لتجنبه، دون ان تصل حتى الآن الى «خارطة طريق» واضحة تساعد في منع الانزلاق الى مواجهة مفتوحة يعرف الجميع كيف تبدأ ولا يدرك احد كي تنتهي.

ولان حزب الله لاعب اساسي ومحوري في تحريك تلك الاحداث، جاء الاعلان عن اطلالة امينه العام السيد حسن نصرالله يوم الجمعة المقبل، لاول مرة منذ بدء «طوفان الاقصى»، ليضيف فترة انتظار ثقيلة للغاية في كيان العدو وحلفائه في المنطقة والعالم، الذين بدأوا بطرح الاسئلة الصعبة حيال توقيت الاطلالة قبل مضمونها. ولعل سؤال احد الديبلوماسيين الغربيين في بيروت لاحد كبار المسؤولين اللبنانيين عما سيحصل من اليوم الى الجمعة، يختصر حجم القلق من الغموض البناء الذي تدير به قيادة المقاومة الجبهة في الجنوب، والتي وصفها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي «بالحكيمة» والعقلانية، على الرغم من اقراره بان لبنان لا يزال في «عين العاصفة»، وهو ما عبّرت عنه تهديدات وزير «الحرب الاسرائيلي» يوآف غالانت، عندما قال بالامس ان ما يحدث في غزة «رسالة» الى حزب الله، الذي واصل مقاوموه بالامس دك مواقع العدو على طول الحدود، حيث تمكن من تدمير المزيد من معدات التنصت والاتصال.

والابرز خلال الساعات القليلة الماضية غياب المسيّرات عن اجواء الجنوب، بعد ان استخدم حزب الله صاروخ ارض جو لاسقاط احداها، فاضطر جيش الاحتلال الى استخدام طائرات «هرمس» التجسسية التي تحلق على علو مرتفع للغاية، وهذا يمنح المقاومين حرية اكبر في التحرك الميداني. وللدلالة على وجود تواطؤ من قبل بعض الانظمة العربية، نقلت صحيفة «اسرائيل اليوم» عن مصدر غربي رفيع المستوى يكثر من اللقاء مع أصحاب القرار في مصر والأردن والسعودية، تأكيده بأن أياً منهم ولا حتى أبو مازن، يذرف دمعة إذا شطبت حماس عن الخريطة. المشكلة هي، كما يقول المصدر، أن الزعماء الأربعة كلهم خاب أملهم من فشل «إسرائيل» في إزالة تهديد حزب الله في الشمال، والآن، ولن يقولوا الآن كلمة حتى تثبت «إسرائيل» أنها ستفعل ما وعدت به، أي الانتصار.!

 «عصا وجرزة» اميركية

 وبالانتظار، زيارة تفقدية لوزير الدفاع الفرنسي غدا لكتيبة بلاده في «اليونيفيل»، وسط قلق متصاعد حول امنها، بعد الموقف الفرنسي المتطرف في دعمه لـ «اسرائيل»، فيما تصل مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى بربرا ليف الى بيروت، للقاء كبار المسؤولين السياسيين وقائد الجيش العماد جوزاف عون يوم غد الاربعاء، حاملة «عصا وجرزة» بحسب مصادر ديبلوماسية لفتت الى انها تحمل رسائل تحذير جدية من الادارة الاميركية لحزب الله، بعدم التدخل في الحرب الدائرة في غزة، وهي ستعيد التأكيد على الموقف الاميركي من خطر تمدد المواجهة الى لبنان، وستذكر ان «اسرائيل» لديها الضوء الاخضر» بالدفاع عن نفسها، ولن تتأخر الولايات المتحدة في تقديم المساعدة الضرورية وباشكال متعددة هذه المرة، حيث لن يقتصر الامر على الدعم الديبلوماسي. وهذه العبارة ستكون «الرسالة» الاخطر من الولايات المتحدة الاميركية، والتي ستحمل فيها الحكومة اللبنانية كامل المسؤولية عما يمكن ان يحصل جنوبا، اي ثمة «شيك» على بياض يتجاوز الدعم الذي قدم في العام 2006.

وفي المقابل، ثمة «جزرة» في اليد الاخرى وعنوانها انطلاق عجلة الاتصالات السياسية والديبلوماسية لايجاد مخرج لكافة الاطراف، تؤدي الى توقف المواجهة او الوصول في المرحلة الاولى لهدنة انسانية، ولهذا ستنصح ليف المسؤولين اللبنانيين الضغط على حزب الله لعدم رفع مستوى الضغط على «اسرائيل»، في وقت تتقدم به المساعي السياسية في «الكواليس». لكن لم يتضح حتى الآن ما اذا كانت الديبلوماسية الاميركية ستحمل معها ضمانات الى بيروت، بعدم نية «اسرائيل» توسيع الحرب والقدرة على التعهد بعدم حصول ذلك، في ظل وجود اقتراحات جدية داخل «الكابينت» المصغر بضرورة توجيه ضربة الى حزب الله، لاقناع المستوطنين في الشمال بالعودة الى مستوطناتهم. علما ان واشنطن لا تزال غير مطمئنة من «النوايا الاسرائيلية» الراغبة في توريطها بحرب مع ايران؟

 ما قبل «الصمت وبعده»؟

المحطة الاهم ستكون  يوم الجمعة مع اطلالة كسر الصمت من قبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وجاء الاعلان عنها قبل ستة ايام ليزيد من الاسئلة في كيان العدو ولدى الدول الداعمة له، كما لدى الحلفاء، والكل ينتظر الاجابة عن السؤال الاهم متى ينضم الحزب للمعركة؟ وما هي «خطوطه الحمراء»؟ والاهم كيف سيتدخل؟ وما هي استراتيجيته للمرحلة المقبلة على الجبهة الجنوبية، التي لا تزال تتحرك ضمن قواعد اشتباك مضبوطة حتى الآن؟ طبعا لا اجوبة حاسمة حتى الآن، ولا يزال غياب الاجوبة جزء من الحرب النفسية التي يديرها حزب الله ضد دولة الاحتلال، فيما ترى فصائل المقاومة الفلسطينية ان حزب الله الموجود في قلب المعركة، ان الاطلالة ستكون محطة متقدمة في تطوير هذا الدعم، دون ان تعرف ايضا حدوده في الوقت الراهن، مع ثقتها الكاملة ان الحزب يدرك جيدا متى يكون التوقيت المناسب لتوسيع مشاركته، لانه لن يسمح باي حال من الاحوال بهزيمة حماس والمقاومة.

وفي كيان العدو، اصاب الارباك القيادة الامنية والسياسية التي لم تصل بحسب «الاعلام الاسرائيلي» الى معرفة ما يدور من افكار داخل رأس السيد نصرالله، ولماذا قرر الكلام يوم الجمعة؟ ولفتت الى ان «الرسالة» الاولى التي وصلت من خلال «الفيديو» القصير الذي ظهر فيه السيد نصرالله، انه دخل الى الحدث بقوة، وهو اراد القول انه يسيطر على الوضع وسيرد في الوقت المناسب. ولفتت «القناة 13 الاسرائيلية» الى ان القيادات «الاسرائيلية» لا تزال عاجزة عن تفكيك عناصر الخطاب المرتقب، ولا تعرف الا انه سيلقي خطابا يوم الجمعة المقبل، فلا «الرسالة « واضحة ولا الخطط حول طبيعة الخطوة المقبلة لحزب الله.