كذلك تتحدث سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية في مذكرتها الى وزير الخارجية عبد الله بوحبيب عن حماية المواطنين الألمان و«غيرهم من الأشخاص» (other designated persons) من دون توضيح هوية هؤلاء، الى جانب تقديمها عرضاً بدعم السلطات اللبنانية خلال فترة الإخلاء عبر «موظفين متخصصين». المذكّرة بكاملها مخالفة لأدنى قوانين احترام سيادة الدول، وقد نقلت في آخرها طلب وزارة الخارجية الألمانية منحها «اتصالاً مباشراً مع السلطات المعنية» لتنسيق أيّ إجراءات إخلاء قد يلزم اتخاذها من قبل الجيش الألماني! «وقاحة» الألمان ليست الأولى من نوعها، بل سبق للسفير الألماني السابق أندرياس كيندل أن تمادى في ممارساته المتعجرفة ليتصرف قبل انتهاء مهامه كمندوب سامٍ في لبنان يتدخّل في الأوضاع السياسية والتعيينات القضائية من دون أن يلجمه أحد.
في الأحوال الطبيعية، وفي أي بلد يتمتع مسؤولوه بكرامة ويعملون للحفاظ على صورة بلدهم وسيادته، يفترض أن تقابل مذكّرة مماثلة ياستدعاء السفير الألماني من قبل وزير الخارجية عبد الله بوحبيب واستصراحه حول طلبه وإبلاغه رفض أمر مماثل حفاظاً على سيادة لبنان وعملاً بالقوانين المرعية، إلا أنه يتبيّن أن بوحبيب منح وزارة الخارجية الألمانية «موافقة شفهية» على طلب نشر أفراد الجيش الألماني في الأراضي اللبنانية، وهو ما ذكرته السفارة في رسالتها. وأورد بوحبيب في كتابه الموجّه الى الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء نسخة عن مذكرة السفارة، طالباً اتخاذ الإجراءات المناسبة وإفادته! وإذا كانت الديبلوماسية اللبنانية تدار بهذا الشكل، فلا عتب على وزارة الخارجية الألمانية أو أي سفير أجنبي. وليس من المستغرب بعد الآن أن تأتي كل الجيوش الأجنبية لاحتلال لبنان.