ماريا رحّال -لبنان24
يرزح لبنان منذ عام 2019 تحت وطأة الأزمات الماليّة والاقتصاديّة التي لم يسبق لها مثيل منذ اكثر من مئة عام، الامر الذي ادى الى تضرر مختلف القطاعات الخدماتية، وعلى رأسها الخدمات التي تعنى بالانسان وصحته ومنها الدواء. وما يفاقم الوضع المأسوي اليوم هو ما يحصل من حولنا من حروب في قطاع غزة، وهي تضفي بتردداتها على لبنان وتهدد بكوارث قد تضرب كافة القطاعات.
القطاع الدوائي، وبغض النظر عن التطورات الأمنية الأخيرة، عانى إلى حد كبير من الأزمات المستمرة، وخاصة في ما يتعلق بأدوية السرطان والامراض المستعصية شبه المقطوعة، الامر الذي ادى ويؤدي الى حرمان المرضى من تلقي علاجهم في موعده ما قد يعرضهم الى فقدان حياتهم، والسبب يعود الى تولي ادارات غير عادلة توزيع الادوية يدخل فيها الفساد وتخضع لقوانين بعض المحتكرين واصحاب النفوذ.
واقع كارثي
توجه نقيب صيادلة لبنان جو سلوم قبل أيام الى الصيادلة بنداء اعتبر فيه أنه كما في كلّ ازمةٍ او كارثةٍ أكانت اقتصاديّة أم وبائيّة أم حروبًا، يبرز الدور الاساسي للصيدلي.
وفي حديث خاص مع “لبنان 24″، أشار سلوم الى أن “النقابة اتخذت خطوة استباقية مع الصيادلة تهدف إلى ترشيد صرف الدواء إلى المرضى ومنع التخزين والإحتكار، تجنبًا لتكرار سيناريو عامي 2021 و2022”. وأضاف أن لجنة التفتيش التابعة لنقابة الصيادلة جاهزة للتأكد بأن كل الصيدليات تلتزم بقرار النقابة.
وقال “هناك نقص كبير في أدوية السرطان وبعض ادوية الأمراض المزمنة والمستعصية، إضافة إلى الارتفاع في أسعار الأدوية غير المدعومة”.
وعما اذا كانت الوكالات الاممية ستدعم لبنان بالادوية في حال حدوث حرب، افاد بأنه “لم يتكل على تلك المساعدات ولا يعتقد انها تكفي لاكثر من اشهر معدودة”.
وتابع: “حالة القطاع ستتدهور بالتأكيد، ولا يمكننا التنبؤ بما نحن قادرون على انجازه”، وشدد على ان واجب الحكومة اليوم هو أن تقوم بكامل جهدها لابعاد الحرب عن لبنان.
بدوره، أعلم وزير الصحة العامة فراس الابيض المواطنين قبل ايام عن بدء الوزارة بشكل تدريجي توزيع المساعدات الطبية من أدوية ومستلزمات والتي وصلت من منظمة الصحة العالمية على المستشفيات المستجيبة في المناطق الحدودية.
وذكر كل المستشفيات بضرورة رفع جهوزيتها على كافة الأصعدة للتعامل مع اي طارئ، مطلعا المجتمعين على الخطوات والإجراءات التي قامت بها الوزارة في هذا المجال.
من جهةٍ أخرى، أشاد الابيض “بصلابة القطاع الصحي الذي لا يزال صاما ويقدم الخدمات للمواطنين على الرغم من كل الظروف والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد في السنوات الاخيرة، من التصدي لوباء كورونا مرورا بانفجار مرفأ بيروت وصولا الى الازمة الاقتصادية الخانقة التي نمر بها حاليا”.
المعاناة الفعلية للمرضى
تفيد سحر، مواطنة لبنانية خمسينية تعيش في بيروت لـ”لبنان 24″، وهي تعاني من مرض ارتفاع ضغط الدم، وبسبب قدرتها المادية المحدودة لم تستطع تخزين بعضا من ادوية الضغط، وفضلت ان تصب بكل قدرتها المادية على تخزين ادوية ابنتها التي تعاني من داء الصرع، ورأت في هذه الخطوة الاستباقية الحل المناسب والمقدور عليه في حال وقعت الحرب وانقطعت الادوية.
اما كارمن، امرأة اربعينية، تسكن في منطقة الزلقا، وهي مصابة بسرطان الثدي، فتشير الى ان “معاناة مرضى السرطان في لبنان هذه الايام كبيرة بالاضافة الى هموم العلاجات والآلام”.
وتضيف: “معاناتي اصبحت نفسية وناجمة عن شعوري بالتخلي من ناحية المسؤولين وفشل السياسات الصحية القائمة في مواكبة المشكلة على مدى السنوات الماضية، وانعدام الأمل في أيجاد حلول قريبة للوضع المزري القائم، الأمر الذي يترك لدي شعوراً بالذنب واليأس وميلا نحو الاستسلام للمرض الخبيث”.