في اليوم الـ34 من الحرب الهمجية على قطاع غزة، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي مسلسل مجازره بحق الفلسطينيين والمباني والأحياء السكنية إضافة إلى المستشفيات حيث يحاول الوصول إلى مستشفى الشفاء التي يزعم أن قيادات عسكرية لحماس يحتمون في أنفاق تحتها، فيما تتصدى المقاومة لجحافل التوغل البري موقعة فيها خسائر في الجنود والآليات لتمنع الاحتلال المتغطرس والفاقد لوعيه بعد هجوم 7 تشرين الأول الكاسح حتى الآن من تحقيق إنجاز عسكري واحد في الميدان. وبينما أعلن البيت الأبيض أمس أن إسرائيل وافقت على هدنة ممسوخة لـ4 ساعات يوميا في شمال القطاع اعتبارا من أمس نفى الجيش الإسرائيلي وقف إطلاق النار وقال إن الحديث يدور عن “فترات توقف تكتيكية لأسباب إنسانية” ولتمكين اللاجئين الفلسطينيين من الفرار من القتال مع حماس إلى جنوب القطاع. ومن جانبها، نفت “حماس” التوصل إلى اتفاق هدنة مع الاحتلال، وقالت إن “المحادثات مستمرة ولم يتم التوصل إلى اتفاق حتى هذه اللحظة، وإذا ما تم أي اتفاق سيتم إعلان ذلك بوضوح لشعبنا”.
في الأثناء أجرى مدير الاستخبارات الأميركية “مباحثاات إيجابية” في الدوحة من أجل اتمام صفقة الأسرى لدي حماس.
وأعلنت وزارة الصحة في القطاع ارتفاع عدد الشهداء منذ بدء الحرب إلى 10 آلاف و812، بينهم 4412 طفلا و2918 امرأة ونحو 27 ألف مصاب فيما يتواصل القصف على مواقع عدة في القطاع بينما تدور معارك ضارية بين قوات الاحتلال و”كتائب القسام” داخل أحياء مدينة غزة. وأعلن جيش الاحتلال أمس مقتل 3 آخرين من جنوده منذ بدء العمليات البرية في غزة، لترتفع حصيلة الجنود القتلى منذ بدء عملياته البرية إلى 36 قتيلا، بينما الحصيلة الكلية منذ بدء الحرب بلغت 354 قتيلا من الجنود والضباط.
وقال وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت أمس إن “حماس يتلقى ضربة تلو الأخرى، فيما أن الجنود يواصلون التقدم وينفذون المهام بشكل ناجح، وبدورنا لن نوقف القتال حتى استعادة المختطفين والقضاء على حماس”.
وأضاف أن “الإرهابيين في الأنفاق أسفل مستشفى الشفاء يستمعون ضجيج الدبابات والجرافات وهم يرتجفون من الخوف، كما أن الجيش بدأ في استخدام أساليب جديدة هذه الأيام للتعامل مع الموجودين في الأنفاق وتدميرها”.
من جهته اعترض وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، على إعلان البيت الأبيض عن هدن إنسانية لأربع ساعات يوميا ورأى في منشور على منصىة “إكس”، أن “هذا خطأ خطير للغاية. وعلينا الاستمرار في القتال، في موازاة ممر لعبور السكان (الفلسطينيين) إلى الجنوب. والكابينيت المقلص ليس مخولا بالسماح بهدن من دون إعادة جميع المخطوفين”. وأضاف أنه سيطرح قرارات كهذه في اجتماع الكابينيت السياسي – الأمني الموسع.
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي قال في وقت سابق أمس إن إسرائيل ستطبق هدنة لمدة 4 ساعات في شمال قطاع غزة يومياً، واصفاً هذه الخطوة بأنها «في الاتجاه الصحيح».
وأضاف أن إسرائيل أبلغت أميركا بأنه لن تكون هناك عملية عسكرية في بعض المناطق، خلال فترات توقف في القتال تبدأ اليوم (أمس).
وأوضح: «سيكون هناك ممران إنسانيان سيسمحان للناس بالفرار من القتال في غزة»، معرباً عن قلق الولايات المتحدة من «احتمال منع حماس المدنيين من الفرار».
وأشار إلى أن أميركا تهدف لدخول ما لا يقل عن 150 شاحنة مساعدات إنسانية لغزة يومياً.
من جهته، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، للصحافيين، أمس إنه يسعى لوقف القتال ثلاثة أيام في غزة، ولمدة أطول من ذلك كثيراً ليتسنى إخراج المحتجَزين لدى حركة «حماس».
من جانبه قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أمس إن أي وقف للقتال في غزة لأغراض إنسانية يتعين تنسيقه مع المنظمة الدولية ويجب أن توافق عليه جميع أطراف الصراع “لكي يكون فعالا حقا”.
من جهة أخرى بثّت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، مقطع فيديو لفتى إسرائيلي يدعى يجيل يعقوب، يوجه حديثه لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويقول له إن القصف على قطاع غزة يتسبب بمقتل الأسرى الإسرائيليين، وإن قطع المياه والكهرباء والدواء عن القطاع يؤثر على المحتجزين في غزة بدورهم.
وكان المتحدث باسم «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أعلن أن 60 محتجزاً لدى حركته قد لقوا حتفهم نتيجة القصف الإسرائيلي، مشيراً إلى أن جثامين بعضهم ما زالت تحت الأنقاض، ويتعذر سحبها بسبب القصف المتواصل.
وأضاف إن مجندة إسرائيلية كانت محتجزة في غزة قتلت وأصيب جندي آخر محتجز في غارة جوية إسرائيلية أمس.
ووصفت إسرائيل المقاطع المصورة لرهينتين محتجزتين في غزة بأنها علامة مهمة على بقائهما على قيد الحياة، لكنها أحجمت عن التعليق على ما إذا كان سيُطلق سراحهما، قائلة إن ذلك سيجعلها تدخل “الحرب النفسية” التي يفرضها محتجزو الرهائن.
وقال الأميرال دانيال هاغاري كبير المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي “هذه علامة على الحياة، وهي مهمة”، وذلك عند سؤاله عن الامرأة العجوز والطفل اللذين تحتجزهما حركة الجهاد الإسلامي.
وأضاف “سأتجاهل للحظة مسألة الإفراج عنهما… سنكون أول من يبلغ الأسر قبل حدوث أي شيء”.
وفيما يجري الحديث عن صفقة لإطلاق سراح عدد كبير من “الرهائن” في غزة قال الاحتلال إنها “ستستغرق أسبوعا على الأقل” بحسب ما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول كبير أفاد بيان أصدرته حركة حماس بأن مسؤولين كبارا في الحركة، بينهم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي في الداخل وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي في الخارج، وصل إلى القاهرة أمس للبحث بشأن الأوضاع في غزة. وجاء في البيان أن “الوفد الرفيع المستوى اجتمع مع اللواء عباس كامل رئيس جهاز المخابرات المصرية العامة وتم التباحث بشأن الأوضاع الراهنة في قطاع غزة الذي تديره حماس”.
وفي السياق نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤولين مطلعين أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز التقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وأجرى معه “محادثات إيجابية، وتم إحراز تقدم”، في إشارة إلى المفاوضات الجارية بوساطة قطرية لإطلاق سراح محتجزين لدى المقاومة في غزة.
ميدانيا استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء أمس محيط المستشفى الإندونيسي في شمال قطاع غزة ما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى.
ونشر صحفي فلسطيني مقطع فيديو وثق من خلاله لحظة استهداف محيط المستشفى الأندونيسي بغارات عنيفة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال مدير المستشفى الإندونيسي في القطاع عاطف الكحلوت في مقابلة مع الجزيرة أن محيط المستشفى تعرض لقصف بـ11 صاروخا إسرائيليا أمس مشيرا إلى أن المستشفى سيتوقف خلال 24 ساعة عن العمل نتيجة نفاد الوقود مؤكدا “لن نتخلى عن دورنا وعن معالجة جرحانا”.
وقالت حركة “حماس” في بيان لها إن “الاحتلال شن اليوم (أمس) سلسلة غارات حول المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة ليوقع عشرات الشهداء والجرحى ويتسبب بحالة من الذعر بين المرضى والجرحى وآلاف النازحين فيه، ليمضي في دورة جرائمه الفاشية بعد استهداف مستشفيي النصر والرنتيسي للأطفال بقصف طال الأقسام الداخلية فيهما، والتسبب بخروج بنك الدم في غزة عن الخدمة”.
وأضافت أن “المجتمع الدولي الذي يقف اليوم شاهدا على انتهاكات غير مسبوقة لكافة قوانين الحرب والاتفاقيات الدولية، ومن ضمنها حماية المرافق المدنية وأهمها المستشفيات، مطالب بالوقوف عند مسؤولياته وأن يعلي الصوت في وجه هذه الغطرسة التي تستند إلى دعم فج من الإدارة الأميركية، ولوقف حرب الإبادة التي تشن على المدنيين في قطاع غزة لإرهابهم وتهجيرهم قسرا عن أرضهم وبيوتهم”.
إلى ذلك دارت اشتباكات ضارية بين عناصر المقاومة الفلسطينية وقوات إسرائيلية في حي النصر شمال غرب مدينة غزة، وسمع دوي انفجارات واشتباكات عنيفة في منطقة مجمع أنصار الحكومي جنوب غرب المدينة فيما حاولت الدبابات الإسرائيلية التقدم في محوري جنوب وشمال غزة.
وفي الضفة دارت معركة لساعات بين قوات الاحتلال ومسلحين فلسطينيين في مخيم جنين استشهد فيها 14 فلسطينيا في واحدة من أعنف الاشتباكات في الضفة الغربية المحتلة منذ أشهر، بحسب وكالة «رويترز».
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن أربعة فلسطينيين آخرين استشهدوا على أيدي جنود إسرائيليين في حوادث منفصلة في أنحاء الضفة الغربية، في تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على خلفية الحرب الإسرائيلية على حركة «حماس» في قطاع غزة.
وقال شهود عيان إن دوي إطلاق النار ظل يتردد لساعات بينما كانت القوات الإسرائيلية تقاتل مسلحين في شوارع جنين ومخيم اللاجئين المجاور لها، حيث يتمركز مئات المسلحين. وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ مداهمات «لمكافحة الإرهاب» في جنين واستخدم طائرة مسيرة لضرب مجموعة من المسلحين. وأضاف أنه ألقى القبض على 20 مشتبهاً بهم في المداهمة وصادر أسلحة وذخائر.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن من بين الشهداء فتى يبلغ من العمر 15 عاماً. واندلعت اشتباكات أيضاً في أماكن أخرى بالضفة الغربية، حيث وردت أنباء عن سقوط شهداء بالقرب من بيت لحم ونابلس والخليل، وكذلك على مشارف رام الله المدينة الرئيسية في الضفة.
واستشهد 178 فلسطينياً على الأقل في الضفة الغربية منذ هجوم السابع من تشرين الأول على إسرائيل بحسب إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية.
إلى ذلك قال الجيش الإسرائيلي إن طائرة مسيرة مجهولة أصابت مبنى في مدينة إيلات في الجنوب.
وأفادت خدمات الطوارئ بعدم وقوع إصابات وبأن الهجوم أحدث أضرارا طفيفة فقط.
وقال الجيش في بيان “هوية الطائرة المسيرة وتفاصيل الواقعة قيد المراجعة”.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدعي قال إن الدفاعات الجوية اعترضت، أمس صاروخاً أطلق من اليمن نحو إسرائيل.
وأضاف أدرعي في تغريدة على موقع إكس (تويتر سابقاً): “إطلاق صاروخ من اليمن نحو إسرائيل حيث تم اعتراضه بنجاح من قبل الدفاعات الجوية عبر نظام السهم حيتس لاعتراض صواريخ بعيدة المدى. الهدف لم يخرق الأجواء الإسرائيلي”.
على صعيد آخر قالت الرئاسة الفرنسية، أمس إن المساعدات لقطاع غزة تجاوزت مليار يورو خلال المؤتمر الإنساني بشأن غزة في باريس.
وفي معبر قالت مصادر أمنية وطبية مصرية أمس إن عمليات الإجلاء من قطاع غزة إلى مصر لحاملي جوازات السفر الأجنبية والفلسطينيين الذين يحتاجون إلى علاج طبي، استؤنفت عبر بعد تعليقها ليوم واحد.
وقال مصدر أمني مصري إن 695 من الأجانب ومزدوجي الجنسية عبروا من القطاع غزة إلى مصر.
وأضاف المصدر الأمني أن من بين هؤلاء عدداً من المصريين وجنسيات أخرى و8 أشخاص يعملون لمصلحة منظمة «أطباء بلا حدود».
(الوكالات)