} حسن حردان-البناء
غطت المشاهد التي عرضتها بالأمس كتائب الشهيد عز الدين القسام باستهداف جنود العدو في بيت حانون عبر القنص وقدائف TBG، وتفجير عبوة ناسفة على مدخل نفق بثلاثة جنود للعدو، وإيقاع أعداد كبيرة منهم بين قتيل وجريح، واستمرار المقاومة بقصف تل أبيب ومستوطنات غلاف غزة بالصواريخ، غطت على غيرها من الأحداث، وخطفت الأضواء، لما أشرت إليه من دلالات، بعد 42 يومياً على بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وأكثر من أسبوعين على الهجوم البري على شمال قطاع غزة، وبعد أن أعلن الناطق العسكري الإسرائيلي عن إنجازات حققها في العديد من المناطق وان جنود النخبة يقومون بعمليات تطهير فيها، ويبحثون عن الإنفاق لتفجيرها وكذلك اماكن منصات الصواريخ…
الدلالة الأولى، انّ رجال المقاومة من وحدات النخبة في القسام ما زالوا يملكون اليد العليا وزمام المبادرة في الميدان، ويتحركون بحرية في كلّ محاور القتال، وينتظرون جنود العدو للانقضاض عليهم لحظة دخولهم إلى مصيدتهم…
على انّ المقاومين يظهرون براعة وقدرة قتالية عالية، فردياً وجماعياً.. وتحقيق النتائج الفعّالة في إلحاق الخسائر الفادحة في صفوف العدو… ما يؤشر إلى:
1 ـ انّ المقاومة تقاتل لليوم الـ 42 بقوة ومن دون أن تظهر عليها أيّ علامات ضعف، ويدلل على مهارة المقاومين، وبسالتهم، وجرأتهم على قتال جنود العدو من مسافة صفر.
2 ـ التدريب العالي المستوى الذي خضع له المقاومون على مدى سنوات ليكونوا بهذه الجاهزية على خوض حرب الشوارع وحرب المدن في مواجهة جيش يُعتبر من الجيوش القوية في العالم، ويملك أحدث الأسلحة، وخضع جنوده لتدريب عال المستوى.
الدلالة الثانية، تأكيد بالصوت والصورة باأنّ الأماكن التي دخل اليها جيش الاحتلال وزعم سيطرته عليها، ما زالت تدور فيها الاشتباكات ما يعني أنه غير مسيطر فيها حتى الآن.. والمقاومة تشنّ الهجمات ضدّ قواته وتصطاد جنوده.. مما يؤكد أنّ مزاعم العدو عن سيطرته على مناطق وأنه يقوم بعمليات تطهير ما هي إلا ادعاءات لا اساس لها، لا سيما أنّ المقاومة نشرت فيديوات تؤكد مجدّداً صحة ما تقوله، وكذب بلاغات المتحدث العسكري الصهيوني.
الدلالة الثالثة، هذه المشاهد التي تعرضها المقاومة تؤكد على صدقية ما تقوله، مما يترك تأثيراً كبيراً على «المجتمع الإسرائيلي» عندما يشاهد فيديوات تظهر قوة المقاومة وعجز جيش الاحتلال على تحقيق أهدافه، ويؤدي إلى زيادة انعدام الثقة بقدرة جيشه على تحقيق النصر.. وجدوى العملية البرية.
الدلالة الرابعة، انّ استمرار الحرب لوقت طويل من دون القدرة على تحقيق الأهداف، وفي ظلّ استمرار المعارك الضارية، يؤدّي الى:
1 ـ ازدياد عزلة كيان الاحتلال على الصعيد العالمي، وتزايد الضغوط الدولية على واشنطن وتل أبيب لوقف الحرب..
2 ـ التسبّب في إرباك وتخبّط حكومة الحرب، وزيادة حدة المعضلة الكبيرة التي تواجهها، في ظلّ عدم القدرة على تحقيق أهداف حربها.
3 ـ زيادة الانقسام الداخلي وارتفاع منسوب قلق عائلات الأسرى من فشل الجيش في قدرته على تحقيق إنجاز يقود إلى إطلاق الأسرى، بل وتعريضهم لمزيد من الأخطار.. مما يزيد من غضبهم وتشديد ضغطهم على الحكومة لوقف النار وعقد صفقة لتبادل الأسرى…
الدلالة الخامسة، إطالة الحرب سيزيد من كلفتها المادية والاقتصادية والتي تقدّر يومياً بـ 250 مليون دولار، وهو ما دفع جهاز الأمن الإسرائيلي إلى دراسة قرار تقليص قوات الاحتياط التي تمّ استدعاؤها بسبب الكلفة الاقتصادية.
من هنا يمكن القول انّ المقاومة استطاعت أن تغيّر قواعد اللعبة في الميدان، وتدير الحرب النفسية من خلال الاستمرار في عرض مثل هذه المشاهد الصادمة لجيش الاحتلال وأركان حكومة العدو والمجتمع الصهيوني.. ولهذا فإنّ الإعلام الإسرائيلي يحاول جاهداً حجب هذه المشاهد للحدّ من تأثيرها على الداخل الإسرائيلي، الذي تصل إليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.. على انّ موافقة حكومة العدو على إدخال حاويتين من الوقود يومياً الى قطاع غزة، من أجل المنظمات الدولية، بزعم الخشية من نشر الأمراض وتعرّض جنود الجيش الإسرائيلي للإصابة بها، إنما تعكس بداية خضوع حكومة الحرب للضغط الدولي، وسقوط أحد لاءات نتنياهو بعدم إدخال الوقود قبل إطلاق الأسرى، في حين انّ قرار حكومة الحرب أدّى إلى تفجر الخلافات مع وزراء اليمين المتطرف الذين اعترضوا على القرار وطلبوا التراجع عنه، وهو ما دفع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى محاولة احتواء الموقف عبر الدعوة إلى اجتماع للمجلس الوزاري المصغر لشرح خلفيات القرار والحيلولة دون حصول أزمة حكومية تهدّد وجود حكومته.