ويناقش الحلفاء الغربيون سبل “تشديد” العقوبات الرئيسية” مع تحايل موسكو على القيود المفروضة على النفط الخام المنقول بحراً، طبقاً لما ذكره تقرير لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، أشار في الوقت نفسه إلى أن الإحصاءات الروسية الرسمية بشأن مبيعات النفط في شهر تشرين الأول الماضي، تكشف عن أن متوسط السعر بالنسبة للنفط الروسي كان أعلى من 80 دولاراً للبرميل، وهو ما يدعم هذه المخاوف التي يتحدث بشأنها مسؤولون غربيون والمرتبطة بـ “التحايل على العقوبات”.
وزارة الخزانة الأميركية، عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، خاطبت 30 شركة مختصة في إدارة السفن، بشأن ما تقول واشنطن إنه “انتهاكات روسية مرتبطة بصادرات النفط”.
وتضمنت المخاطبات الأميركية للشركات المذكورة بيانات حول 100 سفينة قالت واشنطن إنها تنقل نفط روسيا “بأسعار أعلى من السقف السعري الذي يفرضه الغرب على النفط الروسي”.
في شهر كانون الأول من العام الماضي 2022، فرض الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وأستراليا سقفاً لأسعار النفط الروسي عند 60 دولاراً للبرميل بالنسبة للشحنات المنقولة بحراً، وذلك ضمن الخطوات “العقابية” التي اتخذها الغرب ضد روسيا، في ظل الحرب القائمة في أوكرانيا منذ الرابع والعشرين من شهر فبراير من العام الماضي.
وأسهم ذلك في إعادة رسم خارطة صادرات النفط الروسية بشكل أو بآخر، لتستفيد من ذلك الهند والصين، لجهة حصولهما على النفط الروسي الذي كان يصل معظمه إلى دول القارة العجوز.
ولا يعتقد الأستاذ في مدرسة موسكو العليا للاقتصاد رامي القليوبي، بأن يكون لتلك التحقيقات التي تجريها الولايات المتحدة من خلال مساءلة هذا العدد من الشركات، أي تأثيرات على إمدادات روسيا من النفط.
ويعد ذلك “أسرع وتيرة نمو منذ أكثر من عقد من الزمن، باستثناء الارتفاع المفاجئ عندما خرجت روسيا من عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا”. لكن في المقابل، فإن البيانات الروسية تكشف عن تراجع عائدات الميزانية من النفط والغاز بنسبة 47 بالمئة إلى 3.38 تريليون روبل (37.4 مليار دولار) في النصف الأول من العام الجاري 2023 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك بسبب تراجع عوائد الضرائب جراء تدني الأسعار وتقلص حجم المبيعات.
كذلك، تشير بيانات وكالة الطاقة الدولية، إلى أن عائدات (إيرادات) روسيا من النفط في شهر تشرين الأول الماضي، تراجعت للمرة الأولى في أربعة أشهر مع انخفاض أسعار أسعار النفط وتراجع الكميات المصدرة، لتحقق 18.34 مليار دولار (بتراجع 25 مليون دولار على أساس شهري).
وفي هذا السياق، يقول القليوبي، في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “إن ما يؤثر فعلياً على الوضع المالي لروسيا وعائدات النفط، هو اعتمادها على الهند، التي تدفع قيمة النفط الروسي بالروبية الهندية، وبما أدى إلى تراكم ما يعادل أكثر من 30 مليار دولار في الحسابات الهندية، إذا كانت روسيا قد استطاعت الحصول عليهم بالدولار لشكل ذلك دعماً مهماً وكبيراً للموازنة والروبل، لكن تراكمها في الهند وعدم دخولها المالية الروسية أدى لهذه الخسارة.
ويشار هنا إلى أن صادرات روسيا النفطية إلى الهند زادت 22 مرة في 2022 في مؤشر إلى تحولها إلى عمالقة القارة الآسيوية في خضم النزاع في أوكرانيا.
وفي العام الماضي 2022 ارتفعت إيرادات ميزانية روسيا من النفط والغاز بنسبة 28 بالمئة ما يعادل 2.5 تريليون روبل (حوالي 36.71 مليار دولار)، بحسب نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك.
ويشدد الأستاذ في مدرسة موسكو العليا للاقتصاد، على أن روسيا في المقابل تواصل التوسع في السوق الآسيوية بشكل كبير فيما يخص صادرات النفط، مستشهداً بما ذكرته إحدى الصحف الروسية أخيراً بخصوص إرسال 3 شحنات إلى باكستان، من المفترض أن يتم سداد قيمتها باليوان الصيني.
ويوضح أن موسكو تعتمد على اليوان ضمن العملات الرئيسية كاحتياطي، لاعتبارها أن اليورو والدولار عملتان سامتان؛ نظراً لما يرتبط بهمها من مخاطر حول تحجيم الأصول، في ظل العقوبات المفروضة على روسيا.
ويسعى الرئيس فلاديمير بوتين، إلى تعزيز علاقات أوسع مع دول آسيوية، على رأسها الصين والهند، وذلك في مواجهة خفض فيه الاتحاد الأوروبي الروابط التجارية مع بلاده، وبشكل خاص ما يرتبط بواردات النفط والغاز، التي تعرضت لجولات متكررة من العقوبات.
وكانت روسيا قد أقرت خفضين منفصلين في إمدادات النفط؛ الأول في شهر نيسان (قالت إنها ستخفض إنتاج الخام 500 ألف برميل يومياً حتى نهاية عام 2024)، والثاني في آب (قالت إنها ستخفض الصادرات 300 ألف برميل يوميا حتى نهاية 2023).