لليوم الثاني من هدنة غزة، خيم الهدوء النسبي على الجنوب اللبناني وسط اجواء من الحذر والترقب بانتظار انتهاء تبادل الدفعة الاولى من الاسرى بين حركة حماس والعدو الاسرائيلي ومعرفة مصير الجهود المبذولة لتمديد هذه الهدنة والاتفاق على تبادل دفعة ثانية من الاسرى.

ووسط هذه الاجواء برز امس اعتداء جيش العدو الاسرائيلي على دورية تابعة لقوات اليونيفيل في الجنوب. وقال الناطق باسم هذه القوات اندريا تينتي ان الدورية تعرضت لنيران الجيش الاسرائيلي في محيط عيترون من دون ان يصاب احد باذى، لكنه اشار الى تضرر احدى الاليات العسكرية.

واكد « ان هذا الهجوم على قوات حفظ السلام امر مثير للقلق العميق. ونحن اذ ندين هذا العمل نؤكد مسؤولية الاطراف في حماية قوات حفظ السلام «.

واطلقت صباح امس صفارات الانذار في الجليل، وقال جيش العدو انه جرى اعتراض صاروخ ارض جو انطلق من لبنان باتجاه مسيرة اسرائيلية».

وحول الوضع في الجنوب قال مصدر سياسي امس لـ»الديار « ان الحذر والترقب يبقى سائدا، وان الهدوء مرهون بوقف اطلاق النار في غزة وتوقف الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب.

واضاف ان المقاومة اثبتت انها جاهزة لمواجهة العدو على مدى الايام الـ ٤٨ من المعركة، وانها مستعدة دائما لكل الاحتمالات».

وفي اطار المساعي الجارية لتمديد هدنة غزة وترتيب عملية تبادل جديدة بعد انتهاء العملية الجارية، اجرى وفد قطري امس مباحثات في الكيان الاسرائيلي محادثات مع مسؤولين اسرائيليين لهذه الغاية.

ولم تستبعد مصادر دبلوماسية ان يصار الى تمديد الهدنة. وكان الرئيس الاميركي جون بايدن اعلن اول امس « ان هناك فرصة فعلية لتمديد هدنة غزة».

وافادت وكالة رويترز امس نقلا عن مصدر رسمي مصري بان «القاهرة تلقت اشارات ايجابية لتمديد هدنة غزة ليوم او يومين اضافيين».

ولوحظ ان لهجة قيادات العدو وتهديداتهم رغم تصريح رئيس اركان جيش العدو المتكرر تراجعت امس، خصوصا بعد انكشاف ادعاءاتهم بتحقيق انجازات ميدانية وعسكرية في غزة وضرب البنية التحتية لحماس. فقد ظهرت حماس والمقاومة في غزة مع اليوم الاول من تبادل الاسرى انها ما زالت تمتلك زمام المبادرة في القطاع، وتعاملت بكل دقة وتنظيم مع العملية.

وواجهت عملية تبادل الاسرى امس صعوبات وتاخير بسبب عدم تقيد العدو الاسرائيلي بعايير اطلاق الاسرى المتفق عليها، وعدم دخول شاحنات الاغاثة الى القطاع كما هو متفق.

وقد ادى ذلك الى اعلان حركة حماس عن تاخير عملية التبادل. لكن اذاعة العدو قالت ان تاخير اطلاق الاسرى سيحل قريبا. ووصفت احدى المحطات الاسرائيلية اسباب التاخير هي اسباب فنية.

وقالت لاحقا ان اسرائيل اوفت بتعهدها متهمة حماس بانها تحرج نفسها والوسطاء. وهددت باستئناف عملياتها العسكرية.

لودريان في بيروت للخرق بالملف الرئاسي

ومع الهدوء الحذر الذي يسود الجنوب بموازاة سريان الهدنة في غزة، تبرز زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لبيروت لاستئناف تحريك ملف الاستحقاق الرئاسي بعد جمود غير قصير.

وفي هذا المجال قال مصدر مطلع لـ « الديار» امس ان مواعيد حددت للقائه مسؤولين وقيادات سياسية لبنانية الاسبوع المقبل، وانه سيجتمع الاربعاء مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وسيكون له لقاء مماثل مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي.

وعما سيحمله لودريان في شان الملف الرئاسي قال المصدر انه لم يرشح اي شيء عن فحوى زيارته، لكن الاجواء التي تسبق زيارته لا تدل على انه يحمل مبادرة جديدة، وبالتالي من الصعب التكهن مسبقا في هذا الشأن.

لكن المصدر كشف ان باريس من خلال استئناف مهمة لودريان اليوم ترى ان من الواجب والضروري القيام بمزيد من الجهد والضغط لاعادة تفعيل وتسريع الملف الرئاسي اللبناني وانه لا يجب انتظار نهاية حرب غزة.

ووفق الاجواء الفرنسية المحيطة بزيارة لودريان فان باريس تعتقد انه من الممكن احداث خرق جديد في جدار ازمة الاستحقاق الرئاسي اللبناني في هذه المرحلة، لكن من المهم ايضا ان يدرك اللبنانيون ان لا احد يستطيع ان يحل محلهم وان المسؤولية في انتخاب رئيس للجمهورية تقع على عاتق النواب وسائر الكتل النيابية.

ويلفت الفرنسيون الى ان لبنان لا يحضر مؤتمرات اقليمية عديدة ويغيب عنها بسبب الشغور الرئاسي، وانه من الضروري ان يستعيد دوره في هذا الشأن، وهذا يتطلب انتخاب رئيس الجمهورية.

السفير الفرنسي ولجنة الصداقة

وعلمت « الديار» ان السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو تطرق خلال لقائه مع رئيس واعضاء لجنة الصداقة البرلمانية اللبنانية الفرنسية الخميس الماضي الى زيارة لودريان، مؤكدا ان هناك تنسيقا بين فرنسا وكل من قطر والسعودية في شان التحرك حول الملف الرئاسي اللبناني، وان تحرك الموفد الفرنسي يحظى بدعم المجموعة الخماسية.

واعرب بعض اعضاء اللجنة عن انهم اصيبوا بصدمة من الموقف الفرنسي ازاء حرب غزة، لكن السفير ماغرو برر في مداخلة مطولة الموقف الفرنسي بان عملية حماس ادت الى مقتل عدد من الفرنسيين واختطاف اخرين وانها طاولت الكثير من المدنيين، لكنه اشار الى توازن الموقف الفرنسي لاحقا مؤكدا على دعم باريس لإسرائيل في الدفاع عن نفسه وتاييدها في الوقت نفسه لحق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة.

ولفت ايضا الى ان فرنسا تدعم تحويل الهدنة الانسانية الى وقف اطلاق نار دائم، والانصراف بعد ذلك الى تفعيل العمل لحل سياسي يرتكز على اساس الدولتين.

وحرص على تاكيد العلاقة التاريخية والمتينة بين فرنسا ولبنان، وان باريس تدعم وتعمل على استقرار وسلامة لبنان.

مرجع بارز : اجواء تحريك جديد

وفي شان زيارة لودريان نقلت مصادر مطلعة للديار عن مرجع بارز قوله ان هناك اجواء تدل على تحريك الملف الرئاسي مجددا ليس على الصعيد الفرنسي فحسب بل ايضا على صعيد التحرك القطري ايضا، لكن من السابق لاوانه معرفة نتائج هذا التحريك او المدى الذي سيأخذه للوصول الى حسم الاستحقاق الرئاسي.

واضاف المرجع ان الفرصة دائما متاحة لتحقيق تقدم في هذا الملف اذا ما غلبنا لغة الحوار والتلاقي على المناكدات والمصالح السياسية الضيقة.

زيادة وتيرة التحرك القطري قريبا

وفي سياق متصل قالت مصادر نيابية للديار ان الدوحة في صدد تفعيل تحركها حول رئاسة الجمهورية قريبا، مشيرة الى نجاحها في مسار تبادل الاسرى والهدنة في غزة من شانه ان يفتح الباب اكثر امام زيادة وتيرة التحرك القطري باتجاه لبنان لاحراز تقدم جدي نحو انتخاب رئيس للجمهورية.

وردا على سؤال اوضحت انه من السابق لاوانه الحديث عن ترجيح خيار او اسم على اسم اخر، مشيرة الى ان الوضع ما زال مفتوحا على احتمالات عديدة، ومن الصعب انقشاع المشهد قبل اوائل العام المقبل.

حزب الله : للتعاون من اجل الخروج من الفراغ الرئاسي

وامس قال رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك « على الجميع ان يدركوا وان يتعاونوا من اجل الخروج من الفراغ، فراغ رئاسة الجمهورية وايضا استحقاقات اخرى سواء قيادة الجيش او غيرها. فعندما ينتظم الرأس بانتخاب رئيس الجمهورية سوف تنتظم المؤسسات. وليس على اللبنانيين الا ان يلتقوا ويتفاهموا من اجل انتخاب رئيس للجمهورية لكل اللبنانيين ينطلق من مصلحة لبنان ولخير اللبنانيين».

مصير قيادة الجيش

وعلى صعيد ملف قيادة الجيش، قال مصدر وزاري لـ «الديار» امس انه لم تتم الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء الاثنين (غدا)، وانه من غير المستبعد انعقادها الاربعاء او الخميس.

لكنه لفت الى انه لم يطرأ اي جديد على صعيد السعي لايجاد مخرج حول مصير قيادة الجيش، قائلا ان الطبخة لم تنضج بعد وهناك فتاوى عديدة قيد التداول وتحتاج الى مزيد من الاخذ والرد.

واضاف ان المواقف ما زالت على حالها، مشيرا الى انه في حال تعذر الحل عبر الحكومة فان الامور ستذهب الى المجلس النيابي الذي يتوقع ان يعقد جلسة تشريعية في منتصف كانون الاول المقبل.

واوضح ردا على سؤال ان ملف قيادة الجيش ما زال يواجه بعض العقبات ليس على صعيد صعوبات المخارج فحسب بل ايضا على صعيد مواقف الاطراف لا سيما المسيحية.

وقال ان هناك اشكاليات وعقبات داخل الحكومة تعترض حتى الان صيغة تاجيل تسريح العماد جوزاف عون منها امتناع وزير الدفاع عن المبادرة في هذا الاتجاه وخطر الطعن لدى مجلس الشورى، لافتا ايضا الى ان رئيس الحكومة يتريث بالسير في هذا الخيار رغم تاييده التمديد لقائد الجيش.

وبالنسبة لخيار تعيين قائد جديد للجيش قال مصدر نيابي مطلع للديار ان فرص هذا الخيار ضعيفة لاسباب عديدة منها:

– معارضة بكركي وقوى مسيحية عديدة للتعيين في غياب رئيس الجمهورية.

– حرص القوى السياسية السنية والشيعية على عدم سلوك هذا الخيار واثارة اشكاليات حول هذا الموضوع، خصوصا ان تاييد طرف مسيحي للتعيين مشروط حتى الان بتوقيع الـ٢٤ وزيرا، وهو الامر الذي لا يحظى بموافقة اكثرية الحكومة.

ويشير المصدر الى ان هناك سيناريوهين متداولين في الوقت الراهن للحل عبر الحكومة : الاول يقضي بتاجيل تسريح العماد عون ستة اشهر بقرار من مجلس الوزراء وتجاوز وزير الدفاع بفتوى يجري اعدادها. والثاني يقضي بتعيين رئيس اركان جديد يتولى مهمة قيادة الجيش بعد انتهاء ولاية العماد عون في ١٠ كانون الثاني المقبل.

وفي حال استمرار المراوحة داخل الحكومة، يتوقع ان ينتقل الملف الى مجلس النواب في جلسة تشريعية مرتقبة في منتصف الشهر الجاري. وسيكون هذا الموضوع من بين البنود الكثيرة التي سيتضمنها جدول اعمالها، ولن يكون البند الاول باعتبار ان الاولوية هي لمشاريع القوانين واقتراحات القوانين العادية قبل الاقتراحات المعجلة المكررة.

وبرأي المصدر النيابي ان تاخير تسريح العماد عون اذا ما اقر لن يكون اكثر من ستة اشهر.

ميقاتي يلتقي اردوغان

من جهة ثانية زار الرئيس ميقاتي امس تركيا، واستقبله الرئيس رجب طيب اردوغان في مكتب رئاسة الجمهورية في قصر دولمة في اسطنبول، وبحثا التطورات الراهنة وتداعيات حرب غزة والوضع المتوتر في جنوب لبنان والاعتداءات الاسرائيلية عليه.

وقالت مصادر وزارية للديار ان ميقاتي كان التقى اردوغان على هامش القمة العربية الاسلامية، واتفقا على اللقاء.

واضافت ان الزيارة لتركيا تندرج في اطار التحرك الذي قام ويقوم به رئيس حكومة تصريف الاعمال لمواكبة التطورات الخطيرة في المنطقة جراء العدوان الاسرائيلي على غزة، ولشرح الموقف اللبناني ووقف الاعتداءات الاسرائيلية.

وشدد اردوغان خلال اللقاء على « ان اكثر الدول تأثرا بحرب غزة هو لبنان. ونتمنى استمرار الهدنة لكي يبقى لبنان امنا هادئا».

وقال ميقاتي « اننا نعول على مساعي الدول الصديقة لاحداث خرق في جدار الازمة القائمة والعمل على احلال السلام وعودة الهدوء الى جنوب لبنان».