اكتملت الدفعة الثالثة من عملية تبادل الأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية «حماس» في اليوم الثالث من اتفاق الهدنة، بينما تكثفت الاتصالات أمس من أجل تمديد الهدنة في وقت أعلن جيش الاحتلال أنه صادق على خطط رئيس الأركان هرتسي هليفي، “لمواصلة القتال” بعد انتهاء الهدنة.
وفيما تتجه الأمور نحو تمديد الهدنة ما يفضح مناورات الاحتلال ويكشف مدى جرائمه ضد الإنسانية على الأرض في غزة قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ لشبكة “سي إن إن” الأميركية، إن إسرائيل ستمدد الهدنة إذا أطلقت حماس سراح مزيد من المحتجزين الإسرائيليين.وأضاف أن الهدنة ستمدد يوما إضافيا مقابل كل 10 محتجزين إسرائيليين تطلق حماس سراحهم. من جهته قال مصدر مقرب من “حماس” إن الحركة موافقة على تمديد الهدنة “بين يومين و4 أيام”، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية “فرانس برس”.
وفي وقت لاحق قال بيان للبيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتفقا على مواصل العمل للإفراج عن جميع الأسرى مضيفا إلى أنهما ناقشا وقف القتال وزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأكد نتانياهو، أنه أبلغ بايدن بأن إسرائيل ستستأنف حملتها في غزة، بكل قوة بعد الهدنة مضيفا أنه سيرحب بتمديد الهدنة إذا سهلت إطلاق سراح 10 رهائن إضافيين كل يوم.
وأمس سلمت كتائب “القسام” 13 أسيرا إسرائيليا و3 محتجزين تايلنديين ومحتجز روسي إلى الصليب الأحمر بينما أعلنت سلطة إدارة السجون الإسرائيلية الإفراج عن 39 أسيرا فلسطينياً.
وقال التلفزيون الفلسطيني إن حافلة المفرج عنهم من إسرائيل خرجت من سجن عوفر في طريقها إلى رام الله بالضفة الغربية.
وقال الصحفي إسماعيل الغول إن عملية تسليم الدفعة الثالثة من الأسرى الإسرائيليين تمت في قلب مدينة غزة وبحضور جماهيري وبسهولة تامة.
وأضاف الغول أن عناصر كتائب القسام كانوا حاضرين وسط مدينة غزة وقاموا باستعراض قوة خلال التسليم، مؤكدا أنه لم يعلن مسبقا عن تسليم الأسرى وأن عناصر القسام ظهروا فجأة.
وقالت حركة «حماس» في بيان، بأنها تسعى لتمديد الهدنة بعد انتهاء مدة الأربعة أيام، من خلال البحث «الجاد» لزيادة عدد المفرج عنهم من المحتجزين، كما ورد في اتفاق الهدنة الإنسانية.
وكانت مصادر مطلعة لـ«وكالة أنباء العالم العربي» أعلنت في وقت سابق أمس إن الوسطاء المصريين والقطريين بدأوا اتصالات مجدداً مع الجانب الإسرائيلي وحركة «حماس» لتمديد اتفاق الهدنة بين الجانبين، الذي ينتهي صباح غد.
وحسب المصادر فإن الطرح الحالي هو التمديد لأربعة أيام إضافية مقابل الإفراج عن نحو 50 إسرائيلياً محتجزاً في قطاع غزة، و150 فلسطينياً من المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وهي الأعداد نفسها التي تم التوافق عليها في الهدنة الحالية.
إلى ذلك قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، إن جميع الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية ضمن الدفعة الثالثة لاتفاقية تبادل الأسرى هم من القصر.
وأضاف الأنصاري، في تغريدة على موقع إكس، أن الإسرائيليين المفرج عنهم من غزة هم 9 أطفال و4 نساء، ويشملون شخصين يحملون الجنسية الأميركية وشخصين من المجر.
من جهته، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن حماس أفرجت عن طفلة أميركية تبلغ من العمر 4 سنوات، وتوقع بايدن أن تطلق حماس سراح المزيد من الأميركيين.
وقال أيضا في مؤتمر صحفي في ماساتشوستس، أنه يأمل أن تستمر الهدنة في غزة إلى “ما بعد غد” (اليوم)؛ من أجل دخول المساعدات وإطلاق سراح الرهائن المتواجدين في غزة.
وفي المجموع، تكون حماس قد سلمت يومي الجمعة والسبت الى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 26 رهينة إسرائيلية يحمل بعضهم جنسية أخرى، بينما أطلقت إسرائيل سراح 78 أسيرا فلسطينيا. وكل المفرج عنهم هم من النساء والأطفال.
كما أطلقت حماس على مدى اليومين الماضيين سراح 15 من الأجانب غير الإسرائيليين، في إجراء لم يكن مدرجا في الاتفاق.
وينص الاتفاق الذي تمّ بوساطة قطرية ومشاركة الولايات المتحدة ومصر، على الإفراج عن خمسين أسيرا لدى حماس في مقابل إطلاق سراح 150 أسيرا فلسطينيا على مدار الأيام الأربعة للهدنة القابلة للتجديد.
وتؤكد السلطات الإسرائيلية أن نحو 240 شخصا أخذوا أسرى خلال هجوم حماس ونقلوا الى داخل قطاع غزة بينما يقبع في السجون الإسرائيلية قرابة سبعة آلاف معتقل فلسطيني، وفق أرقام نادي الأسير الفلسطيني.
وجاء الإفراج عن الأسرى السبت بعد تأخير لساعات قالت حماس إن سببه عدم التزام إسرائيل ببنود الاتفاق. ونفى المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دورون سبيلمان ذلك، مشيرا الى أن حماس تعتمد “تكتيك المماطلة” في إطار “الحرب النفسية”.
وأفرجت الحركة في وقت متأخر عن 17 أسيرا. ونشرت كتائب عز الدين القسام، شريط فيديو يظهر 13 إسرائيليا وأربعة تايلانديين يستقلون سيارات دفع رباعي تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر قبل منتصف الليل.
وظهرت في الفيديو فتاة تمشي مستخدمة عكازين وغطت كاحلها بضمادات ومُدّدت على نقالة في إحدى السيارات. ولوّح بعض المفرج عنهم بأيديهم لمقاتلي القسام الملثمين الذين ردّوا التحية.
وخرج المفرج عنهم عبر معبر رفح الى مصر حيث ساروا مسافة قصيرة قبل الوصول الى معبر كرم أبو سالم الواقع على الحدود بين مصر وقطاع غزة وإسرائيل.و من هناك دخلوا إسرائيل حيث نقلوا في طوافات الى مركز شيبا الطبي بمدينة رمات غان. بوموجب الاتفاق، يتسلمهم الأمن الإسرائيلي فور وصولهم الى أراض مصرية.
وأظهر شريط فيديو لفرانس برس وصول حافلات تنقل الرهائن بمرافقة أمنية الى المركز الطبي، وأغلقت خلفها ستارة عملاقة.
ومن بين الأسرى المفرج عنهم، مايا ريغيف (21 عاما) التي تم أسرها مع شقيقها إيتاي (18 عاما) أثناء محاولتهما الفرار من مهرجان موسيقي كان مقاما قرب الحدود مع قطاع غزة يوم الهجوم. وسبق أن ظهرت الشابة وشقيقها في مقطع فيديو نشر على وسائل التواصل الاجتماعي مقيّدَين في الجزء الخلفي من شاحنة صغيرة.
وقالت والدتها ميريت في بيان أصدره منتدى عائلات الرهائن “أنا سعيدة جدا لأن مايا على وشك الانضمام إلينا. لكن قلبي حزين لأن ابني إيتاي لا يزال لدى حماس في غزة”.
وأفادت السلطات الإسرائيلية عن مقتل 364 شخصا خلال هجوم حماس على هذا الحفل. ومايا ريغيف هي أول المفرج عنهم من بين المشاركين الذين خُطفوا خلال المهرجان.
ومن بين الرهائن المفرج عنهم أيضا الفتاة الإيرلندية الإسرائيلية إيميلي هاند البالغة تسع سنوات، وفق ما أعلن رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار في بيان، متحدثا عن “يوم فرح وارتياح عارمين”.
وأعربت برلين فجر امس عن ارتياحها لإطلاق أربعة من الألمان الإسرائيليين، ما يرفع إلى ثمانية عدد رعاياها المفرج عنهم منذ الجمعة.
وتمكّن جميع الرهائن الذين أطلق سراحهم السبت من ملاقاة عائلاتهم، فيما نُقِل شخص واحد فقط إلى المستشفى، وفق الجيش الإسرائيلي.
في المقابل، عمّت الاحتفالات شوارع الضفة الغربية المحتلة احتفاء بالفلسطينيين المفرج عنهم.
واحتشد الآلاف في ساحة مدينة البيرة احتفاء بعودة الأسرى الذين كان الفتية منهم يرتدون زيا رياضيا رماديا من السجن، ووضع بعضهم الكوفية على أكتافهم.
ووصل المفرج عنهم على متن حافلة تابعة للصليب الأحمر، وعانقوا أقاربهم وأصدقاءهم الذين حملوهم على أكتافهم وساروا بهم في الشوارع. ورفع المحتشدون الأعلام الفلسطينية ورايات فتح وحماس، وهتفوا بشعارات مؤيدة لقائد كتائب القسام محمد الضيف.
وقالت ميسون الجبالي التي أمضت ثمانية أعوام خلف القضبان من أصل حكم بسجنها 15 عاما بعد طعنها جندية إسرائيلية “كان وضعنا في السجن صعبا جدا، وكانت الحياة في السجن لا تحتمل نهائيا”. وأضافت “أخذوا منا كل الأدوات وضيّقوا علينا كثيرا… لم نعد نخرج ولا نتنفّس ولا نشمّ الهواء”.
وفي القدس الشرقية المحتلة، عانقت إسراء جعابيص (38 عاما) أفراد عائلتها بحرارة وتأثر بالغ بعيد وصولها الى منزلهم.
وتعد جعابيص من أبرز المفرج عنهم، وهي دينت بتفجير أسطوانة غاز في سيارتها على حاجز إسرائيلي في العام 2015، ما أدى إلى إصابة شرطي إسرائيلي، وحكم عليها بالسجن 11 عاما. وعانت جعابيص من حروق بالغة خصوصا في الوجه، وتعدّ من “أخطر الحالات الطبية بين الأسيرات”، وفق نادي الأسير الفلسطيني.
وقالت وهي تعانق ابنها معتصم “أوجاعي مرئية، لا داعي لأن أحكي عنها، غير أوجاعي من ناحية المشاعر والأحاسيس والشوق للأهل. لكن هذه هي ضريبة السجن للسجين، وضريبة المحبة الشوق والحنين”.
من جهة أخرى نعت كتائب عز الدين القسام امس أربعة من قادتها بينهم عضو في مجلسها العسكري، استشهدوا في الحرب.
وقالت في بيان “تزف كتائب القسام ثلة من قادتها الأبطال وهم الشهيد القائد أحمد الغندور (أبو أنس) عضو المجلس العسكري وقائد لواء الشمال”، إضافة الى “الشهداء القادة” وائل رجب ورأفت سلمان وأيمن صيام “الذين ارتقوا في مواقع البطولة والشرف في معركة طوفان الأقصى”.
مع دخول الهدنة يومها الثالث، استشهد مزارع فلسطيني وأصيب 8 آخرون في مناطق من غزة برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي حذر سكان القطاع من التوجه إلى الشمال.
وأفيد عن استشهاد فلسطيني وإصابة 8 آخرين في المغازي وتل الهوى بمدينة غزة، ومحيط المستشفى الإندونيسي شمالي القطاع.
كما قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن مزارعا فلسطينيا استشهد وأصيب آخر أمس بعد أن استهدفتهما قوات إسرائيلية في مخيم المغازي للاجئين بوسط غزة.
وحذر الجيش الإسرائيلي سكان القطاع من التوجه إلى شماله ومن الاقتراب من السياج الأمني لمسافة تقل عن كيلومتر واحد.
وأفادت التقارير الواردة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قام بجولة في قطاع غزة، حيث تحدث إلى الجنود وتفقد وفق ما أعلن أحد أنفاق حماس السرية التي تم اكتشافها في باطن الأرض. وقال نتنياهو: “نحن هنا في غزة برفقة مقاتلينا الأبطال. نبذل قصارى جهدنا لإعادة من اختطفوا من عندنا، وفي نهاية المطاف سوف نعيد الجميع”.
من جهة ثانية المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أمس، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي ألقى 40 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
جاء ذلك وفق بيان لرئيس المكتب الإعلامي سلامة معروف، عبر منصة تلغرام.
وأوضح معروف أن القنابل التي ألقاها الاحتلال مؤخرا لم تُستخدم من قبل، ومئات من الشهداء دفنوا في أماكن استشهادهم، والدمار الذي خلفه الاحتلال يعكس رغبته في جعل غزة غير صالحة للعيش.
وعن الهدنة المؤقتة، أشار معروف إلى أن أيام التهدئة كشفت عن حجم المجزرة الكبيرة، التي خلفت دمارا كبيرا في البنية التحتية والمنازل، وأضاف أن ثلث سكان القطاع لم يحصلوا على المستلزمات الأساسية، وكل المؤسسات الدولية غائبة، والقطاع بحاجة إلى إنشاء مستشفى ميداني كبير.
إلى ذلك يتواصل العمل في معبر رفح الحدودي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وخروج المصابين.
واستقبل الهلال الأحمر الفلسطيني أمس الأول 204 شاحنة إغاثة من الجانب المصري من معبر رفح، إلى جانب 4 صهاريج غاز و 3 صهاريج وقود تحمل مادة السولار بينما أعلنت الأمم المتحدة أن 61 شاحنة تحمل إمدادات طبية وغذائية ومياه قد أفرغت أمس حمولتها في شمالي غزة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، في بيان إنه تم تسليم 11 سيارة إسعاف و3 حافلات وسرير طبي مسطح لمستشفى الشفاء، الذي شهد قتالا عنيفا في الأيام الأخيرة، وذلك “للمساعدة في عمليات الإخلاء”.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ذكر أن إدخال تلك المساعدات إلى شمالي قطاع غزة جاء بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي لإغاثة السكان هناك، الذين لم ينزحوا بعد إلى منطقة جنوب وادي غزة.
وفي سياق متصل قالت الهيئة العامة للمعابر والحدود التابعة لسلطة حماس في قطاع غزة إن 213 فلسطينيا من العالقين في الأراضي المصرية بسبب الحرب على غزة دخلوا إلى القطاع، بعد أن أبدوا رغبتهم في العودة. وغادر باتجاه مصر 60 شخصا، من بينهم 6 من أعضاء وفد الإغاثة التابع لدولة الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب 15 من جرحى العمليات العسكرية و2 من المرضى و 18مرافقا آخرين.
وأضاف “الوضع في شمال قطاع غزة وجنوبه خطير”، متابعا أن “الحاجات الإنسانية كبيرة وغير مسبوقة”.
وأشار الى أن الحاجة هي الى “مئتي شاحنة يوميا بشكل متواصل لشهرين على الأقل لتلبية الحاجات”.
في غضون ذلك، تواصل التوتر في الضفة الغربية المحتلة حيث استشهد 8 فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، 6 منهم في مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة، في حين استشهد شاب فلسطيني عند مستوطنة بساغوت شرقي مدينة البيرة وآخر في قرية يتما جنوب نابلس.
وأفيد بانسحاب قوات الاحتلال من جنين بعد التصعيد ضد المدينة ومخيمها منذ أمس الأول وحتى فجر أمس، وسط اشتباكات مسلحة مع مقاومين فلسطينيين، كما أفاد بإعلان إضراب شامل في جنين حدادا على أرواح الشهداء.
وقصفت قوات الاحتلال منازل عدة بقذائف الأنيرجا، فيما جرفت الآليات شوارع ودمرت ممتلكات المواطنين في أحياء المدينة وأطراف المخيم.
وحاصرت القوات الإسرائيلية مستشفى جنين الحكومي ومستشفى ابن سينا ومقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ومنعت سيارات الإسعاف من التحرك إلا بالتنسيق المسبق.
من جهة أخرى نقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول أميركي لم تسمه القول إن مسلحين مجهولين سيطروا على سفينة شحن مرتبطة بشركة إسرائيلية في خليج عدن.
وقال المسؤول لوكالة فرانس برس “هناك مؤشرات الى أن عددا غير معروف من المسلحين المجهولين سيطروا على الناقلة “ام في سنترال بارك” في خليج عدن في 26 تشرين الثاني”.
ويأتي هذا الحادث بعد استيلاء جماعة أنصار الله الحوثية المتمردة في اليمن على سفينة شحن مرتبطة بإسرائيل في جنوب البحر الأحمر الأسبوع الماضي.
(الوكالات)