خريطة فرنسية – سعودية للرئاسة.. وماكرون لميقاتي: “يجب تجنّب الأسوأ”

لبنان24
يشرع الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان اليوم في جولة لقاءات واسعة جديدة في اطار مهمته الرئاسية المفتوحة في لبنان وسط معالم اندفاع فرنسي متجدد لإحياء وساطة طالما تعثرت ولم تشق طريقها بعد الى اختراق الطريق المسدود الذي يعترضها كما يعترض سائر الجهود الداخلية والخارجية لانهاء الفراغ الرئاسي المتمادي منذ سنة وشهر.

ولكن وصول لودريان إلى بيروت ايذانًا باستئناف مهمته شكل مؤشرا الى مثابرة باريس وعدم تراجعها عن المضي قدما في مبادرتها الرئاسية، ولكن هذه المرة ببعد إضافي شديد الحساسية والخطورة يتصل بخطر انزلاق لبنان الى حرب مع إسرائيل الامر الذي سيضفي دلالات جديدة طارئة على التحرك الفرنسي ويوجه الأنظار الى أهمية ما سيحمله الموفد الفرنسي من توجهات وأفكار علما ان ابرز من سيلتقيهم لودريان اليوم، في اليوم الأول من تحركه رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشار بطرس الراعي ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع .

وفي مؤشر إضافي الى دلالات التنسيق الفرنسي السعودي حيال لبنان التقى لودريان في الرياض امس المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا وأفاد السفير الفرنسي في الرياض لودوفيك بوي على حسابه ان ” اللقاء كان مثمرا وان فرنسا والمملكة العربية السعودية تعملان يدا بيد من اجل استقرار لبنان وأمنه ولإجراء الانتخابات الرئاسية اللبنانية في اسرع وقت”.

ونقل مراسل “النهار” في باريس سمير تويني عن مصادر ديبلوماسية ان ثمة رسالتين سياسية وامنية في حوزة لودريان في زيارته لبيروت . الأولى تتضمن طرحين سياسيين لانتخاب رئيس للجمهورية باسرع وقت . الطرح الأول من خلال عقد مؤتمر في الدوحة على غرار مؤتمر الدوحة السابق في محاولة لتامين توافق بين اللاعبين اللبنانيين على اسم مرشح يتم انتخابه توافقيا. وباريس في هذا السياق لا تدعم اي مرشح وتترك للاطراف اللبنانية التوافق عليه وذلك تحت رعاية المجموعة الخماسية (فرنسا والولايات المتحدة ومصر والسعودية وقطر). غير ان قطر ليست متحمسة لعقد هذا المؤتر في الدوحة. اما الطرح الثاني فهو مطالبة المجموعة الخماسية من الرئيس نبيه بري فتح دورة انتخابية لانتخاب رئيس من الاسماء المطروحة على ان تبقى الدورات مفتوحة حتى انتخاب الرئيس. غير ان هذا العرض غير متوفر حتى الان لان مواقف الاطراف اكثر تشددا مما قبل حرب غزة.

لكن باريس تريد من خلال اعادة فتح ملف ملء الشغور الرئاسي ابقاء الملف اللبناني الغائب حاليا عن طاولة اي مفوضات اقليمية حول مستقبل منطقة الشرق الاوسط. رغم ان باريس فقدت الكثير من مونتها على بعض الاطراف بعد المواقف التي اتخذها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى جانب اسرائيل بعد هجوم حماس على غلاف غزة.

اما بالنسبة الى الملف الامني فلدى باريس مخاوف كبيرة من انجرار لبنان الى حرب مع اسرائيل تكون مدمرة . وسيؤكد لودريان خلال زيارته الموقف الفرنسي الداعي الى ابقاء لبنان خارج هذه الحرب وعدم تهديد القرار الدولي ١٧٠١ الذي امن الاستقرار على حدود لبنان منذ عام ٢٠٠٦.

وعلى نحو متزامن مع وصول لودريان الى بيروت وزعت دوائر السرايا الحكومي نص الرسالة التي وجهها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لمناسبة عيد الاستقلال والتي اكد فيها “أن تهيئة الظروف المناسبة لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وتشكيل حكومة عمل أمر ملّح، وان ممثله الشخصي، جان ايف لودريان، يواصل العمل في هذا الاتجاه”. وقال ماكرون:” إن فرنسا، ونظراً للعلاقات التاريخية التي تربط بلدينا، تضاعف جهودها لتعزيز استقرار لبنان وأمنه واستقلاله. ونحن دعمنا هذه الاهداف باستمرار”. واضاف: “إن امتداد رقعة الصراع إلى لبنان سيكون له عواقب وخيمة على البلد وعلى الشعب اللبناني.
تدرك فرنسا ان لديها مسؤولية فريدة تجاه بلدكم، مسؤولية تترجم بشكل خاص من خلال الدور الذي نضطلع به ضمن قوات حفظ السلام” اليونيفيل”.يجب ألا يستخدم أي طرف الاراضي اللبنانية بشكل يتعارض مع مصالحه السيادية. وعلينا اليوم تجنب الأسوأ. لذلك أحثّكم على مواصلة جهودكم في هذا الاتجاه”.
وتابع”بالإضافة إلى هذه القضية الأساسية، هناك حاجة ملحة لتحقيق الاستقرار في المؤسسات اللبنانية. فالشغور الرئاسي المستمر منذ أكثر من عام يلقي بثقله على قدرة البلاد على الخروج من الأزمة الحالية وتجنب التدهورالأمني المرتبط بالحرب المستمرة في غزة. فمن دون رئيس أو حكومة فاعلة، لا احتمال للخروج من المأزق الأمني والاجتماعي والاقتصادي والمالي الذي يعاني منه في المقام الاول الشعب اللبناني”.

وكتبت” نداء الوطن”: توقيت نشر رسالة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مساء أمس، التي وجهها الى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لمناسبة عيد الاستقلال، انطوى على دلالة لافتة، إذ أتى نشر الرسالة التي مضى على مناسبتها 6 أيام، متزامناً مع وصول ممثله الشخصي جان ايف لودريان الى بيروت. وإذا كان من تقويم أولي لرسالة ماكرون وتوقيت نشرها، فهو بحسب أوساط نيابية ذات علاقات جيدة مع باريس، أنّ الرئيس الفرنسي أراد إعطاء «أهمية قصوى» للمحادثات التي سيجريها لودريان اليوم مع المسؤولين والقيادات السياسية، ولا سيما مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
وأشارت مصادر مواكبة للحراك الخارجي الدبلوماسي باتجاه لبنان لـ«البناء» الى أن «المبعوث الفرنسي يحمل ملفين بيده، الأول يتعلق بالاستحقاق الرئاسي بعدما شعر الفرنسيون أن استمرار الشغور الرئاسي بات يشكل خطراً على الكيان اللبنانيّ، حيث يتمدّد الفراغ الى مختلف المؤسسات المالية والنقدية والأمنية والعسكرية والقضائية كما تتعطّل المؤسسات الدستورية مثل الحكومة ومجلس النواب، وبالتالي انتخاب رئيس للجمهورية يعيد عجلة المؤسسات الى طبيعتها، أما ما يجعل انتخاب الرئيس أكثر إلحاحاً وضرورة هو الخطر الفعلي المحدق بالحدود مع فلسطين المحتلة في ضوء الحرب على قطاع غزة وتمددها الى الحدود اللبنانية ما يرفع نسبة تجدد المواجهات العسكرية بين حزب الله والقوات الاسرائيلية وتمددها الى كل لبنان». ومن هذا المنطلق وفق المصادر يحمل لودريان «رسائل الى الحكومة اللبنانية والمسؤولين بضرورة احتواء الموقف على الحدود وتجنب انزلاق الحرب في غزة والجنوب الى حرب موسّعة تزيد الأعباء الكبيرة على لبنان، ولذلك الحل بتطبيق القرار 1701 وتفعيل عمل القوات الدولية والجيش اللبناني وتقييد حركة المجموعات المسلحة على الحدود». ووفق مصادر «البناء» فإن لودريان سيسمع من المسؤولين ما أبلغوه سابقاً للكثير من الموفدين والرسل الأوروبيين والأميركيين والعرب، بأن «لبنان ليس المعتدي، بل عليكم الذهاب الى ««إسرائيل» والضغط على حكومتها بعدم الاعتداء على لبنان ووقف الحرب على غزة والالتزام بالهدنة وتبادل الأسرى وفك الحصار عن غزة. وهذا بطبيعة الحال ينعكس على لبنان بالهدوء على الجبهة الجنوبية».

ويتركز لقاء لودريان، حسب ما رشح من مصادر فرنسية، مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على مناقشة اسم المرشح المقبول لانتخابات الرئاسة، لانه من غير الممكن البقاء طويلاً من دون رئيس للجمهورية.
ووفقا لمصادر قيادية في «الثنائي الشيعي»، فإن الموفد الفرنسي وفقا لمعلومات الثنائي بيده مسودتان:
الاولى: نسخة معدلة ومنقحة من مبادرته الاولى «فرنجية-سلام».
الثانية: مبادرة جديدة كليا قوامها طرح خيار ثالث، او الركون الى الجلسات المفتوحة للتفاهم على اي خيار يتفق عليه المجتمعون.
وحسب المصادر، فإنه من قبيل اضاعة الوقت ربط الحرب في غزة بالملف الرئاسي في لبنان.
ويلاحظ، استناداً الى «مصادر الثنائي» ان مجيء لودريان غير مرغوب به، وأن ثمة اصراراً من حزب الله على الوزير السابق سليمان فرنجية.
وحسب معلومات من مصادر اخرى (الجديد) فإن اللجنة الخماسية تقاطعت على اسم للرئاسة، سيظهر في الايام القليلة المقبلة.
ولم تستبعد مصادر سياسية ان تشمل لقاءات لودريان، فضلاً عن الرئيس بري ورؤساء الاحزاب والكتل النيابية العماد عون واللواء البيسري.
وحسب المعلومات، فإن اعضاء اللجنة الخماسية لا سيما الطرفين السعودي والفرنسي، يسعون لأن يتم الاتفاق على رئيس على وجه السرعة، وقبل نهاية العام الجاري.

واسارت مصادر سياسية لـ»الديار» الى انّ لودريان سيسعى خلال زيارته الى «تبيّيض» صورة فرنسا التي تغيرت، بسبب الموقف الذي اتخذه الرئيس الفرنسي خلال زيارته «اسرائيل» مع بدء الحرب على غزة، والذي لقي صدًى سلبياً لدى السلطة اللبنانية وحزب الله . ورأت أن مهمة لودريان ستكون شاقة هذه المرة، لانّ الثنائي لم يغيّر رأيه ولن يغيره، من ناحية التمسّك بترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية للرئاسة.
كما نقلت المصادر المذكورة أنّ المعارضة تترّقب بحذر ما سيحمله الموفد الفرنسي، وتتخوف من طرح مقايضة جديدة، ولفتت الى انه سيتناول في محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين الملف الامني في الجنوب وضرورة تطبيق القرار 1701.
وفي إطار الموفدين الى بيروت، إشارة الى تحرّك قطري جرى الاسبوع الماضي بعيداً عن الاضواء، من خلال زيارة قام بها الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني، التقى خلالها مسؤولين لبنانيين، من بينهم الرئيس ميقاتي.

Exit mobile version