كيف يعيش الفلسطينيون داخل مناطق اللجوء بجنوب غزة؟

كتب موقع “الحرة”: تلقت الطالبة الجامعية، مرح جمالة (21 عاما)، هذا الأسبوع، مكالمة هاتفية تحذيرية مسجلة من الجيش الإسرائيلي، تفيد بأن الحي الذي تسكنه مع أسرتها في خان يونس، بجنوب قطاع غزة، سيكون غير آمن بسبب القتال بين الجنود الإسرائيليين وعناصر حركة حماس.

وطلبت المكالمة منها وعائلتها المغادرة إلى منطقة أخرى، قال الجيش إنها ستكون أكثر أمانا، بحسب ما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال”.

وبالفعل، سرعان جمع أفراد عائلتها أمتعتهم فوق عربة يجرها حمار، في ظل نقص شديد للوقود في القطاع، وتوجهوا إلى مدينة رفح الواقعة على حدود القطاع مع مصر.

ويوميا، يطلب الجيش الإسرائيلي من السكان الفلسطينيين مغادرة مساحات جديدة من غزة، يتم تحديدها بواسطة خريطة المناطق (البلوكات)، التي تقسم القطاع إلى مناطق وأحياء، ويحثهم على البحث عن مأوى في مناطق أخرى يقول إنها ستكون أكثر أمانا.

ويأتي هذا فيما يتعرض قادة إسرائيل لضغط من الولايات المتحدة وآخرين، لإيجاد سبل للحد من الخسائر في صفوف المدنيين.

وتقول الصحيفة إن نجاح نظام “البلوكات” يمكن أن يحدد مسار دعم الحرب في واشنطن وعواصم أخرى، إذ تقول إسرائيل إن حربها ستطول من أجل القضاء على حركة حماس التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.

وتوعدت إسرائيل بالقضاء على حماس بعدما اقتحم مسلحون السياج الحدودي وهاجموا بلدات في جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الاول. وتقول إسرائيل إن الهجوم أسفر عن مقتل 1200 شخص، واقتياد 240 رهينة إلى غزة، أفرج لاحقا عن أكثر من 100 منهم.

وتقول السلطات الصحية في غزة إن نحو 18 ألف شخص قتلوا في الهجمات الإسرائيلية منذ ذلك الحين مع وجود آلاف آخرين في عداد المفقودين.

ولم تعد أعداد القتلى والمصابين، تشمل أرقاما من الأجزاء الشمالية من القطاع البعيدة عن متناول سيارات الإسعاف وحيث توقفت المستشفيات عن العمل.

وبعد أسابيع من تركز القتال في الشمال، شنت اسرائيل هجومها البري في الجنوب باقتحام خان يونس. مع استمرار القتال حاليا على طول قطاع غزة بأكمله تقريبا. وتقول منظمات الإغاثة الدولية إن هذا التطور ترك سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بلا مكان يلوذون به.

والأحد، أفادت وكالة رويترز، بأن الدبابات الإسرائيلية شقت طريقها إلى وسط خان يونس، في توغل جديد كبير في قلب أكبر مدن جنوب قطاع غزة التي تؤوي مئات الآلاف من المدنيين الذين فروا من مناطق أخرى من القطاع.

وتقول إسرائيل إنها تنشر أخبار نظام “البلوكات” الجديد من خلال المكالمات الهاتفية، وإسقاط المنشورات من الطائرات، ووسائل التواصل الاجتماعي، والبث الإذاعي والتلفزيوني.

ومنذ إطلاق النظام الأسبوع الماضي، أصدرت إسرائيل إشعارات إخلاء لـ28 في المئة من إجمالي مساحة أراضي قطاع غزة، وفقا للأمم المتحدة.

وجاء في رسالة نقلت باللغة العربية من خلال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، بأن “نشر الخريطة من أجل مساعدتكم على فهم وإدراك التوجيهات الصادرة والانتقال من مواقع محددة بدقة إذا ما لزم الأمر، حفاظاً على أمنكم وسلامتكم”.

لكن صحيفة “وول ستريت جورنال”، ترى أن تنفيذ الخطة محفوف بالتحديات والمخاطر، مشيرة إلى أن الأيام الأخيرة شهدت اكتساح المدنيين لمدينة رفح، حيث ينام الآلاف من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم حديثا في الشوارع، ويتكدسون في المدارس المكتظة بالفعل، ويقيمون مخيمات في المباني المهجورة، “وهو أمر يفوق قدرة وكالات الإغاثة على الاستجابة”، وفقا لتقارير الأمم المتحدة.

وأغلقت إسرائيل ومصر حدودهما مع غزة، في الوقت الذي لم يترك فيه الفلسطينيون أمام أي خيار سوى التدافع من مكان إلى آخر مع استمرار الحرب.

وتقول الأمم المتحدة ومسؤولون فلسطينيون وشهود في غزة إن الضربات أصابت منطقة واحدة على الأقل تم تصنيفها كملاذ آمن، بموجب نظام “البلوكات” الجديد.

وأسفرت غارة وقعت في رفح يوم السادس من ديسمبر عن مقتل 22 شخصا، وفقا لمسؤولين فلسطينيين حملوا الجيش الإسرائيلي المسؤولية عن الهجوم. وقبل ذلك بيومين، أمر الجيش الإسرائيلي سكان خان يونس بالتوجه إلى المنطقة.

وردا على سؤال بشأن الغارة، قال الجيش الإسرائيلي إنه “يتخذ الاحتياطات الممكنة للتخفيف من الأضرار التي لحقت بالمدنيين”، بحسب ما نقلت الصحيفة.

وتضيف “وول ستريت جورنال” أن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، يقرون بأنه لا يوجد مكان آمن تماما في غزة، لكنهم يقولون إن المناطق المحددة أكثر أمانا.

وبحسب مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين، فإن الخطة الإسرائيلية تواجه تحديات أخرى. ويقولون إنه إذا كانت مناطق الإخلاء واسعة للغاية، فقد تطغى موجات النازحين المدنيين الذين يبحثون عن ملاذ للهرب، على المناطق القليلة المتبقية.

وفي المقابل، يرى مسؤولون إسرائيليون، إنهم من خلال منح المدنيين فرصة للفرار من مناطق القتال، يضحون بميزة عسكرية رئيسية، إذ يتيح ذلك تحرك عناصر حماس إلى مناطق في الجنوب خلال مطاردتهم. وقال الجيش الإسرائيلي الخميس إن حماس أطلقت صواريخ من المواصي، وهي منطقة فارغة إلى حد كبير من ساحل غزة، خصصتها إسرائيل للمدنيين النازحين.

وتقول الصحيفة إن الجيش الإسرائيلي يراقب الجهود من غرفة تحكم صغيرة في القيادة الجنوبية الواقعة بالقرب من مدينة بئر السبع. ويحدث خريطة رقمية، تظهر عدد السكان التقديري الحالي في كل منطقة، من خلال إشارات الهاتف المحمول.

وتحدثت إدارة بايدن باستحسان عن نظام “البلوكات” الجديد، ووصفته بأنه علامة على أن الإسرائيليين يستجيبون للدعوات لمنع سقوط ضحايا بين المدنيين. لكن بعض المسؤولين الأميركيين أعربوا أيضا عن قلقهم من أن الخطة لا تسير على النحو المنشود.

وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الخميس: “يظل من الضروري أن تعطي إسرائيل الأولوية لحماية المدنيين. ولا تزال هناك فجوة بين (..) النية في حماية المدنيين والنتائج الفعلية التي نراها على الأرض”.

ويبدو من الواضح أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية التي تشمل مناطق في خان يونس، والمناطق الواقعة شمال وشرق المدينة التي تضم مجتمعة حوالي 600 ألف شخص، وفقا لمسؤولي الإغاثة الدوليين، أمر يثقل كاهل نظام المساعدات الإنسانية في غزة.

والأحد، اعتمد المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، بالإجماع، قراراً يدعو لإرسال مساعدات فورية إلى غزة لمواجهة الوضع الصحي المتدهور في القطاع الفلسطيني.

وبعدما فشل مجلس الأمن الدولي في الدعوة لوقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس بعد استخدام الولايات المتّحدة حقّ النقض، تبنّت الدول الـ34 الأعضاء في المجلس التنفيذي للمنظمة بالإجماع قراراً يدعو إلى “مرور فوري ودون عوائق للمساعدة الإنسانية” إلى قطاع غزة.

كما واجه نظام “البلوكات”، واقعا فوضويا من نوع آخر، إذ اتجه العديد من الفلسطينيين إلى الجنوب بدلا من اتباع الخرائط.

وتقول الصحيفة إن السبب يعود في ذلك ببساطة إلى افتقار سكان غزة إلى الكهرباء والوصول المنتظم إلى الإنترنت، مما يمنع العديد من رؤية الخرائط التي ينشرها الجيش الإسرائيلي، فيما تتضمن المنشورات الورقية فقط تعليمات عامة بالمغادرة والذهاب إلى منطقة أخرى، من دون تحديد.

كما أعرب سكان في غزة عن ارتباكهم بعد أن أصدرت إسرائيل أوامر إخلاء متعددة لمنطقة خان يونس، طلب في بعضها التوجه نحو رفح، فيما طلبت أوامر أخرى التوجه نحو أجزاء أخرى من خان يونس.

وعند منزل في خان يونس دمره القصف أثناء الليل، كان أقارب قتلى يبحثون بين الأنقاض وهم في حالة ذهول. وانتشلوا جثة رجل في منتصف العمر يرتدي قميصا أصفر اللون من تحت الأنقاض.

واكتظ مستشفى ناصر، المستشفى الرئيسي في خان يونس، بالقتلى والجرحى.

والأحد، لم يكن هناك أي مكان في قسم الطوارئ حيث كان الناس ينقلون المزيد من الجرحى ملفوفين بالبطانيات والسجاد. وبكى محمد أبو شهاب وأقسم على الانتقام لابنه الذي قال إنه قُتل برصاص قناص إسرائيلي، بحسب ما نقلت وكالة رويترز.

وأدى الحصار الإسرائيلي إلى قطع الإمدادات وحذرت الأمم المتحدة من انتشار الجوع والمرض على نطاق كبير.

Exit mobile version