عزمي بشارة:هدف اسرائيل جعل قطاع غزة غير صالح للعيش

قال مدير “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، المفكر الدكتور عزمي بشارة، في حوار أُجري معه مساء الأحد، عبر “التلفزيون العربي”،  أن استخدام الولايات المتحدة لحق النقد في مجلس الأمن ضد مشروع قرار وقف إطلاق النار في غزة، هدفه استمرار الحرب وإعطاء إسرائيل الفرصة لإتمام المهمة وهي القضاء على حماس. مع معرفتهم أن ما يجري في غزة هو حرب إبادة فيها خطط تهجيرية وجعل قطاع غزة غير صالح للحياة عبر تدمير بناه التحتية.

ولفت بشارة إلى أن “بُنية مجلس الأمن الدولي لا يمكن أن تستمر بوضعها الراهن” مشدداً على أن “خروج الشعوب العربية إلى الشارع ضروري، لأنه سيؤكد أن العدوان على غزة، يمثل تهديداً حقيقياً لاستقرار المنطقة”، مشيراً إلى أنه “ما دام احتمال تحرك الأنظمة العربية الرئيسية مستبعداً، فإن خروج الشعوب العربية إلى الشوارع هو ما ينقص المشهد، ومن شأنه أن يساهم في وقف الحرب، ذلك لأن أميركا عندها قد تشعر فعلاً بأن ما تقوم به إسرائيل يشكل خطراً على الاستقرار في المنطقة وفي البلدان العربية الرئيسية”.

واعتبر بشارة  مسألة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن إرثاً استعمارياً (باستثناء عضوية الصين وروسيا فيه)، من هنا تنبع ضرورة إصلاح نظام مجلس الأمن غير القابل للاستمرار بهذه الشاكلة.

وقال إن الدول دائمة العضوية هي من تقاوم وستقاوم أي تغيير وأي إصلاح لنظام مجلس الأمن. وعاب على المجموعة العربية في الأمم المتحدة بأن دورها يقتصر على مشروع قرار يتم رفضه بصوت واحد (أميركا). واختصار المشهد في ما يتعلق بقضية فلسطين بأنه يتمثّل بفرض إسرائيل إرادتها على أميركا وفرض أميركا إرادتها على العالم.

وبالنسبة لبشارة، فإن أداء المقاومة “يرفع رأس أي عربي” ويحرج خصوم الشعب الفلسطيني، وفضل استخدام مصطلح “إفشال العدوان” في وصف ما يحصل حالياً، على تعبير “الانتصار”. وتساءل بشارة في هذا السياق: إذا كانت إسرائيل متفاجئة من قدرات حماس الهجومية، فلماذا تدعي معرفة قدراتها الدفاعية؟ وأشار إلى أنه مثلما ارتبكت إسرائيل في الرد على عملية 7 تشرين الأول/أكتوبر، فإنها في الهجوم البري أيضاً لم تكن مستعدة، ذلك أنها أخفقت في بلورة ماذا يعني الهدف العام للاجتياح البري، أي “القضاء على حماس”.

وفي ما يخصّ توقعاته لمآلات الحرب، عَدَّ بشارة أن “علينا أن نعرف تماماً حجم ما أُلحق بقطاع غزة وبالشعب الفلسطيني، مع عدم معرفتنا بمآل الأمور وقد ينتهي الأمر بحرب استنزاف لأشهر أو أكثر”.

وعن اعتقال المدنيين في شمال غزة قبل أيام وتصويرهم بشكل شبه عراة، رأى بشارة أن الهدف من ذلك بشكل أساسي هو معاقبة صمود هؤلاء في مناطقهم شمالي القطاع. وجزم بأن صور هؤلاء الشباب “لا تقلل من كرامتهم أمامنا بل تقلل من كرامة الجنود الإسرائيليين”.

وفي السياق ، لفت بشارة إلى أن القول إن الشعب الفلسطيني “يعشق الموت” كلام مهين للفلسطينيين، لذلك ليست صحيحة نظرية أن علينا الاستخفاف بصور مأساة الشعب الفلسطيني والتركيز فقط على صور المواجهات والمقاومة.

وفي ما يتعلق بجولة الوفد المنبثق من القمة العربية ــ الإسلامية المشتركة في عدد من عواصم العالم، لاحظ بشارة أنه “لا توجد إرادة مشتركة لفعل أكثر مما تقوم به” مجموعة الدول العربية والإسلامية، ذلك أن الجولة “علاقات عامة جيدة” ولكنها ليست أكثر من ذلك.

واعتبر بشارة أن بعض الدول العربية التي كانت متحمسة لأن تقضي إسرائيل على حركة حماس، بدأت الآن تشعر أن إسرائيل صارت تشكل خطراً في مغامرة غير محسوبة قد تؤدي إلى عدم استقرار. وقد أفسدت عملية السابع من تشرين الأول/أكتوبر، مشروعاً أميركياً كبيراً يقوم على مواجهة الصين وبناء محور إسرائيلي ــ عربي يحفظ الاستقرار في الشرق الأوسط.

وتوقف  بشارة عند ما يعتبر أنه ينقص المشهد، وهو عدم خروج الشعوب العربية إلى الشوارع. وقال عن هذا الموضوع إنه “ما دام احتمال تحرك الأنظمة العربية الرئيسية مستبعداً، فإن خروج الشعوب العربية إلى الشوارع هو ما ينقص المشهد ومن شأنه أن يساهم في وقف الحرب، ذلك لأن أميركا عندها قد تشعر فعلاً بأنّ ما تقوم به إسرائيل يشكل خطراً على الاستقرار في المنطقة وفي البلدان العربية الرئيسية”.

في المجمل، فإن الموقف العربي برأي بشارة هو “موقف متفرج”، وتخوّف من أننا في صدد إعطاء إسرائيل الفرصة حتى نهاية العام الحالي لتدمير غزة بشكل كامل ويصبح غير قابل للحياة، والتمركز بعدها داخل القطاع والبدء بتنفيذ عمليات خاصة واغتيالات. وخلص إلى اعتبار أن “معيار تأييد الشعب الفلسطيني اليوم ليس الاستعراض على السوشال ميديا بل الخروج إلى الشارع”.

وذكر بشارة أن اعتراض الحوثيون وتهديدهم حركة السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، بدأ يؤثر اقتصادياً على إسرائيل “وذلك بخطاب عقلاني” يرسم معادلة أن حصار غزة يقابَل بحصار إسرائيل بحرياً؛ وقال إنه “لا يمكن إنكار أن الخطوات التي يتّخذها الحوثيون لها تأثير”.

وذكّر أنه لو نفذت الدول العربية قرار كسر الحصار على غزة، لما كان أُفسح مجال أمام غير العرب كإيران لتكون سنداً لحماس التي تفضّل لو تدعمها بلدان عربية مثل السعودية مثلاً.

وكرَّر بشارة رأيه الذي يفيد بأنه ليس مطلوبا من البلدان العربية إعلان الحرب على إسرائيل، بل اتخاذ خطوات تعود عليها بالفائدة في النفوذ السياسي وفي مفاوضات “اليوم التالي” وفي معادلات القوة الإقليمية عموماً. ووضع السلوك العربي الحالي في إطار “المضر للأمن الوطني لكل دولة عربية على حدى”.

كما أوضح بشارة أن الوعي العالمي بعدالة القضية الفلسطينية بات يضعها في خانة بقية القضايا العالمية، معرباً عن ثقته بأن ما تمارسه دول ودوائر أساسية في الغرب اضطهاداً وإرهاباً فكرياً ضد مؤيدي عدالة القضية الفلسطينية في الجامعات والمؤسسات والفنون والثقافة، يصعب أن يدوم، “وما ينقص المشهد مجدداً هو غياب فاعل عربي صاحب وزن في العالم”.

Exit mobile version