واشنطن وتل أبيب لهدنة طويلة وتبادل جزئي… والمقاومة تتمسّك بإنهاء الحرب / جبهة لبنان: جيش الاحتلال عاجز عن شنّ حرب والتوازن الناري يمنع التفكير بها / السيد عبد الملك الحوثي: الحاملات والمدمّرات والقواعد الأميركية تحت نيراننا /

كتب المحرر السياسي-البناء

فيما ينشغل الأميركيون والإسرائيليون بالبحث عن مخرج يجمع قرار مواصلة الحرب ولو بعد هدنة طويلة، والتوصل الى اتفاق لتبادل جزئي للأسرى، تتمسك المقاومة بموقفها الثابت، بأن لا بحث بالتبادل دون إنهاء الحرب على غزة وإعلان وقف إطلاق نار نهائي، وتبدو المقاومة واثقة من ثبات شعبها على خياراته وراءها مهما ارتفعت التضحيات، وتخيب الرهانات على تحويل معاناة الفلسطينيين في غزة إلى نقطة ضعف تفاوضية في وضع المقاومة، تبدو المقاومة أيضاً واثقة من تحويل العملية البرية الإسرائيلية إلى حرب استنزاف تنهي جيش الاحتلال وبنيته القتالية، ولا تنهكها فقط، وأرقام الخسائر اللاحقة بالقوى القتالية المحترفة ووحدات النخبة في جيش الاحتلال تجعل خيار المقاومة وحساباتها واقعية.
بالتوازي تبوء التهديدات الأميركية والإسرائيلية للمقاومة في لبنان بالفشل في دفعها للتراجع عن خيار جبهة المساندة وحرب الاستنزاف لجيش الاحتلال، ووفق قراءة المقاومة لتشكيلات جيش الاحتلال على جبهة الحدود فإنه عاجز عن خوض حرب برية ضدّ لبنان وهو يستهلك كلّ قواته المحترفة في حربه في غزة، وقد نقل بعضاً من وحدات النخبة من جبهة لبنان بعدما نقل الوحدات القتالية التي كانت تنتشر في الضفة الغربية الى غزة، بعدما تحوّلت الى مقبرة لجيش الاحتلال، أما عن القدرة على استخدام الطاقة النارية لجيش الاحتلال لتهديد لبنان فالمقاومة واثقة مما لديها من قوة نارية يعرف الاحتلال ما يكفي عنها كي لا يجرب التحرش بها.
على جبهة اليمن ردّ زعيم حركة أنصار الله في اليمن السيد عبد الملك الحوثي على قرار تشكيل حلف بحري بقيادة أميركية لمواجهة قرار أنصار في البحر الأحمر، بمنع السفن التي تتجه الى موانئ كيان الاحتلال من عبور مضيق باب المندب ومياه البحر الأحمر، فقال السيد عبد الملك الحوثي إنّ اليمن في حال تعرّضه للاستهداف الأميركي سوف يتعامل مع حاملات الطائرات والمدمّرات والمصالح والقواعد الأميركية كأهداف مشروعة لليمن.
وحافظت الجبهة الجنوبية على سخونتها أمس مع اشتداد حدة العمليات العسكرية للمقاومة التي سجلت تطوراً جديداً باستخدام سلاح المضادات للطيران الحربي الإسرائيلي للمرة الأولى منذ بدء الحرب، حيث استهدف ‏مجاهدو المقاومة الإسلامية، في عملية نوعيّة، مروحيتين ‏عسكريتين إسرائيليتين‎‏ في أجواء شتولا، شوميرا، وإيفن مناحم (قرية طربيخا اللبنانية المحتلة) ‏بصواريخ أرض جو مما أجبرهما على مغادرة أجواء المنطقة على الفور.
كما نفذت المقاومة سلسلة عمليات واسعة ونوعية ضد مواقع وثكنات وتجمعات الإحتلال الإسرائيلي، وأعلنت في عدة بيانات، أنها استهدفت موقع العباد ودشمه وتحصيناته بالأسلحة المناسبة، ‏ما أدى الى وقوع إصابات مؤكدة بين جنود العدو. واستهدفت موقع الراهب بصواريخ بركان، وبعد خمس دقائق استهدفت ‏مرابض مدفعية العدو في خربة ماعر بالأسلحة ‏الصاروخية وحققت فيها اصابات مباشرة.‏ كما استهدف حزب الله ‏قوة مشاة اسرائيلية في محيط موقع بركة ريشا.
ونشر الاعلام الحربي في المقاومة مشاهد من استهداف المجاهدين مشغل بيت هيلل التابع لجيش العدو داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.‏
في المقابل صعّد العدو الإسرائيلي من اعتداءاته على القرى الجنوبية الحدودية وعلى المدنيين، ووسع غاراته وقصفه الى منطقة جبل الريحان في إقليم التفاح، كما استهدف سيارة في تل النحاس برصاص القنص ما أدى إلى سقوط شهيد وجريح. وشن طيران الإحتلال الحربي غارة جوية على بلدة مركبا في جنوب لبنان، ما أدى إلى سقوط شهيد وقد توجهت فرق الاسعاف الى المكان.
وسُجل تحليق مكثف لطائرات تجسّس إسرائيلية من نوع «ام ك» فوق بلدات منطقة النبطية وإقليم التفاح، وعلى علو منخفض.
ولفت خبراء عسكريون ومحللون استراتيجيون لـ»البناء» الى أنّ استخدام حزب الله لسلاح جديد هو سلاح الجو ضد طائرات الإحتلال الحربية، يؤشر الى أنّ الحزب يرفع السقف ما يعني أننا سننتقل إلى مرحلة جديدة مليئة بالأوراق والمفاجأت التي ستظهر بشكل تدريجي»، وأوضحوا أن لدى المقاومة قدرات كبيرة في سلاح الدفاع الجوي، لكن لم تكشف عنها في السابق وتركتها لمفاجأة العدو في الوقت المناسب، لكن بعد أن لاحظت المقاومة تمادي العدو باستخدام طائراته الحربية لقصف المنازل والمدنيين في القرى الجنوبية وسقوط شهداء مدنيين، قررت فتح المواجهة الجوية، لردع الطائرات الحربية»، وتوقع الخبراء أن يخفض جيش الإحتلال طلعاته وحركته الجوية باتجاه الأجواء الإقليمية اللبنانية تحسباً من أن يكون لدى المقاومة صواريخ لإسقاط الطائرات الحربية، لذلك قد يعمل العدو الى استهداف القرى الجنوبية من الأجواء الفلسطينية وليس من الأجواء اللبنانية».
ورأت أوساط سياسية في فريق المقاومة لـ»البناء» أن حكومة الإحتلال حاولت بالحرب النفسية والتهديدات بتوسيع العدوان على لبنان والضغوط الدبلوماسية على الحكومة اللبنانية بتطبيق القرار 1701 وإبعاد حزب الله عن الحدود وإقامة منطقة عازلة وتوسيع منطقة انتشار قوات اليونيفيل، لكن بعدما وجدت أن الحكومة لم تستجب للضغوط، ولا حزب الله أعارها أيّ اهتمام واستمرّ بعملياته العسكرية بزخم أكبر، عمد كيان الاحتلال الى رفع سقف قصفه ضد الجنوب للإيحاء بأنه بدأ بتنفيذ تهديداته على أرض الواقع، لكنه لن يجرؤ على تخطي الخطوط الحمر لأنه يخشى ردّ فعل المقاومة التي ستكون قاسية جداً»، وحذرت الأوساط من أنّ أيّ عدوان سيقابل برد فعل يناسبه من المقاومة التي استعدت لكافة السيناريوات ومن ضمنها تدحرج الوضع الى حرب واسعة».
وأوضحت الأوساط أنّ كيان الاحتلال الذي يواجه زلزالاً عسكرياً وأمنياً وفي اقتصاده ومجتمعه ويغرق أكثر في حرب استنزاف كبيرة وطويلة في غزة في مواجهة المقاومة الفلسطينية، يحاول الهروب الى الأمام بنقل المعركة الى لبنان، لكن قادة الاحتلال والإدارة الأميركية وكلّ داعمي هذا الكيان يدركون بأنه لن يستطع تغيير المعادلات لا في غزة وفلسطين ولا في لبنان ولا الواقع العسكري والأمني في العراق وسورية واليمن ولبنان، وبالتالي هو أوهن من بيت العنكبوت كما قال السيد حسن نصرالله».
وجزمت الأوساط أنّ الحديث عن انسحاب حزب الله أو قوات الرضوان الى شمال الليطاني من نسج الخيال ومجرد أوهام، ومن يبثّ هكذا إشاعات أكان في الخارج أم في الداخل إما غبي ولا يعرف طبيعة وثقافة المقاومة وأخلاقها وعزيمتها وقوتها، إما يقوم بدور مشبوه بهدف التضليل وتشويه صورة المقاومة وتخديم الحرب النفسية والمعنوية للعدو»، وأكدت الأوساط أنّ المقاومة لن تنسحب متراً واحداً لا من جنوب الليطاني ولا من شماله، بل ثابتة في الميدان ومستمرة في عملياتها العسكرية بعزم وقوة أكبر إسناداً للمقاومة الفلسطينية حتى يتوقف العدوان على غزة». وتتساءل الأوساط كيف يمكن الطلب من المقاومين التراجع عن الحدود كيلومترات والتخلي عن قوة كبيرة تحمي الجنوب ولبنان، وفي وقت يقوم كيان الإحتلال بالعدوان على لبنان ويُسلح مستوطنيه»؟
وعلمت «البناء» أنّ إتصالات مكثفة على الخطوط الدولية – الإقليمية – اللبنانية، لمنع الإنزلاق الى حرب واسعة بين حزب الله وجيش الإحتلال، وقد أجرت قيادة قوات اليونيفيل سلسلة اتصالات بالمسؤولين الذين تلقوا اتصالات ورسائل جديدة على هذا الصعيد. وكرر المسؤولون والحكومة في لبنان موقفهم بأن لبنان ملتزم بالقرار 1701 وإسرائيل خرقته آلاف المرات منذ الـ2006 حتى الآن ولم تمتثل للقرارات الدولية ولا لمناشدات قوات اليونيفيل، وكيف يطلب من حزب الله ولبنان تطبيق القرار في ظلّ العدوان الإسرائيلي الكبير على غزة الذي يصيب بتداعياته المنطقة برمتها، فضلاً عن الاعتداءات اليومية على لبنان، واستمرار العدو باحتلال أراضٍ لبنانية لا سيما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر. وجددت الحكومة تأكيدها بأنها تسعى جاهدة لضبط الوضع وتطبيق القرار 1701 لكن لا يمكن تطبيق ما تطلبه إسرائيل بإبعاد حزب الله عن الحدود، فمن المستحيل إبعاد حزب هو جزء لا يتجزأ من بيئة شعبية جنوبية ووطنية حاضنة للمقاومة».
وأشار وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب في كلمة له خلال مشاركته في المنتدى العربي الروسي، في مراكش – المغرب، الى أننا «نثمّن أن تلعب الأمم المتحدة دوراً فاعلاً في إنهاء الحرب، وألا تتحوّل إلى عصبة أمم أخرى، بحيث تؤدّي المساعي المبذولة إلى وقف مستديم لإطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة وإسعاف شعبها المنكوب والشروع في الحلّ النهائي لهذه الأزمة، الذي لن يكون إلا عبر اعتماد حلّ الدولتين، وفقاً للمبادرة العربية لسلام التي انطلقت عن قمة بيروت عام 2002».
ولفت بو حبيب الى «أنّ إسرائيل قامت بالاعتداء على وطني لبنان وأهله وصحافيّيه ولا تزال، مستخدمة الأسلحة المحظورة دولياً، لا سيما الفوسفور الأبيض على الناس والأرض».
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أنّ «موسكو تبذل كلّ ما في وسعها لمنع المزيد من تصريفعيد التوتر على الحدود بين إسرائيل ولبنان». وأشارت زاخاروفا في مؤتمر صحافي، الى «أننا نبذل قصارى جهدنا على المستوى الحكومي، وعلى مستوى وزارة الخارجية، لمنع المزيد من تصعيد التوتر والأعمال العسكرية في المنطقة». ولفتت إلى أنّ «الوضع على خط التماس بين لبنان وإسرائيل، له صلة مباشرة بما يحدث في قطاع غزة، والمناطق الفلسطينية الأخرى».
بدوره، أكد الرئيس السوري بشار الأسد، أنّ «ما يهدّد لبنان يهدّد سورية، وأنّ استقرار لبنان يساهم في استقرار سورية أيضاً».
وخلال لقائه أعضاء القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان برئاسة الأمين العام علي حجازي، شدّد الرئيس الأسد على أنّ «الأحزاب تحمل مسؤولية كبيرة في تمتين العلاقات بين الشعوب، إضافة لدورها في الدفاع عن القضايا الوطنية. وانطلاقاً من ذلك، كان لحزب البعث والقوى والأحزاب الوطنية الأخرى في لبنان دور في تقوية العلاقة الأخوية بين سورية ولبنان».
في غضون ذلك، لا يزال المشهد السياسي الداخلي تحت تأثير قرار التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون والقادة الأمنيين بانتظار الطعن الذي يعتزم التيار الوطني الحر تقديمه بقانون التمديد أمام المجلس الدستوري فور صدور القانون في الجريدة الرسمية.
واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب وجرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية والشؤون التشريعية. بعد اللقاء قال بوصعب «التقيت دولة الرئيس نبيه بري للمعايدة عشية الأعياد، وللبحث أيضاً في ثلاثة مواضيع أساسية بعد الجلسة التشريعية، ومنها التمني والطلب تأكيداً على الكلام الذي قاله الرئيس بري لي بعد نهاية الجلسة، بأن شغله الشاغل بعد الأعياد إنتخاب رئيس للجمهورية، وأعتقد ان هذا الموضوع سيكون له الأولوية عند الرئيس نبيه بري حتى نصل الى إنتخاب رئيسة».
وأضاف بو صعب: «الموضوع الآخر هو ما يحصل في مجلس الوزراء والكلام الذي سمعناه بالأمس ونُسب إلى رئيس الحكومة، أقول للرئيس ميقاتي: من مسؤولية رئيس الحكومة التعاطي مع كافة الوزراء وأنا أكيد انه لا يقصد الكلام بهذا الشكل، ربما الإعلام ظهره هكذا، أتمنى على رئيس الحكومة توضيح هذا الموضوع، وزير الدفاع موجود بوزارته وهو عضو في الحكومة مثله مثل رئيس الحكومة، اي اذا انتهى وزير الدفاع بمهامه في وزارته، هذا معناه أنّ الحكومة انتهت وانتهى رئيس الحكومة بنفس الطريقة».
وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أنّ ملف تعيين رئيس للأركان وفي المجلس العسكري لم ينضج بعد، في ظلّ وجود تعقيدات سياسية ودستورية وقانونية، أبرزها انتظار وزير الدفاع نتيجة الطعن الذي سيقدّمه التيار الوطني الحر بقانون التمديد لقائد الجيش ليبني على الشيء مقتضاه، وإصرار التيار على توقيع الـ24 وزيراً على أيّ مرسوم للتعيين وليس فقط الإكتفاء بتوقيع رئيس الحكومة، فضلاً عن غياب التوافق السياسي على هوية رئيس الأركان، خصوصاً بين الحزب الإشتراكي وتيار المردة التي لم تفلح اجتماعاتهما لتذليل العقبة، إذ أنّ الوزير السابق سليمان فرنجية يرفض منح هدية لجنبلاط في وقت يرفض جنبلاط دعم ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، علماً أنّ وزيري المردة جوني القرم وزياد المكاري يؤمنان نصاب انعقاد جلسة لمجلس الوزراء». وتوقعت المصادر تأجيل الملف الى العام الجديد مع اتضاح مشهد الطعن وإذا كان هناك مساعي جديدة في ملف رئاسة الجمهورية.
لكن أوساط حكومية تشير لـ»البناء» الى أنّ الرئيس ميقاتي متمسك بآلية صدور المراسيم أيّ إمضاءين: توقيع رئيس الحكومة نيابة عن رئيس الجمهورية، وتوقيع رئيس الحكومة».
على صعيد آخر، وقّع ميقاتي المراسيم المتعلقة بترقيات الضباط في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة. كما استقبل ميقاتي النائب طوني فرنجية الذي كان التقى أمس الأول وفداً اشتراكياً عرض لملف التعيينات في المجلس العسكري.

Exit mobile version