ترجمة رنا قرعة -لبنان24
يبدو أن المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين يشعرون بأنهم على بعد خطوات من نقطة انعطاف قد تحدث في حرب غزة. وقد تشتمل المرحلة التالية إحياء مفاوضات إطلاق سراح الرهائن مع حماس، وما يصاحب ذلك من وقف لإطلاق النار يدوم لعدة أسابيع، يعقبه انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية، وخاصة في شمال غزة.
وبحسب صحيفة “The Washington Post” الأميركي، “أصر كبار المسؤولين الإسرائيليين على أن الحرب سوف تستمر “أشهراً” أطول، ولكن هذا جزئياً لوضع حماس في موقف صعب. ويدرك قادة إسرائيل أنهم بحاجة إلى الانتقال إلى مرحلة جديدة في الصراع، وخاصة السماح لجنود الاحتياط بمغادرة الخطوط الأمامية والعودة إلى وظائفهم. لا يزال التخطيط الإسرائيلي يشوبه الغموض، لكن يبدو أن المسؤولين متفقون مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على الأساسيات والتي تتمثل بالآتي: عدم قدرة حماس على فرض إرادتها السياسية في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، في حين يتولى فلسطينيون آخرون، ربما ينتمون إلى السلطة الفلسطينية، المسؤولية عن الحكم، كما ونشر قوة لحفظ السلام تحظى بدعم من الدول العربية المعتدلة الرئيسية. وستكون الهيئة الانتقالية في الواقع “هيئة إعادة إعمار غزة”.”
وتابعت الصحيفة، “تضغط إدارة بايدن على إسرائيل للانتقال إلى هذه المرحلة الأقل حركية في أقرب وقت ممكن، ويفضل أن يكون ذلك قبل نهاية العام، لتجنب المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين. وقد أعدت وزارة الخارجية وثيقة من 20 صفحة تقريبًا تحدد الخطوات والخيارات الأساسية لمرحلة ما بعد الصراع. وقاوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعض هذه الضغوط، ويتحدث بعض المسؤولين الإسرائيليين عن عملية انتقالية في كانون الثاني أو بعده، ولكن هناك اعتراف واضح بأن مرحلة جديدة مقبلة. إذا ماذا ينتظرنا في اليوم الذي يسبق “اليوم التالي”؟”
رأت الصحيفة أن “القتال سوف يستمر، خاصة في جنوب غزة، ولكن مع انهيار قوة حماس، يتوقع المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون أن يتولى الفلسطينيون أدواراً جديدة في الحكم والأمن، بدعم من الحكومات العربية المعتدلة التي تكره حماس بقدر ما تكره إسرائيل تقريباً، على الرغم من أنها لم تعلن ذلك علناً. إن الوضع في ساحة المعركة في غزة بعيد عن الحل، ويعتقد القادة الإسرائيليون أن هيكل القيادة والسيطرة التابع لحماس في شمال غزة قد انقسم. وعلى الرغم من استمرار الوحدات في القتال، إلا أنها غير قادرة على التواصل بشكل فعال مع كبار قادة حماس السياسيين والعسكريين، مثل يحيى السنوار ومحمد الضيف، المتحصنين في الجنوب”.
وبحسب الصحيفة، “يمثل قتل السنوار والضيف أحد أهداف الحرب الأساسية لإسرائيل، لكن هذه المهمة معقدة بسبب احتمال أن يكون الزعيمان قد أحاطا نفسيهما ببعض الرهائن الإسرائيليين المتبقين. ويمثل هذا نفس المعضلة التي أدت إلى تعقيد التخطيط العسكري الإسرائيلي منذ بدأت الحرب بالهجوم الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول. ويبدو أن المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين يسعون إلى تجديد الحوار مع حماس، من خلال قطر، لإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون في غزة والذين يزيد عددهم عن 100. ويدرس المسؤولون الإسرائيليون تمديد وقف إطلاق النار، ربما لمدة أسبوعين، للسماح لحماس بجمع هؤلاء الرهائن وتسليمهم إلى بر الأمان. من الممكن أن تتعهد إسرائيل أيضًا بسحب قواتها وإجراء عمليات مواجهة، خاصة في الشمال، بعد انتهاء وقف إطلاق النار”.
وتابعت الصحيفة، “يتفق المسؤولون الاميركيون والإسرائيليون على أن الخطوات العاجلة لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة ضرورية، ليس أقلها الحد من الانتقادات الدولية اللاذعة لإسرائيل وراعيتها بسبب عدد القتلى المدنيين الفلسطينيين الذي يقترب من 20 ألف شخص. ويخشى المسؤولون الإسرائيليون من احتمال انتشار المرض في غزة، على الرغم من اعتقاد المسؤولين أنه تم السيطرة على تفشي الكوليرا. وكان المسؤولون الإسرائيليون يأملون قبل عدة أسابيع أن يتمكن مخيم ضخم في المواصي، شمال الحدود المصرية، من استيعاب مئات الآلاف من اللاجئين من الشمال. ولكن الآن بعد أن أصبح جنوب غزة منطقة المعركة الأكثر سخونة في الحرب، فقد لا يكون من الممكن الدفاع عن هذه الخطة. ويفكر المسؤولون الإسرائيليون الآن في إنشاء ما يطلق عليه “الجزر الإنسانية” في شمال غزة لاجتذاب الفلسطينيين الفارين من العنف”.
وبحسب الصحيفة، “إحدى المشاكل التي لم يتم حلها هي تشكيل القوة الأمنية التي ستحافظ على النظام في غزة بمجرد أن تبدأ القوات الإسرائيلية بالانسحاب. وقد تتألف القوة الأمنية، في البداية، بشكل أساسي من فلسطينيين لا ينتمون إلى حماس ومستعدون للتعاون مع القوات الإسرائيلية التي لا تزال تطوق الحدود. ومن الناحية المثالية، سيتم تعزيز قوة الشرطة هذه بقوات أجنبية تعمل بموجب تفويض من الأمم المتحدة. وفي ظل الفوضى التي ستعم غزة بعد الحرب، سوف تكون هناك حاجة إلى قوات منضبطة تتمتع بالخبرة، وتسمح لها قواعد الاشتباك باستخدام القوة العسكرية إذا لزم الأمر”.
وتابعت الصحيفة، “ربما وصل إصرار إسرائيل على أنها ستقضي على حماس إلى نقطة تحول أيضاً. فبعد أكثر من 70 يوما من القتال العنيف، تقدر إسرائيل أنها قتلت حوالي 8500 من مقاتلي حماس. ومهما كانت الأرقام الدقيقة، فمن المرجح أن تبقى حماس المنهكة على قيد الحياة، وربما في الخفاء. على المدى الطويل، عندما يأتي “اليوم التالي” أخيرًا، يأمل المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون أن تتمكن دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، من لعب دور رئيسي، خاصة في ما يتعلق بتوفير المال والقيادة والشرعية لجهود إعادة إعمار غزة”.
ورأت الصحيفة أن “لدى كلا البلدين أسباب لمساعدة غزة التي تولد من جديد: يسعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الحصول على فرصة لإظهار القيادة الحكيمة في العالم العربي. إن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه، دعم إقامة دولة فلسطينية تتمتع بالحكم الجيد في غزة والضفة الغربية، سوف يكون أمراً حكيماً في الواقع. من جانبها، ستجلب الإمارات العربية المتحدة مهارات خاصة إلى الطاولة أيضًا، باعتبارها أول دولة عربية تتبنى اتفاقيات إبراهيم، فهي تحظى بثقة الإسرائيليين، كما وتتمتع الشركات الإماراتية مثل إعمار بالخبرة في إدارة مشاريع البناء الضخمة التي ستحتاجها غزة”.
وتابعت الصحيفة، “كانت العلاقة بين بايدن ونتنياهو مثيرة للجدل في كثير من الأحيان، وكان الاحتكاك واضحا مع زيادة واشنطن ضغوطها للانتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب. لكن مسؤول رفيع المستوى في إدارة بايدن أشار إلى أنه، خلافاً للتقارير السابقة، كان نتنياهو “هادئاً” في مقاومة الدعوات داخل مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي لتوجيه ضربة استباقية ضد حزب الله في لبنان في الأيام الأولى بعد هجوم حماس“.