يعتقد أن “الدولة العميقة”، عبارة عن شبكة سرية خاصة تضم مسؤولين حكوميين وتشمل أحيانا كيانات كبرى تنشط في الغالب بالمجالات المالية وفي الصناعات العسكرية، وهي تعمل خارج القانون بهدف التأثير على سياسات الحكومة الرسمية وتوجهها وفق مصالحها.
بعض الخبراء يرون أن “الدولة العميقة” هو عالم سفلي غامض تعمل فيه عناصر قوية داخل الدولة، وخاصة الأجهزة العسكرية والأمنية. في هذا العالم السفلي تستعين هذه الأطراف المتنفذة بعالم الجريمة الجنائية للقيام بعمليات خاصة غير قانونية لصالح “النخبة” الحاكمة في البلاد.
يعتقد في هذا السياق أن مثل هذه “الدولة العميقة” تتحرك مستعينة بإمكانيات خفية توفرها مجالات في الدولة تخصص لها ميزانيات سرية كبيرة ويكون نشاطها بعيدا عن سيطرة أجهزة الدولة الرقابية الرسمية.
جذور “الدولة العميقة” يجد البعض لها نماذج في الواقع العملي منذ القرن الثامن عشر، فيما يعتقد أن المصطلح هو ترجمة حرفية لعبارة ” ديرين دولت” التركية. الكلمتان ارتبطا بمنظومة شبكة سرية من الضباط وموظفي الخدمة المدنية كان شكلها مصطفى كامل أتاتورك لحماية النظام الجمهوري العلماني في بلاده.
رغم التشابه في المعنى، إلا أن مفهوم “الدولة العميقة” يختلف عن النموذج التركي في أنه أكثر اتساعا وتنوعا في أهدافه وأشد غموضا حتى أن البعض يضيف “الدولة العميقة” إلى خانة “نظرية المؤامرة”، ولا يعتقد أنها موجود بالفعل.
عالم الاجتماع الأمريكي تشارلز رايت ميلز، كان نشر في عام 1956 كتابا بعنوان “النخبة القوية”، استعرض من خلاله ما رأى أنها عناصر القوة الرئيسة في الولايات المتحدة، مشيرا إلى أنها تركزت منذ منتصف القرن العشرين في ثلاثة قطاعات، هي الصناعات العسكرية وشارع المال “وول ستريت” والبنتاغون.
أما الكاتب الأمريكي مايك لوفغرين فقد عرّف “الدولة العميقة” بالنسبة للولايات المتحدة في عام 2014 على أنها “اندماج هجين بين مسؤولين حكوميين وممثلين رفيعي المستوى للممولين والصناعيين الذين يديرون الولايات المتحدة بشكل فعال من دون سؤال الناخبين عنها”.
تعرف “الدولة العميقة” أيضا بأنها “دولة داخل الدولة”. أي أنها نموذج لحكومة سرية تتكون من أطراف خفية في السلطة تعمل بشكل مستقل عن القيادة السياسية الرسمية للدولة، وفي الغالب تتحرك من خلال هياكل شبه عسكرية مثل وزارات الدفاع والصناعات العسكرية والمؤسسات الإعلامية الكبرى.
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أشعل مصطلح “الدولة العميقة” في صراعه مع خصومه الديمقراطيين. ترامب وضع تصورا مخالفا لنموذج الدولة العميقة في الولايات المتحدة والتي يرى الكثيرون أنها مشروع لحكومة عالمية في الظل تسعى للسيطرة على الأرض.
ترامب فصّل فيما يبدو “دولة عميقة” بحسب الحاجة. ظهر ذلك في كلمته التي وجهها إلى حشد من أنصاره في تكساس عام 2023 قال فيها : “إما أن تدمر الدولة العميقة أمريكا أو ندمر الدولة العميقة”.
في العموم يعتقد أولئك الذين يؤمنون بوجود “الدولة العميقة” أن الحكومات في الغالب ما هي إلا مجرد خيالات، فيما عمليا تسير الدول من قبل “كرادلة رماديين، من بيروقراطيين وعسكريين.
المصدر: RT