إسرائيل اليوم – مقال – 11/8/2024
الجيدون للصواريخ
بقلم: ايال زيسر
(المضمون: بعد ان تنتهي الحرب جدير بان تكون احدى المسائل موضع الفحص، وينبغي الامل بجدية هذه المرة هي إقامة سلاح صواريخ في الذراع الجوي للجيش ليشكل مدماكا إضافيا في بناء قوة ساحقة عسكرية يكون ممكنا استخدامها بشكل فوري ومتواصل وتساهم أيضا في ترميم قدرة الردع الإسرائيلية امام اعدائها. – المصدر).
تعالوا لنحسب ماذا كان سيحصل لو انه بعد بضع ساعات من إصابة المُسيرات التي اطلقها الحوثيون من اليمن في مركز تل أبيب، وفي واقع الامر بعد بضع ساعات من اطلاقهم الصاروخ الأول نحو ايلات بعد بضعة أيام من نشوب الحرب كانت تفجرت في صنعاء، عاصمة الحوثيين، وميناء الحديدة عشرات الصواريخ التي اطلقت من الكيان ردا على ذلك.
لو أن هذه اصابت بدقة شديدة جملة اهداف استراتيجية ودفعت الحوثيين للتفكير مرتين في المغامرة التي ادخلوا فيها أنفسهم او على الأقل جبت منهم ثمنا باهظا لقاء عدوانهم. غير أنه ليس للكيان كما هو معروف سلاح صواريخ، ولهذا فليس لها قدرة رد سريعة ومتواصلة واساسا فتاكة ضد أعداء قريبين وبعيدين على حد سواء، لا في اليمن ولا في العراق أيضا. لا في ايران ولا حتى في لبنان.
سلاح الجو الذي افشل على مدى السنين كل محاولة لتحدي وكسر المسلمات التي ترى في الطائرة كل شيء، ومنع بحثا حقيقيا وعميقا في الحاجة لسلاح صواريخ وعلى أي حال أيضا إقامة هذا السلاح، عاد وادعى، ويمكن عن حق بان للطائرة التي يقودها طيار سيكون دوما تفوقا على الصاروخ وان هجوما جويا هو في الغالب دقيق بل وفتاك وفي نهاية الامر ارخص من إقامة وصيانة سلاح صواريخ فيه عشرات الاف الصواريخ كما يحوز الإيرانيون وحزب الله. كما ادعى سلاح الجو أيضا بان سلاح صواريخ ليس جوابا مناسبا للتحديات الأمنية التي تقوم امامها الكيان، وهكذا مثلا ليس بوسعه ان يحيد تهديد الصواريخ من ايران ومن لبنان. فهذه بالمناسبة تبينت كناجعة سواء في كل ما يتعلق بالضرر الذي تلحقه بنا في الشمال ام في قدرة ردعنا وشلنا.
لكن هذه ادعاءات تعكس تفكير “لجنة عمال” مصممة على الدفاع عن مكان العمل وكذا عن العلامة التجارية “الجيدون للطيران” وما هو مقلق اكثر هو ان هذا هو تفكير مناسب لعصر المُسيرات حين يكون كل همنا هو أن نخرج الى حيز التنفيذ عمليات خاصة وجريئة تلتقط لها صور جيدة لكن مساهمتها على المدى البعيد موضع شك. تجدر الإشارة الى ان هذه العمليات انستنا ما هي الحرب وكيف ينبغي للجيش أن يقاتل فيها.
بعد كل شيء فان هجوما من الجو هو خطوة مركبة تستوجب استعدادا مسبقا واعدادات كثيرة وتترافق أيضا بقلق على سلامة الطيارين. فضلا عن ذلك، في وضع حرب شاملة ستصبح المطارات في الكيان أهدافا لصواريخ العدو. وبعامة، فان ثمن صاروخ متطور – مثلا، ثمن التوم هوك الذي استخدمه الامريكيون بشكل ناجع ومكثف في العقود الأخيرة في عموم الحروب والمعارك التي خاضوها – هو نحو مليون دولار. اما ثمن الطائرة القتالية المتطورة بالمقابل فهو نحو 100 مليون دولار.
لكن عندما لا تكون للكيان استراتيجية – لا سياسية ولا امنية – امام اعدائها، وكل همها هو تأخير واحتواء التهديد الذي يضعونه امامها لكن لا التصدي له او ازالته، فان عمليات وهجمات موضعية من الجو تصبح هي الأساس والجوهر. وهكذا فان من اهمل وقلص الجيش البري، اضعف قدرته على المناورة في أراضي العدو بل واخرج من القاموس العسكري الإسرائيلي اصطلاحات الحسم والنصر – حرص على أي يقام سلاح صواريخ.
آخر من حاول إقامة سلاح صواريخ كان افيغدور ليبرمان حين تولى منصب وزير الجيش، غير ان المنظومة العسكرية افشلت الفكرة. مثلا بالمناسبة وزراء امن مثل موشيه آرنس ممن جاءوا من الحياة المدنية، تبينوا كاصحاب تفكير ابداعي اكثر بكثير من الجنرالات. وحتى لوزير الجيش عمير بيرتس الذي فشل فشلا ذريعا في حرب لبنان الثانية، محفوظة نقطة استحقاق كمن شخص الامكانية الكامنة في القبة الحديدية وعمل على دفعها الى الامام.
لا شك أن في اليوم التالي، حين تنتهي الحرب ويتفرغ الجيش للتجدد ولاعادة بناء قوته وكذا لتميم قدرتة ردعنا امام اعدائنا، جدير بان تكون احدى المسائل موضع الفحص، وينبغي الامل بجدية هذه المرة هي إقامة سلاح صواريخ في الذراع الجوي للجيش ليشكل مدماكا إضافيا في بناء قوة ساحقة عسكرية يكون ممكنا استخدامها بشكل فوري ومتواصل وتساهم أيضا في ترميم قدرة الردع الإسرائيلية امام اعدائها.