لم يعد معروفاً ما الذي يمكن ان يضع حداً للانهيار المريع في سياسة لبنان الخارجية، او يرسم خطاً أمام مزيد من محاباة العدو الاميركي على حساب آلاف الاطفال والنساء الذي تقتلهم اسرائيل بوحشية. وقائع اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب في القاهرة، امس، دلت مجدداً إلى أن على الوزير عبد الله بوحبيب إما ان يحسم أمره، او يحزم حقائبه.
ففي الاجتماع الذي عقد لمناقشة ما يجري على ارض فلسطين، تقدم المندوب الفلسطيني بمشروع قرار، تضمّن «تحميل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، المسؤولية الكاملة عن التصعيد وعدم الاستقرار نتيجة عدوانها الشامل المستمر والمتصاعد على الشعب الفلسطيني». غير أن المطبّعين العرب، خصوصاً الامارات العربية المتحدة والمغرب والبحرين ومصر والاردن، رفضوا الاقتراح، وخضعوا للضغوط الأميركية برفض تحميل اسرائيل مسؤولية ما يجري. بل إن بعضهم (كالمغرب والامارات) طرحا في المداولات التي سبقت الاجتماع ادانة حركة «حماس» او تحميلها مسؤولية ما يجري.
النقاشات التي سبقت الاجتماع وأثناءه كشفت أن الدول المطبّعة مع العدو، ابلغت الأمانة العامة «رفضاً قاطعاً للمشروع الفلسطيني»، قبل ان تبدأ الضغوط على الجانب الفلسطيني، وتضمّنت «نقل تهديدات غربية بوقف المساعدات والدعم المالي للسلطة وعزلها وإغلاق اي مسار سياسي». وحاول جماعة التطبيع اضافة فقرة الى القرار تتحدث عن وجود رهائن من المدنيين يجب اطلاقهم، إلا أن اصرار المندوب الفلسطيني حال دون ذلك، فعاود المطبّعون طرح «ادانة استهداف المدنيين». وتولى المندوب الاردني التهويل، مشيرا الى زيارة وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن الى عمان اليوم للبحث في ملف الاسرى.
ولدى مناقشة اقرار التصور الجديد لمشروع القرار، طلب العراق وسوريا والجزائر وليبيا تسجيل تحفظهم ورفضهم «كل عبارة تساوي بين حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره وإقامة دولة ذات سيادة على حدود 1967، مع ممارسات الكيان الصهيوني التي تنتهك المواثيق وقرارات الشرعية الدولية، وأصرّ المندوب الليبي على طلب تعديل لحفظ «حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه أمام يتعرض حالياً من عدوان».
اما لبنان، الذي يعاني الامرّين من العدو الاسرائيلي، ولا تزال اراضيه محتلة، ويتعرض للعدوان هذه الايام، فقد استجاب لما طلبته الادارة الاميركية من وزير الخارجية، وامتنع عن الادلاء بأي موقف يمكن ان يستنتج منه دعم لحق الفلسطينيين في الدفاع عن انفسهم.