أمران أكيدان هما أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يكن في صورة ما شهدته غزة قبل أيام، لكنه كان يستشعر أن في المنطقة ملفات عالقة وتوازنات هشة سوف تتكفل بإنتاج حدث خاطف في فلسطين او سورية او على جبهات أخرى تخطف الاهتمام الدولي والإقليمي، وتجعل لبنان على هامش هذه الاهتمامات.
الأمر الثاني هو أن ما حدث في غزة كبير جداً وكافٍ لجعل العالم والمنطقة في منطقة تفكير مختلفة لا مكان فيها للاهتمام بالمسار الرئاسي اللبناني، بل إن ما جرى يربط الاهتمام الدولي والإقليمي بالرئاسة اللبنانية بحاصل التوازنات التي سوف تنشأ من المواجهة الدائرة في المنطقة حول الخيارات الكبرى في ضوء ما جرى ويجري في غزة.
هذا يعني فعلاً أن مبادرة الرئيس نبيه بري كانت فرصة وضاعت، ويعني أن الذين عطلوها وفعلوا ذلك بوهم القدرة على استدراج دعم خارجي يغيّر معادلات الداخل لصالح ضغوط على بري لم يتردد دعاتها بالقول إن المطلوب تفعيل العقوبات على من وصفوهم المعرقلين لعملية الانتخاب، مركزين على اعتبار عدم توجيه بري دعوات متتالية لعقد جلسات مفتوحة هو سبب التعطيل.
لو تمّ قبول دعوة الرئيس بري كنا عملياً سوف ندخل الحوار ولا أحد يملك قدرة إجبار أحد بإعلان القبول والتوافق على ما لا يريد. وهذا يعني ثلاثة احتمالات، الأول التوافق المنشود رئاسياً وحكومياً والذهاب الى جلسة انتخاب تنتهي برئيس بما يشبه التزكية، والثاني التوافق على تسمية أكثر من مرشح وارتضاء الحسم بين هذه الأسماء في صندوق الاقتراع. وهذا يعني أن يفوز مرشح لا يعتبر فوزه أحد بمثابة خسارة كاملة، والثالث عدم الاتفاق على شيء وخوض غمار التجربة التي يدعو إليها معارضو دعوة بري وهي الانتخاب ثم الانتخاب حتى نصل الى رئيس، عبر الرهان على تفكك ونشوء تحالفات بين الجلسات.
في كل الأحوال ضياع الفرصة وتأجيل الاستحقاق إلى مدى زمني غير قصير يجب أن يطرح السؤال حول نوعية القادة الذين يتولون الشأن السياسي في بلدنا.
التعليق السياسي-البناء