“المياه والحياة تنفدان من غزة. مليونا شخص في القطاع يعيشون حاليا بدون مياه”، بحسب ما قالته مديرة الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين، جوليات توما، مؤكدة أن الأونروا لم تتمكن من إدخال أي إمدادات منذ السابع من أكتوبر الجاري بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة، نافية بذلك ما تداولته وسائل إعلام عن فتح المعبر ودخول شاحنات وقود تابعة للأمم المتحدة، بعد ظهر الاثنين.
وأضافت توما، خلال مؤتمر صحفي عقدته، الاثنين، حول الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، أن الأرقام الأخيرة تشير إلى نزوح مليون فلسطيني منذ بداية الحرب بين غزة وإسرائيل، مجددة مطالبة الأونروا برفع الحصار عن القطاع كي تتمكن ووكالات الأمم المتحدة الأخرى والهيئات الإنسانية من إيصال الإمدادات الأساسية التي تشتد الحاجة إليها وتقديم المساعدة للمحتاجين.
وأضاف في مؤتمر صحفي “في الوقت الذي أتحدث فيه معكم، تنفد من الماء والكهرباء، لم يتم السماح بدخول قطرة ماء واحدة، ولا حبة قمح واحدة، ولا لتر وقود إلى قطاع غزة خلال الأيام الماضية، غزة تختنق، وقريبا على ما أعتقد، سيترافق ذلك مع عدم وجود طعام أو دواء أيضا”.
إن عدد الأشخاص الذين يلتمسون المأوى في مدارس ومرافق الأونروا الأخرى في الجنوب بحسب لازاريني “هائل للغاية، ولم يعد لدينا القدرة على التعامل معهم. تتكشف أمام أعيننا كارثة إنسانية لم يسبق لها مثيل”.
وذكّر المفوض الأممي، بأن “غزة تحت الحصار لمدة 16 عاما وبشكل أساسي، كان أكثر من 60 بالمئة من السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية الدولية. في كل ساعة، نتلقى المزيد والمزيد من نداءات المساعدة اليائسة من الناس في جميع أنحاء القطاع”.
يذكر أن معبر رفح الواقع في أقصى جنوب غزة على الجانب المصري، يعتبر شريان حياة للقطاع بعد إغلاق إسرائيل معبري إيريز (شمال غزة)، وكرم أبو سالم وهو (معبر تجاري بين إسرائيل وغزة)، ومنع دخول إمدادات الوقود والكهرباء والمياه، عقب هجمات حماس.
وتتحكم حماس ومصر بحركة المرور عبر معبر رفح، لكن شلّت حركته بعد تعرضه لقصف إسرائيلي ردا على هجوم حماس.
بلينكن قال، في ختام محادثات ماراثونية أجراها في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إن “من الضروري أن يبدأ تدفق المساعدات إلى غزة في أقرب وقت ممكن”.
وكان بلينكن أعلن أن بايدن سيزور إسرائيل الأربعاء، حيث يتلقي في تل أبيب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانانياهو.
في محاولة المساعدة في المحادثات الدائرة بشأن الوصول الإنساني إلى قطاع غزة، أعلن منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، مارتن غريفيثس، أنه سيتوجه، الثلاثاء، إلى منطقة الشرق الأوسط.
زيارة غريفيش للمنطقة ستكون أيضا كما قال في مؤتمر صحفي بمكتب الأمم المتحدة في جنيف” لإبداء تضامنه وتقديره للشجاعة الفائقة للآلاف من عاملي الإغاثة الذين يواصلون عملهم في ظل الظروف الصعبة في غزة والضفة الغربية”.
كما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أن الاتحاد الأوروبي سيفتح ممرا إنسانيا جويا إلى غزة عبر مصر.
وأكد وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، على الحاجة لضمان وصول المساعدات إلى غزة، قائلا إن “الأمم المتحدة تبذل كل الجهود لضمان ذلك وإن المشاورات المكثفة دائرة مع السلطات الإسرائيلية والمصرية وغيرها بمساعدة من وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال زياراته للمنطقة”.
وشدد على أن “التاريخ يراقب. إدخال المساعدات إلى غزة هو الأولوية القصوى”، مؤكدا على أهمية دعم العمليات الإنسانية داخل غزة لضمان استمرارها.
مئات الشاحنات تنتظر عند معبر رفح للدخول إلى غزة، حيث سبق أن وصلت طائرات محملة بالمواد الغذائية من برنامج الأغذية العالمي إلى مطار العريش المصري قرب المعبر.
والجمعة الماضي، قال ممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره القُطري في فلسطين، سامر عبد الجابر، إن الوضع في قطاع غزة كارثي، حيث ينفد الطعام وتتوقف المخابز عن العمل في ظل انقطاع الكهرباء والمياه النظيفة وشح إمدادات الوقود.
وأضاف أنه لا يريد أن يتصور ما قد يحدث إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على تأمين ممرات إنسانية إلى القطاع، مشددا على أن 2.4 مليون شخص “مهددون بألا تكون لديهم أبسط حقوق الإنسان من ناحية الغذاء والماء والدواء والصحة”.
كما وصلت طائرة تحمل إمدادات صحية من منظمة الصحة العالمية إلى مطار العريش لإدخالها إلى غزة بمجرد إنشاء ممر إنساني، وتشمل الشحنة أدوية الرضوح والإمدادات الصحية اللازمة لها، لعلاج 1200 جريح و1500 مريض يعانون من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري ومشكلات التنفس، بالإضافة إلى إمدادات صحية أساسية لتلبية احتياجات 300 ألف شخص، بمن فيهم الحوامل.
وحذرت المنظمة العالمية من أن “أي تأخير في بقاء هذه الإمدادات على الجانب المصري من الحدود، سيؤدي إلى موت مزيد من الناس، “بينما توجد الإمدادات التي يمكن أن تنقذهم على بُعد أقل من 20 كيلومترا”.
سبق أن أدانت منظمة الصحة العالمية “بشدة الأوامر الإسرائيلية المتكررة بإخلاء 22 مستشفى يعالج أكثر من 2000 مريض شمال غزة”، مشددة على أن “الإجلاء الإجباري للمرضى والعاملين في المجال الصحي سيفاقم الكارثة الصحية والإنسانية الراهنة”.
وقالت المنظمة الأممية، في بيان صحفي، إن “حياة ذوي الحالات الحرجة والمرضى الضعفاء على المحك”، مشيرة إلى أن الموجودين في وحدات العناية المركزة أو المعتمدين على أجهزة دعم الحياة والمحتاجين لغسيل الكلى وحديثي الولادة في الحضانات والنساء اللاتي يعانين من مضاعفات الحمل، وغيرهم ممن سيعانون من تدهور وضعهم الصحي أو سيلقون حتفهم إذا أجبروا على التحرك وقُطعت عنها الرعاية الطبية المنقذة للحياة أثناء إجلائهم”.
وما زالت المنشآت الصحية في شمال غزة تشهد تدفقا كبيرا من المصابين، فيما تكافح للعمل بما يفوق طاقتها الاستيعابية القصوى. ويُعالج بعض المرضى في ممرات المستشفيات أو خارج مبانيها في الشوارع المحيطة بها بسبب عدم توفر الأَسرة.
واعتبرت المنظمة الأممية أن “إجبار أكثر من 2000 مريض على الانتقال إلى جنوب غزة، حيث تعمل المنشآت الصحية بأقصى طاقتها الاستيعابية ولا تستطيع استيعاب الزيادة الكبيرة في عدد المرضى، قد يصل إلى الحكم بالإعدام”، داعية إسرائيل إلى العدول فوراً عن أوامر إخلاء المستشفيات في شمال غزة، وإلى حماية المنشآت الصحية والعاملين في المجال الطبي والمرضى والمدنيين.
الحصار على غزة، بالطريقة التي يتم فرضه عليها، هو بحسب لازاريني “عقاب جماعي”، داعيا إلى رفعه “قبل فوات الأوان” إذ يجب أن تكون “وكالات الإغاثة قادرة على جلب الإمدادات الأساسية بأمان مثل الوقود والمياه والغذاء والدواء”، وشدد “يجب على جميع الأطراف تسهيل ممر إنساني حتى نتمكن من الوصول إلى جميع المحتاجين إلى الدعم”.