الفاتيكان “يتفهم” مخاطر النزوح السوري: بينهم 100 ألف عسكري!

علّقت الحرب على غزة الملفات السياسية الداخلية الساخنة، وفي طليعتها ملف النزوح السوري إلى لبنان. لكن هذا الملف، وغيره من شؤون لبنان وشجونه الكثيرة، حمله إلى الفاتيكان بطاركة وأساقفة الشرق الكاثوليك الذين شاركوا في سينودس الاساقفة برئاسة البابا فرنسيس.

وعلى هامش السينودس، عقد البطاركة والأساقفة اجتماعاً، وجهوا بعده نداء إلى البابا تناولوا فيه عددا من التحديات التي تواجه لبنان (راجع “المدن”).

أشاروا في ندائهم إلى أن لبنان “يعاني من دخول اللاجئين السوريين باعداد كبيرة، حتى باتوا يشكلون عبئاُ ثقيلاً من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية لا يستطيع لبنان تحمّله”.

ليس هذا الكلام جديداً في أدبيات الكنائس اللبنانية. جديده في “وقعه” الفاتيكاني. فالبابا فرنسيس، المعروف بانحيازه للاجئين والمهمشين والفقراء، والذي كرر في الشهر الماضي تحذير أوروبا من “شلل الخوف” والتأكيد أن اللاجئين “ليسوا غزاة”، كان يقول كلاماً مشابها على مسامع المسؤولين الروحيين اللبنانيين.

لكن منذ فترة غير قصيرة، تحديداً منذ العام 2018، سعت الكنيسة المارونية، إضافة إلى شخصيات مدنية تدور في فلكها، إلى الشرح للدوائر الفاتيكانية مشاكل لبنان وخصوصياته وتحدياته، التي تجعل من النزوح السوري، بشكله الراهن، “أزمة عميقة تهدد هوية الكيان”، على ما يجزم أسقف ماروني.

100 ألف مدربين على السلاح
كثيرة هي الحجج التي استُخدمت لإقناع الكرسي الرسولي بالخطر الذي يهدد لبنان جراء النزوح السوري بأعداد كبيرة. تحدث كثيرون عن الانهيار الاقتصادي الذي ينعكس هجرة لدى الشباب اللبناني عموماً، والمسيحي خصوصاً. قُدمت الدلائل والدراسات عن تأثر النظامين التربوي والصحي. وتم التركيز بشكل خاص على التغيير الديموغرافي الذي يهدد هوية لبنان ودورالمسيحيين فيه وانسحابه على الحضور المسيحي في الشرق.
لكن للكلام عن وجود نحو 100 ألف شاب سوري خضعوا لتدريبات عسكرية في الخدمة العسكرية الإلزامية كان له وقع مختلف ومقلق في الدوائر الفاتيكانية.

الرابطة المارونية: مواصلة السعي
يؤكد رئيس الرابطة المارونية خليل كرم لـ”المدن”، أن “موقف الفاتيكان صار أكثر تفهماً لوجهة النظر اللبنانية التي تعكس عجز البلد عن تحمل أعباء النزوح. جاء ذلك نتيجة جهد وحوارات طويلة بذلتها شخصيات لبنانية لإقناع دوائر القرار، لاسيما مع أمين سر دولة الفاتيكان بييترو بارولين ووزير الخارجية المطران بول ريتشارد غالاغير”. يضيف “تعمل الرابطة وتنسق مع آخرين على هذا الملف. وقد زارنا في أيار الماضي وفد من الحزب الديموقراطي المسيحي وتبنوا وجهة نظرنا لجهة الضغط الهائل للنزوح السوري على البنية اللبنانية، لكننا فوجئنا مؤخراً بالتصويت في البرلمان الأوروبي المغاير لما سمعناه من تفهم لواقع لبنان. وأظن أن ضغوطاً كبيرة مورست في هذا الملف”.

ويؤكد كرم أن “الرابطة التي تتابع الملف، وبعد اجتماعات متواصلة، آخرها اليوم (الأربعاء)، ستجول على المسؤولين للوصول إلى صيغ وخطة محددة لمعالجة هذه الأزمة”.

الكنيسة المارونية: أولوياتنا أفقية
لا تجد الكنيسة المارونية أن “استمرار العمل على معالجة موضوع النزوح السوري إلى لبنان يجب أن يؤجل بسبب الظروف القاسية والتهديدات الاسرائيلية ومخاطر الحروب”، كما يشير أسقف ماروني لـ”المدن”. يضيف، “ربما بسبب هذه الظروف المقلقة علينا أن نتنبه أكثر لما يتهدد استقرار البلد. فأزماتنا كثيرة ومتشعبة تماماً كما اهتمامات كنيستنا. ولكثرة القضايا المطلوب معالجتها، فإن أولوياتنا أفقية تضم عشرات القضايا الحيوية لمجتمعنا وبلدنا وفي طليعتها النزوح السوري والأزمة الاقتصادية وانعكاسها على قطاعات حيوية كالتربية والتعليم والطبابة، وواقع العائلات الاقتصادي الصعب. وقد أضيف إليها التهديدات بالحرب وما يرافقها من مآسٍ”.

ويشدد الأسقف على أن “الفاتيكان يملك اليوم رؤية أشمل عن واقع أزمة النازحين إلى لبنان ويتفهم أنها لا تقارن بأي نزوح إلى أي بلد آخر. ونحن نتمنى أن يتمكن من خلال دوائره وتأثيرها في العالم، على المساهمة في وضع الأمور على سكة الحل الذي قد يكون طويلاً”.

Exit mobile version