قضية فلسطين ليست قضية ارض كي تسعى الولايات المتحدة ودول اجنبية والكيان الصهيوني لمخطط تهجير مليون فلسطيني من قطاع غزة الى سيناء كي يقيموا مكانهم مستوطنات صهيونية، بل هي قضية ارض محتلة وشعب مظلوم مشتت منذ 75 سنة يعيش تحت الاحتلال في مخيمات او مدن تحت حصار، ويعيشون ايضا في الشتات، واكثرية الشعب الفلسطيني هو خارج فلسطين في دول الجوار وفي شتات العالم كله.
ان الكيان الصهيوني، بعد الضربة التي وجهتها حركة حماس على غلاف غزة، والذي يحاصر قطاع غزة بكامله منذ 16 سنة، يشعر بخطر وجودي على الصهاينة في فلسطين المحتلة. ولذلك استنجدت الصهيونية بالولايات المتحدة الداعمة الظالمة للكيان الصهيوني ضد الشعب الاصلي لفلسطين وضد العرب. كذلك استنجدت بأساطيل الاتحاد الاوروبي، وحضر الرئيس الاميركي جو بايدن ليقدم الطمأنينة للصهيونيين. ان الولايات المتحدة معهم اليوم وغدا وفي المستقبل، كما صرح الرئيس الاميركي جو بايدن. كما انه اعلن ان مستشفى الكنيسة المعمدانية في قطاع غزة الذي تم قصفه بالطائرات الاسرائيلية، انما فعلا تم قصفه بصواريخ من المقاومة الفلسطينية دون اي تحقيق، في حين ان مستشار المانيا ودول الاتحاد الاوروبي طالبت بتحقيق فعلي وجدي وبالاقمار الصناعية قبل ادانة اي طرف، فيما واضح ان الطائرات الاسرائيلية التي تحمل قنابل مدمرة هي التي قصفت المستشفى وقتلت المرضى والجرحى مرتكبة مجزرة وحشية فيه. ان كل طفل فلسطيني جريح او شهيد ينادي العرب كلهم، ينادي اهل المروة في العالم العربي، ولا يجب السكوت عن الغارات الوحشية المستمرة على قطاع غزة. لكن على كل حال، اهل المقاومة هم الابطالـ ويصدون كل محاولة ضرب لشجاعة المقاومة وكرامتها.
ان الشعب الاميركي الذي يهمه الاسرى البالغ عددهم 33، يهمه طبعا اطلاق سراح الاسرى، لكن بايدن يريد خوض الانتخابات الاميركية سنة 2024 ويريد الشعبية الصهيوينة في الولايات المتحدة، انما يعرف تماما ان المواطن في النتيجة يهمه قيمة الضرائب المفروضة عليه، وقيمة التضخم في اقتصادها. والاقتصاد هو الهم الاول لدى الشعب الاميركي، وزيارته للكيان الصهيوني لن تفيده في معركة الانتخابات الرئاسية. وهو رئيس ظالم، وهو رئيس واهم مهما كان رئيس اقوى دولة في العالم لانه يعتقد ان ارادة الشعب الفلسطيني، كما ارادة الشعوب العربية، ستسكت عن دعمه الظالم للصهيونيين الذين احتلوا فلسطين ذات يوم، وتم جمعهم في كل انحاء العالم، ويمكن للولايات المتحدة تثبيتهم على ارض فلسطين. ونقول له مهما قدمتم من اسلحة ومهما قدمتم من اموال ودعم اميركي مطلق، فلن تستطيعوا ابقاء الصهاينة في فلسطين. وكما قال سماحة السيد حسن نصرالله قائد المقاومة، ان زمن الهزائم قد ولى وان زمن الانتصارات آت، واستطاعت المقاومة تحرير الشريط الحدودي، ثم ردعت العدو الاسرائيلي في عدوان شهر تموز 2006. وقد راكمت المقاومة منذ 17 سنة وحتى سنة 2023 قوات هامة جدا، ومن يعتقد ان مقاومة حزب الله تستقدم الصواريخ من ايران هو واهم، وقد اصبح لديها الخبرات الكبيرة التقنية في صناعة الصواريخ، وخاصة الصواريخ الدقيقة. ولكن لا احد يعرف اين تصنع المقاومة هذه الصواريخ، واين هي مصانعها، وطبعا هي تحت الارض على عمق كبير جدا، وهذه المصانع ليست في المدن اللبنانية ولا قريبة منها وليست كما ادعى الجيش الاسرائيلي انها قرب العاصمة بيروت، بل هي في اماكن لا يعرفها احد وكذلك الحال ايضا في قطاع غزة فمن يعتقد ان حركتي حماس والجهاد يستوردون الصواريخ من ايران فهو واهم لأن المقاومة الفلسطينية والاسلامية في لبنان لديها الخبرة القادرة على تصنيع كل انواع الصواريخ وفي اماكن لم يستطع العدو اكتشاف اماكنها لا في غزة ولا في لبنان لدى حزب الله، فهل هي في لبنان ام في سوريا ام في العراق ام اليمن ام على شاطى البحر الاحمر القريب من غزة، ويبقى هذا الامر سر عسكري كبير حتى الولايات المتحدة لا تعرف اماكن هذه المصانع ولا حتى العدو الاسرائيلي بكل الاحوال، وان المقاومة حريصة ان لا تكون هذه المصانع قريبة من اي بلدة او مدينة لا في لبنان ولا في اي منطقة في الشرق الاوسط، كذلك حماس والجهاد الاسلامي، والذين يعرفون اين هي المصانع، عددهم لا يزيد على عدد الاصابع.
وان قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله هو القادر على الحاق الهزيمة الكبرى في اي حرب جديدة ستقع بين لبنان والكيان الصهيوني، فقد استطاع السيد حسن نصرالله قائد المقاومة تغيير وجه التاريخ من هيمنة صهيونية على المنطقة كلها الى كيان صهيوني انحسرت هيمنته وادت الى وصوله للهزائم.
واذا كان وزير الحرب الاسرائيلي كل يوم يصرح انه سيعيد لبنان الى العصر الحجري، فالكيان الصهيوني سيعود الى العصر الحجري ايضا، ومهما سيلحق بلبنان من خسائر فانه سيخرج منتصرا امام هزيمة الكيان الصهيوني الذي يعتبر نفسه اكبر قوة في الشرق الاوسط، بل في العالم العربي، وحتى في العالم الاسلامي.
اما الذين يقولون ان لبنان تحت الاحتلال الايراني، فليس هنالك من احتلال ايراني، بل هنالك دعم وطني وقومي وديني لمحاربة الصهيونية المعتدية تاريخيا على لبنان وكانت طائراتها في كل مناسبة تقصف لبنان. وها هي اليوم لا تتجرأ على اطلاق طائرة على الحدود اللبنانية الفلسطينية لقصف مركز للمقاومة. وان ايران المؤمنة بالحق وبمنع الظلم عن الشعب الفلسطيني، كان باستطاعتها، لو قررت السير بالسياسة الاميركية، ان تحصل على ما لم يحصل عليه شاه ايران، وان يكون اقتصادها من اقتصاد الدول السبع الاولى في العالم، لان ايران قارة. فمساحتها تزيد على مليون ونصف مليون متر مربع، ولديها كل الطاقات والمعادن لتكون اقوى دولة، لكنها رضيت بالعقوبات وبكل الحصار الاميركي الظالم والاوروبي عليها، مع انها دولة كبيرة. وهي دولة عدم انحياز رغم علاقاتها القوية مع روسيا والصين، لكنها تدعم الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني ضد الكيان الصهيوني. ومن المعيب توجيه الاتهامات لايران التي تقدم التضحيات في سبيل الشعب العربي المقاوم للصهيونية.
ان الحرب البرية الاسرائيلية قد تكون قريبة على قطاع غزة، لكن ستكلف العدو الصهيوني خسائر كبيرة. وعندئذ اذا كانت الدول لا تستطيع ان تطلب من الكيان الصهيوني عدم القيام بالهجوم البري على المدنيين الابرياء في قطاع غزة، فعليها الا تطلب من المقاومة الاسلامية اللبنانية عدم التدخل في الدفاع عن الحقوق المشروعة الفلسطينية واللبنانية، لانه من حقنا الحفاظ على وجودنا، وان نتصدى لهذا العدوان الظالم منذ 75 سنة، وايقافه بشكل نهائي.
شارل أيوب-الديار