تراخي المكوّنات السياسية على خلفية الصراعات الداخلية لم يحجب اهتمام الجميع بالتطورات الأخيرة على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وكانت لافتةً أمس جولة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل التي شملت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والنائب السابق وليد جنبلاط، على أن يلتقي اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري. كما أجرى باسيل اتصالاً بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للبحث في التطورات والاحتساب لأي تطور أو احتمال، «وتخلّله عرض للتطورات الأخيرة في لبنان والمنطقة وسبل حماية لبنان وتعزيز الوحدة الوطنية. وتمّ الاتفاق على استمرار التشاور الدائم بما يخدم مصلحة لبنان وجميع اللبنانيين»، وفق بيان أصدره التيار أمس. وعُلم أن الاتصال كان طويلاً، وأن باسيل «لمس اطمئنان السيد نصرالله وعدم وجود أي توتر في مقاربة الأمور» وفقاً لمصادر مطّلعة.
وقالت مصادر قريبة من باسيل إن برنامجه الحالي يستند إلى ورقة عمل من 4 نقاط، تشمل توحيد الموقف من العدوان على غزة، وكيفية المواجهة في حال وقوع عدوان إسرائيلي على قاعدة عدم إفساح المجال أمام العدو الإسرائيلي عبر تحركات غير منضبطة، وإيجاد حل لملف رئاسة الجمهورية. وأخيرا تطوير البحث في قضية النازحين السوريين.
وخرج باسيل من جولته الأولى بانطباعات إيجابية. وعُلم أن جنبلاط كان هادئاً وعقلانياً مع خشية من لعبة الاستفزاز الإسرائيلية التي يمكن أن توصل إلى حرب. وشدّد على «أهمية طمانة المقاومة، وعلينا التعاون لطمأنة الحزب أكثر وأكثر». وبشأن الملف الرئاسي، قال جنبلاط إنه ليس لديه أي مرشح.
وبينما يُفترض أن تكون زيارة باسيل لبري اليوم مفصلية، فإن جولته تزامنت مع زيارة قائد الجيش جوزف عون لعين التينة. وقالت مصادر لـ«الأخبار» إن «أحد الأسباب الرئيسية لجولة باسيل يتعلق بمصير قيادة الجيش عشية انتهاء ولاية عون بعد حوالي شهرين»، مشيرة إلى «رسالة وصلت إلى باسيل بأن القوى السياسية اتفقت في ما بينها على ضرورة الذهاب إلى خيار حاسم، إما بتأجيل تسريح عون أو تعيين رئيس للأركان، وأن حزب الله لا يمانع جلسة في هذا السياق بسبب تطورات الوضع في الجنوب والمنطقة». فضلاً عن «اتصالات سياسية داخلية وخارجية تضغط لأجل التمديد لعون أو تعيين رئيس أركان»، وهو ما يفسر التصريحات الأميركية بما خصّ «دعم الجيش والمؤسسة العسكرية».
وأضافت المصادر أن «جنبلاط يصرّ على تعيين رئيس للأركان وقبِل سابقاً باسم مقرّب من التيار الوطني الحر أكثر من الحزب الاشتراكي وهو قائد اللواء الحادي عشر العميد حسان عودة (علماً أن المنصب هو من حصة الدروز). ومع أن لا اتفاق أخيراً حتى الآن، إلا أن مصادر حكومية أكّدت أن «باسيل قد يقبل لاحقاً بتعيين أعضاء المجلس العسكري تحت عنوان مواجهة مخاطر اندلاع الحرب مع العدو الإسرائيلي، وعدم جواز ترك المؤسسة العسكرية تواجه المصير الذي تواجهه الرئاسة ومواقع أخرى، نظراً إلى حساسية المرحلة وخطورتها».
من جهتها قالت مصادر وزارية إنه «لا اتفاق حتى الآن حول موضوع التمديد لقائد الجيش أو تعيين رئيس للأركان، والقوى السياسية لم تحسم خياراتها بعد، لكنّ التشاور قائم وجديّ أكثر من أي وقت مضى، وقد نشهد تطوراً خلال الأسبوعين المقبلين في هذا الملف».
وصرّح باسيل بعد اللقاءات أنّ «الظرف يحتّم علينا العمل أكثر من أجل التفاهم الوطني الذي يحفظ الوحدة اللبنانية ويؤدي إلى إعادة تكوين السلطة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية أولاً وتأليف حكومة»، وأضاف: «علينا أن نكون معاً صوت العقل، فنحن حريصون على البلد والحفاظ عليه وعلى بعضنا، لأننا في مواجهة حرب أكبر من لبنان وعلينا أن نرى كيف سنحميه». أما جنبلاط فقال إن «القواسم مشتركة بيننا وبين باسيل والتيار الوطني الحر، وفي طليعتها كيف نستطيع أن نوفّر على البلاد اندلاع أو اتّساع الحرب، وهذا يعني أن نكون معاً صوتاً واحداً من أجل نصحِ بعض القوى بألا تتوسّع الحرب، لأن الحرب قد تندلع من جهتنا، وقد تندلع من جهة إسرائيل. من جهة إسرائيل، هذا ليس من شأننا. ومن جهتنا، علينا أن نضبط الأمور، وذلك بالتشاور. وننصح الإخوان في حزب الله أن تبقى قواعد الاشتباك كما هي». واعتبر أن «هذه المرحلة قد تكون أخطر مرحلة من الحروب، فمصير لبنان على المحكّ».