موضوعات وتقارير

لا يمكن للعالم أن يتخلى عن حل الدولتين افتتاحية: لبريطانيا دور تلعبه على الساحة الدولية في المحافظة على الأمل في كسر دائرة الظلم والعنف في إسرائيل

إن الشعور بالتشاؤم في شأن ما سيحدث في غزة شعور قاهر. لا خير يرجى من الرعب الذي أثاره هجوم حماس على المدنيين الإسرائيليين. كذلك لم يكن من المرجح أن يرتجى أي خير من معاناة الشعب الفلسطيني.

مهما عاد المرء بالأمور إلى الوراء، سيتبدى له أن الناس في الأراضي الفلسطينية المحتلة كانوا يردون على المظالم السابقة. وكيفما حاولنا التطلع إلى المستقبل، لا يبدو أن ثمة نهاية تلوح في الأفق لدورة العنف.

كانت هناك لحظات مفعمة بالأمل في ذاكرة الناس. بشرت اتفاقات كامب ديفيد التي وقعتها إسرائيل ومصر في عام 1978، واتفاقات أوسلو لعام 1993، غير المكتملة، وحتى الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من غزة في عام 2005، بالاحتمال الأكثر إشراقاً للتعايش المتبادل، لكن اللحظات المفعمة بالأمل دائماً ما طمسها المنطق المروع للانتقام وانعدام الثقة.

ولا عجب أن ديدن عديد من الردود في جميع أنحاء العالم على الفظائع الأخيرة هو التشاؤم والعجز. ما الذي في وسعنا أن نفعله، نسأل أنفسنا في بريطانيا وفي بقية أوروبا وفي أميركا؟ لقد فعلت الحكومة البريطانية ما في وسعها، واستنكرت إرهاب “حماس”، وحثت الحكومة الإسرائيلية على ضبط النفس.

لكن ينبغي أن تفعل المزيد، ليس لأن بريطانيا تتحمل مسؤولية تاريخية عن المنطقة، بعد أن لعبت دوراً، في الغالب على مضض، في إنشاء دولة إسرائيل خلال الانسحاب غير المتوازن من الإمبراطورية بعد حربين عالميتين. وليس لأن في جعبة بريطانيا بعض الحلول السحرية. ربما اعتقد توني بلير أن دوره في إحراز تسوية في إيرلندا الشمالية يعني أن لديه قدرة فريدة على الوساطة، ولكنه حينما حاول بصفته مبعوثاً لمجموعة الرباعية للوساطة في الشرق الأوسط، بعد أن تنحى عن رئاسة الوزراء في عام 2007، كان سوء تقديره في حرب العراق قد سبقه.

ومع ذلك، لا يزال لدى بريطانيا دور تؤديه. يمكنها أن تساعد في قيادة مساع هادئة ومسؤولة للعودة إلى النموذج الوحيد الذي يحتمل نجاحه، والذي لا يزال يتمثل في حل الدولتين. كان هذا ما رمت إليه الأمم المتحدة في عام 1948، وكان أساس كل محاولة للتوصل إلى تسوية منذ ذلك الحين: أن إسرائيل آمنة يجب أن تتقاسم الأراضي مع دولة فلسطينية قابلة للحياة.

هذا غير واقعي، تقول لنا أصوات العجز المكتسب، يقولون إن الوقت قد فات، لكن ليس بالضرورة.

إن كان هناك من تحذير يمكن استخلاصه من هجوم “حماس” على إسرائيل، فهو عدم إمكانية استدامة الوضع الذي يقوم على إفقار السكان الفلسطينيين إلى أجل غير مسمى.

يعرف كثير من الشعب الإسرائيلي هذا، ويدركه عديد من الفلسطينيين أيضاً: ليس من قبيل المصادفة أن “حماس” ألغت الانتخابات في غزة. حتى مع استعداد كلا الجانبين للحرب، هناك رغبة في السلام.

نحن نعرف ما الذي يمكن أن تكون عليه الإجابة، وهي لم تتغير. لا بد أن تصبح حياة سكان غزة والضفة الغربية أكثر ازدهاراً على نحو ملحوظ. لقد فهم السيد بلير مع هذا أن هناك القليل جداً الذي يمكنه فعله لتحقيق ذلك. يجب تحسين الظروف التي يترعرع فيها الإرهاب الفلسطيني، من يأس وظلم وغياب للأمل. ومثلما تشتد القبضة على الإرهاب، يجب أن تشتد على أسباب الإرهاب، إن شئتم.

قد يبدو هذا شبه مستحيل الآن، ومن المرجح أن تجعل تصرفات جيش الدفاع الإسرائيلي على مدى الأيام والأسابيع القليلة المقبلة الأمر أكثر صعوبة، لكن الحكومة البريطانية، وجميع قادة المجتمع الدولي، يتحملون مسؤولية إبقاء شعلة الأمل متقدة.

© The Independent

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى