القضية الفلسطينية وتعميق الانقسامات داخل أوروبا

شفقنا-إن المقاربة التي يتبعها الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الحرب بين حماس والكيان الصهيوني ليست موحدة، وهناك اختلافات حقيقية في الرأي في هذا الصدد. وفي قمة الاتحاد الأوروبي التي انعقدت الأسبوع الماضي، أمضت الدول الأعضاء ساعات في مناقشة ما إذا كان ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يدعو إلى وقف إطلاق النار لإرسال المساعدات الإنسانية الحيوية إلى غزة. وفي النهاية، اتفقت الدول الأوروبية على فكرة الوقفات الإنسانية (لحظات متقطعة للسماح بوصول غير مقيد للبضائع في غزة). وهي فكرة طرحها أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، في اجتماع الكونغرس.
وفي المناقشات التي جرت في اجتماع الزعماء الأوروبيين، كان بعضهم يعارضون بشكل واضح إعلان وقف إطلاق النار. بعض الدول الأوروبية، وبينما تكثف إرسال المساعدات العسكرية والدعم العسكري للكيان الصهيوني، تواصل تأجيج نيران الحرب، ويبدو أن هذا الدعم في بعض الحالات، مثل مساعدات الطائرات بدون طيار التي تقدمها ألمانيا لهذا الكيان، يهدف إلى زيادة مستوى التوتر في المنطقة، كما أن إشراك جهات إقليمية أخرى في الصراع هو ما ألمح إليه وزير الدفاع الألماني أيضا، وقال إن علينا انتظار حرب شاملة.
المأساة الإنسانية المتزايدة في غزة
وفي هذا الصدد، يرى مدير قسم أوروبا في مجموعة أوراسيا الدولية أنه على الرغم من المأساة الإنسانية المتزايدة في غزة وكثافة الحملة العسكرية الإسرائيلية، فإنه ليس من المستبعد فقط أن يتغير موقف الاتحاد الأوروبي من دعم السلام، بل يرى أن “ألمانيا قد تتصرف بقوة أكبر من الولايات المتحدة في موقفها فيما يتعلق بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس”؛ موقف لا يجد إجماعا في ألمانيا بين قادة الحكومة الائتلافية، ولا يبدو أنه يحدث فرقا على المدى القصير إلى المتوسط، بغض النظر عن كيفية سير الغزو البري لغزة وحجم الخسائر في صفوف المدنيين وحجم الدمار.
ولكن في هذه الأيام، أصبح الرأي العام الأوروبي بشأن الحرب في غزة منقسما ومعقدا بالكامل. هناك عوامل مختلفة تشكل آراء وردود أفعال الأوروبيين، مثل روابطهم التاريخية بإسرائيل أو فلسطين، وخلفياتهم الدينية والعرقية، وانتماءاتهم السياسية، وكيفية نظر الجمهور الأوروبي إلى وسائل الإعلام، وتجاربهم الشخصية. وكانت بعض المظاهرات التي جرت في باريس ولندن ومدن أوروبية أخرى تهدف إلى التعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي عانى من الهجمات الإسرائيلية والحصار المفروض على غزة.
وأدان العديد من المتظاهرين انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان والاستخدام المفرط للقوة، ودعوا إلى إنهاء الاحتلال وتوسيع المستوطنات. كما دعا البعض حكوماتهم إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد إسرائيل وفرض عقوبات عليها. ولجأ بعض المتظاهرين إلى العنف المضاد لقمع وحشية الشرطة.
وقد بذلت السلطات الأوروبية جهودا كبيرة لربط الاستجابات الشعبية بمعاداة السامية من أجل السماح بمزيد من قمع الاحتجاجات. وفي رسالة نشرتها على موقعها الاجتماعي X، ذكرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك زيارتها إلى مركز تعليمي يهودي وكتبت: “زرت روضة أطفال يهودية لا يمكنها نشر عنوانها لحماية الأطفال. الأطفال الناطقون بالعبرية لا يذهبون في رحلات إلى المدينة خوفا من التعرض للهجوم. حقيقة أن هذه هي الحياة اليومية لليهود في ألمانيا تجعل قلبي ينزف.”
ومثل هذه التصريحات شوهدت مرات عديدة بين المسؤولين الأوروبيين في الأيام القليلة الماضية، والتي تهدف إلى القمع وتمهيد الطريق لقمع المتظاهرين ضد سياسات رجال الدولة الأوروبيين تجاه الكيان الصهيوني. وقد أدان المجتمع المدني الأوروبي بشدة هذه الأعمال.
الخلافات العميقة
لقد أثارت حرب غزة المشاعر والتوترات في أوروبا وكشفت عن الخلافات العميقة والتحيزات القائمة داخل المجتمعات الأوروبية وفيما بينها. كما سلطت الحرب الضوء على الفجوة بين المواقف الرسمية للحكومات الأوروبية والرأي العام لمواطنيها.
ورغم أن أغلب الزعماء الأوروبيين أعربوا عن دعمهم لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس ودعوا الجانبين إلى احترام القانون الدولي وحماية المدنيين، فقد شكك العديد من الأوروبيين في هذا الموقف. واتهموا حكوماتهم بالانحياز إلى إسرائيل أو التواطؤ معها. إن تأثير هذه المظاهرات ضد حرب غزة على قرارات الزعماء الأوروبيين غير مؤكد ويعتمد على عوامل مختلفة، بما في ذلك مدة الصراع وشدته، والضغط من الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الدولية الأخرى، والديناميات السياسية المحلية، وتوافر القنوات الدبلوماسية.
وقد يشعر بعض القادة الأوروبيين بأن عليهم تبني نهج متوازن أو انتقادي تجاه إسرائيل، مثل الموقف الذي اتخذه الرئيس الألماني آكلين ماير مؤخرا فيما يتعلق بالمظاهرات، والإشارة إلى ما يقرب من 300 ألف مهاجر فلسطيني في ألمانيا، وقالت: “المجتمع الفلسطيني في ألمانيا، يجب أن يكون لديه مساحة لإظهار ألمه ويأسه تجاه الضحايا المدنيين في غزة ومشاركته مع الآخرين”. وقد يلتزم آخرون بسياساتهم الحالية وقد يحاولون احتواء السخط العام والاضطرابات الاجتماعية.
وفي كل الأحوال فإن ما نلاحظه جديا هو أن الزعماء الأوروبيين لابد أن يواجهوا التحدي المتمثل في التوفيق بين مصالحهم وقيمهم وواقع وتوقعات شعوبهم المتنوعة والمتناثرة.
المصدر: موقع ديبلماسي إيراني
————————
المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–
النهاية
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-11-17 01:14:18
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي