واشنطن إن أخطأت الحساب

في الرد على المقال الذي نشر يوم أمس في روسيا اليوم بعنوان غزة..تحذيرات من “احتمال حدوث خطأ ما”وواشطن تجاهد لسد الثغرة!
يحذر عدد متزايد من الخبراء من خطورة توسع الصراع في منطقة الشرق الأوسط في أعقاب التطورات الأخيرة حول غزة، مشيرين إلى أن ما يجري هذه المرة، ينذر بحرب مدمرة واسعة.
وفي هذا السياق، يتطرق الصحفي أليكسي خومياكوف إلى دخول الحوثيين في اليمن على خط الحرب الدائرة في قطاع غزة بإعلانهم بدء عملية عسكرية ضد إسرائيل وإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة ضدها.
خومياكوف، أشار إلى احتمال استهداف مفاعل إسرائيل النووي في ديمونة، لافتا إلى أن محللين حذروا بالفعل من “أن مفاعلا نوويا بقوة 24 ميغاوات يقع على أراضي المركز. وأن مثل هذه الضربة ستؤدي إلى كارثة”.
وكانت وكالة أنباء سبأ التابعة للحوثيين قد ذكرت في 30 أكتوبر أن “الإعلام العبري تحدث بوضوح عن مخاوف كيانه الهشّ من إشعال حركة “أنصار الله” جبهة اليمن، واللحاق بركب الطوفان المبارك: (سقوط صاروخ يمني واحد على إيلات سيتسبب بكارثة حقيقية لإسرائيل)، ولم يخفِ هذا الكيان الهشّ مخاوفه من وصول الصواريخ اليمنية إلى مفاعل (ديمونة) النووي”.
في هذا الخضم المتسارع من التطورات، يرى الصحفي المتخصص في الشؤون العسكرية يوري بودولياكا أن العالم يشهد الآن في فلسطين ما وصفه بـ “التدمير النهائي للأسس والقواعد القديمة. إن المجتمع الدولي يدخل في (عالم بلا قواعد) يجب أن يتعايش فيه الجميع بطريقة ما، بما في ذلك إسرائيل”.
أما أندريه كلينتسيفيتش، رئيس مركز دراسة النزاعات العسكرية والسياسية، فيرى بشكل محدد أن الأمريكيين فيما يجري يخططون “لإعادة توزيع كبيرة لمناطق النفوذ في الشرق الأوسط، لأن اقتصادهم في حالة تدهور، والتصنيفات الجيوسياسية تتراجع باستمرار. لإخافة دول النفط في الخليج .. والشرق الأوسط ، التي تتجرأ على التحول من البترودولار إلى اليوان الصيني.. ستحتاج الولايات المتحدة إلى حرب مظفرة جديدة، يمكن أن تسمح لها بجعل هذه البلدان تتراجع في التنمية وتكون مواردها في المتناول”.
كلينتسيفيتش يمضي في شرح موقفه قائلا: “إذا نظرنا إلى الوضع الجيوسياسي، يمكننا أن نفهم أن أمريكا الآن تعاني (عذاب الإمبراطوريات). طبعت وطرحت على مدى السنوات الثلاث الماضية 80 ٪ من المعروض النقدي. هذا الأمر يخبرنا بأن الولايات المتحدة تغلق بشكل عاجل الثغرات في ميزانيتها الخاصة من خلال طباعة الدولارات على نطاق واسع، والاقتصاد الأمريكي ببساطة غير قادر على تلبية مستوى إنفاق واشنطن”.
لكن حين “تبدأ الدول في جميع أنحاء العالم في التخلي عن السندات الحكومية الأمريكية على نطاق واسع، كما تفعل الصين، وتتحول المملكة العربية السعودية والدول الغنية بالنفط الأخرى من البترودولار إلى العملات الوطنية يصبح الدولار، في الواقع، غير ضروري لأي أحد”.
الخبير يرى أن “عملية إزالة الدولرة هذه جارية الآن بنشاط في بريكس، ومنظمة شنغهاي للتعاون، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، حيث تم التخلي عن الدولار. انخفضت حصة العملة الأمريكية إلى 20 ٪ في الحسابات العالمية”.
الولايات المتحدة، بحسب كلينتسيفيتش، ترغب في “استعادة النظام من خلال البدء بـ(حرب صغيرة منتصرة)، ستدرك في أعقابها جميع الدول مرة أخرى أن أمريكا هي حقا رائدة عالمية ومهيمنة. لهذا السبب يريدون تدمير إيران، ويظهرون للعالم كله كيف يتعاملون مع أولئك الذين يقررون الذهاب ضدهم” .
ويصل الخبير إلى أن الأمريكيين سيسعون “في المرحلة الأولى من الحرب مع إيران، إلى تعطيل نظام الدفاع الجوي للعدو بأكمله، وبعد ذلك خلال غارة ضخمة، سيتم تدمير جميع البنية التحتية والمنشآت العسكرية الإيرانية. بعد ذلك، ستعود القاذفات الأمريكية، التي تغطيها المقاتلات، بهدوء إلى قواعدها” .
وفي تعليق على مثل هذه التطورات الافتراضية، يقول كلينتسيفيتش إن إيران فعلا “تمتلك تقنية عسكرية عالية جدا. اسمحوا لي أن أذكركم بأن طهران تعرضت بالفعل للقصف عدة مرات في الماضي، لكن لديها الآن بالتأكيد الفرصة للرد على العدوان الأمريكي”.
جيفري مارتيني، كبير الباحثين في مركز أبحاث “راند” يرى بالمثل وجود “خطر كبير لتصعيد العلاقات الأمريكية الإيرانية بسبب عواقب الحرب بين إسرائيل وحماس”.
جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، بدوره يشدد على أن الوضع الحالي يختلف عن موجات الهجمات السابقة، ما يزيد من “احتمال حدوث خطأ ما”.
أبدى الباحث السياسي يحيى دايخ رأيه عند سؤاله في الموضوع حيث قال:
بأن السيناريو يحاكي فرضية واحدة من إتجاه واحد ولا يأخذ بعين الاعتبار فرضية من إتجاه آخر وهي فيما لو صحت الفرضية الأولى فإن نتائجها ستنهي مصالح أمريكا في منطقة غرب آسيا وبالتالي سينعكس ذلك على باقي مناطق من العالم مثلاً الحرب الروسية-الأمريكية في أوكرانيا، والنزاع الأمريكي-الصيني والذي حتما ستستفيد الصين وروسيا من اي تحرك او حرب أمريكية مع إيران، في اقل تقدير عبر مجموعة البريكس، ومنظمة شنغهاي للتعاون، والاتحاد الاقتصادي
كذلك ستتضرر مصالحها في إفريقيا وشمالها وغيرها من بعض دول في العالم تتحين الفرصة للتخلص من هيمنة الدولار الأمريكي كبعض دول أمريكا اللاتينية.
لذا فإن اي خطوة أمريكية ضد طهران (بما تملكه إيران من قدرات ووسائل دفاعية هجومية ذات تقنيات وتكنولوجيا حديثة من جهة، والتعبئة المعنوية والنفسية العالية من عزيمة وعقيدة من جهة أخرى)، أعتقد جازما ستجلب المزيد من التدهور الإقتصادي لها والمزيد من الافول للنفوذ الأمريكي ليس على مستوى المنطقة فحسب إنما على الصعد كافة من شرق آسيا إلى أفريقيا بالحد الأدنى اذا لم نقل وصولاً إلى الحديقة الخلفية للولايات المتحدة في أمريكا الوسطى والجنوبية.
وبحسب سرديات حركة السياسات الأمريكية فإنها تتسم بالدينماكية والبراغماتية والمرونة والالتفاف مما يجعلها تبتعد عن الصدام العسكري مع عدو قوي مثل طهران خاصة وانه يمثل تهديد جدي وقوي لمصالحها وأعتقد أن الاجدى لها الخروج من المستنقع الأوكراني قبل أن تدخل نفسها في بحر من الرمال المتحركة مع الجمهورية الاسلامية.
يحي دايخ ٢/١١/٢٠٢٣
موقع المقال