مقالات

السيد نصرالله إلى الغرب المتوحش: كفى

‭}‬ خضر رسلان-البناء

سلكت الحضارة الغربية ثلاثة مسارات بدءاً من التبشير مروراً بالاستشراق وصولاً الى الاستعمار بهدف برمجة الشعوب لا سيما العربية والإسلامية منها وإغرائها بما وصلت إليه أوروبا ظاهرياً من تقدّم سياسي واجتماعي واقتصادي خلافاً لما تخفيه هذه الحضارة من عنصرية حادة ودموية مفرطة وإقصائية مقيتة. ويمكن لكلّ قارئ للتاريخ مشاهدتها من أستراليا التي أباد الأوروبيون شعوبها الأصلية، وسحق الهنود الحمر في أميركا، فضلاً عن ملايين الأفارقة الذين تمّ استعبادهم ونقلهم من أفريقيا إلى أميركا… هذا إضافة الى ما اجترحته محاكم التفتيش التي لا تدع مجالاً للشك أنها تعكس صورة هذه الحضارة التي قامت على الدماء والإقصاء وطرد الآخر، حتى انّ كبار فلاسفتها ومنظريها الذين قدّموا أنفسهم على أنهم رواد فكر وحضارة وحريات تراهم في الواقع رأس حربة هذه الثقافة المتوحشة كحال فيكتور هوغو صاحب رواية البؤساء الذي يُعتبر من الأدباء التقدميّين حيث خاطب الجيش الفرنسي أثناء غزو الجزائر بالقول: اذبحوا الأمّة الملعونة! وبرّر من جهة ثانية غزو وقتل الأفارقة باعتبارهم أمة لا تاريخ لهم حسب زعمه، وقد كشف الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي سلوك وأفكار الكثيرين من مفكري وأدباء الغرب الذين تتلبّسهم الآراء العنصرية أمثال هوغو وفلوبير اللذين كتبا عن شرق منحط لا قيمة له وكذلك فعل شاتوبريان ولامارتين وجيرار دي نرفال وغيرهم الكثير.
السؤال هنا ونحن أمام خطاب يتطلع له وينتظره ويترقبه الصديق والحليف والعدو فما هي العناوين التي سيفصلها؟ وقبل ذلك ما هي الخلفيات التي ينطلق منها في تشخيصه للعدو ومن زرعه في أرضنا ليعيث فيها فساداً؟
وكأني بسماحته عندما تستحضره علائم هذه الثقافة المتوحشة وكيف عملت على برمجة العقول للتعامل معها باعتبارها منقذاً وحاملة لقيم الحرّيات والديمقراطية بينما هي في الواقع ومن أجل مصالحها تزهق الأرواح وتدمّر الممتلكات وتدير الانقلابات العسكرية وتزوّر الانتخابات وتدعم بل تبتدع حكاماً وسلاطين يظلمون الناس ويعيثون في الأرض فساداً ثم عندما تثور الشعوب لإسقاطهم يهرول الغرب لحمايتهم ليس حباً بهم بل كونهم الحُرّاس المخلصين للمصالح الغربية في المنطقة.
إذاً سيتحدث سماحة السيد؟ هل سيسرد أولاً سيرة النفاق الأوروبي المنتهك لحقوق الشعب الفلسطيني حيث تشاركت بريطانيا مع فرنسا الأدوار والثقافة الى جانب باقي دول الغرب «المتحضّر» في محاولة لإبادة شعب بكامله قتلاً وتهجيراً واحتلالاً تنفيذاً لوعد يقضي بإعطاء أرض فلسطين من جهة لا تملك الى جهة لا تستحق؟
هل سيتحدث سماحته عن منظومة قيم غربية تتزعّمها الولايات المتحدة الأميركية لا تكترث بالقوانين ولا الأعراف وتتخذ من محاكم التفتيش سبيلاً لتنفذ أحكامها دون حسيب او رقيب؟
لسان حال سماحة السيد يقول نعم من رحل شعباً من أرضه ومنع عودتهم ويفرض توطينهم وحتى يمنع قيام دولتهم على ربع أرضهم بموجب قرار دولي ويضرب عرض الحائط بالأعراف والمسلمات بفرضه عقوبات وحصار قيصر هذا المتزعّم للثقافة الأوروبية المتوحشة لن يهزّ له جفن سواء دمّرت مستشفى على قاطنيها أم زهقت أرواح أطفال وعجز… نعم فالأميركي لا يهزه سوى اهتزاز مصالحه وسلطانه وسفن النفط والغاز
لسان الحال في خطاب ترتعد له الفرائص بلا شك ستدفن فيه مفاعيل وآثار هذه الحضارة الغربية الزائفة التي يتبارى المتكلمون باسمها على مغازلة الجلاد الصهيوني ويؤازرونه على انتهاك الحرمات وقتل أبرياء غزة متوجين عنصريتهم المقيتة بالقول ان قتل الأطفال والمرضى في مستشفى المعمداني انما هو دفاع عن النفس!
خطاب الجمعة لن يقف ليعرّي ويعزل هذه المنظومة الغربية الزائفة والإجرامية فحسب بل سيؤكد على جهوزية ثقافة المقاومة وصلابة موقفها وأنها لن تألوَ جهداً لهزيمة وإسقاط كلّ مقاعيل وإفرازات هذه المنظومة الغربية الزائفة.
لا شك انّ ثابتة بقاء شعلة المقاومة خفاقة متأصلة عزيزة في غزة وفلسطين هي ثابتة محور المقاومة من باب المندب مروراً بدول محور المقاومة حتى القدس الشريف التي سيدنو ساعة دخول مسجدها إنْ أخطأ الأميركي في حساباته في قطاع غزة وانّ غداً لناظره قريب…

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى