غزة في ظلام الاتصالات: أن يموت الناس… ولا يجدوا مسعفاً
منذ منتصف ليل الأربعاء – الخميس، توقّفت شبكات الاتصال التي كانت تعمل بنحو 20% من كفاءتها عن العمل تماماً، بعدما نفد الوقود المستخدم لتشغيل محطّات الإرسال، ودمّرت الطائرات الحربية المئات من الأبراج، كما تعمّدت تخريب ألواح الطاقة الشمسية. كلّ ذلك دفع «شركة الاتصالات الفلسطينية» إلى الإعلان عن توقّف خدماتها بشكل تامّ عن القطاع، مذّاك. ووفق ضابط الإسعاف، عطية مراد، فإنّ غياب شبكات الاتصالات عطّل الاستجابة السريعة بنسبة 90%؛ إذ أصبحت طواقم الإسعاف تعتمد على وصول أحد المواطنين من الموقع المستهدَف لتعرف بهذا الأخير، وتقوم بدورها بالتوجّه إليه لبدء العمل. يقول مراد، في حديثه إلى «الأخبار»: «نحاول تقصّي مكان القصف عبر تتبّع أعمدة الدخان، وهذا يستهلك الكثير من الوقت والوقود للوصول إلى الموقع. إذا كان القصف بعيداً، نصل إلى موقعه متأخّرين».
في نقطة تجمّع سيارات الإسعاف بالقرب من عيادة «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين»، يمكنك أن تسمع أصوات المواطنين الذين يصلون إلى ضباط الإسعاف جرياً على الأقدام، وهم يصرخون «إسعاف». يقول أبو أحمد، وهو أحد الضباط: «العمل يسير ببطء شديد، يقطع أحد المواطنين أو المصابين مسافات كبيرة زحفاً أو مشياً على الأقدام ليخبرنا بالتوجّه إلى نقطة الاستهداف». على أن تداعيات أزمة انقطاع الاتصالات لا تقتصر على عمل طواقم الإسعاف فقط، إذ إن الأهالي فقدوا أيضاً القدرة على التواصل مع عائلاتهم. «الكلّ يعيش في دوامة القلق»، يؤكد المواطن خالد المصري بينما يتجوّل في الشوارع حاملاً هاتفه المحمول بحثاً عن نقطة تصل فيها إشارات الإرسال. ويتابع في حديثه إلى «الأخبار»: «لا يبعد سكن أهلي عن مكان نزوحي سوى كيلومتر ونصف الكيلومتر، قالوا إنّ الغارة طاولت منزلاً قريباً منهم، التنقّل في الليل خطر جداً، أحاول الاتصال للاطمئنان عليهم، لا قلب لديّ للانتظار إلى الصباح».
أمّا الصحافيون، فقد انقطعوا هم الآخرون عن معرفة حتى أقرب الأحداث المحيطة بهم، بعد أن توقّفت الإذاعات المحلّية كافة عن العمل، وفُقدت شبكات الإنترنت بنسبة 98%، ولم تبقَ وسيلة للحصول على الإنترنت سوى بضع شرائح اتّصال إسرائيلية، وتلك نادرة جداً، وتتطلب مِمَّن يمتلك واحدة منها، أن يقترب من مناطق حدودية خطيرة لالتقاط الشبكة. يقول الزميل رمزي أحمد: «أضطرّ للوصول إلى شارع صلاح الدين شرق غزة لكي ألتقط شبكة الاتصال الإسرائيلية سليكوم. أجازف بحياتي لأرسل المواد الصحافية إلى المؤسسة التي أعمل لديها، يحدث القصف في مناطق قريبة مني، لا أتمكّن من المكوث أكثر من عشر دقائق».