موضوعات وتقارير
عجز إسرائيلي في الميدان ومباطحة أميركية روسية في مجلس الأمن صواريخ المقاومة تضرب حيفا وإيلات.. والهدنة الإنسانية مقابل الإفراج عن الأسرى
واجه مجلس الأمن الدولي أمس عرقلة قوية بفيتويين على قرارين من الولايات المتحدة وروسيا بشأن إدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين في قطاع غزة حيث استمرت المواجهة المحتدمة بين الولايات المتحدة وروسيا مدعومة بالصين في وقت يشتد فيه المأزق الإسرائيلي في الميدان بعد تحذيرات دولية عدة من مغامرة الهجوم البري على غزة.
وكان مشروع القرار الأميركي قد دعا إلى فترات مؤقتة يتم فيها وقف إطلاق النار بهدف السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة، بينما تريد روسيا من خلال مشروعها وقفا إنسانيا لإطلاق النار.
وجاء تصويت أمس بعد فشل تصويتين في المجلس الأسبوع الماضي، فقد صوت 5 أعضاء فقط لصالح مشروع قرار روسي يوم 16 تشرين الأول الجاري، ثم استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع قرار برازيلي يوم 18 الجاري حصل على 12 صوتا مؤيدا.
في الأثناء أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الاستعداد لشن هجوم بري على القطاع من دون تقديم أي تفاصيل عن توقيت العملية أو أي معلومات أخرى.
وبينما أشارت معلومات إلى قبول إسرائيل طلبا أميركيا لتأجيل العملية البرية أكد الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمس إنه لم يطلب من إسرائيل تأجيل الهجوم البري على غزة.
وأشار نتنياهو في بيان بثه التلفزيون أمس إلى أن “القرار سيتخذه مجلس وزراء الحرب عبر توافق الآراء» مضيفا «ينبغي على المدنيين في غزة التحرك إلى جنوب القطاع».
وإذ شجع الإسرائيليين على حمل السلاح، قال نتنياهو: «سيكون علي تحمل مسؤولية ما حدث في 7 تشرين الأول، أي منذ إطلاق عملية «طوفان الأقصى».
وأقرّ بأنه سيتعيّن عليه تقديم «أجوبة» بشأن «الإخفاقات» الأمنية التي سمحت لحماس بشن هجومها المباغت.
وقال في الخطاب المتلفز «ستتم دراسة الإخفاقات وسيتعيّن على الجميع تقديم أجوبة، بمن فيهم أنا. لكن كل ذلك سيتم لاحقا.. كرئيس للوزراء، أنا مسؤول عن تأمين مستقبل البلاد».
وفي هذا الإطار قالت هيئة البث الإسرائيلية (كان) إن حماس خدعت نتنياهو خلال الأسابيع التي سبقت عملية طوفان الأقصى عبر بعثها برسائل لمكتبه عبّرت فيها عن استعدادها للمضي قدما في صفقة تبادل أسرى.
ورأت أن الحركة حاولت بذلك صرف نظر المسؤولين الإسرائيليين عن الأوضاع الميدانية، وشغلهم بـ”مفاوضات مكثفة” غير مباشرة جرت عبر عدة وسطاء على أعلى مستوى سياسي في إسرائيل، حيث أدارها المسؤولون في مكتب نتنياهو، في وقت كان فيه الجناح العسكري للحركة يعد “للهجوم الأكبر الذي نفذه على أهداف إسرائيلية”.
من جهتها ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”أمس نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن إسرائيل وافقت على إرجاء الهجوم البري حتى يتسنى لواشنطن إرسال دفاعات صاروخية للمنطقة سريعا لحماية قواتها هناك.
ويعتقد الجيش الأميركي ومسؤولون آخرون أن قواتهم ستستهدفها جماعات مسلحة بمجرد بدء غزو الأراضي الفلسطينية التي تديرها حماس.
وذكر تقرير الصحيفة أن إسرائيل تأخذ في الاعتبار أيضا الجهود التي تُبذل لتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة، إضافة إلى الجهود الدبلوماسية الرامية لتحرير الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس.
وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة تسارع لنشر نحو 12منظومة دفاع جوي في المنطقة.
من جانبه قال أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن الجيش بانتظار وصول عتاد عسكري لبدء الهجوم البري على قطاع غزة.
وعن التقارير الأميركية بشأن تأخير الهجوم البري قال أدرعي: “لا تعليق لدينا على ذلك، ولم يصدر من الجانب الإسرائيلي أي تصريحات بهذا الشأن”.
وأكد أن إسرائيل تبذل قصارى جهدها لإطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين داخل قطاع غزة.
وقال: “نحمل حماس كامل المسؤولية عن حياة المحتجزين في غزة، هناك جريمة حرب ترتكبها حماس من خلال اختطاف واحتجاز مدنيين منهم رضع وأطفال ومسنون ومعاقون داخل قطاع غزة”.
وفي هذا الإطار قالت مصادر فلسطينية لوكالة “AWP”، إن هناك مفاوضات بشأن الإفراج عن محتجزين إسرائيليين مدنيين ومزدوجي الجنسية لدى حركة “حماس” تجري بشكل مكثف في الدوحة والقاهرة، وبتنسيق مباشر مع واشنطن.
وأوضحت المصادر أن المطروح على طاولة المفاوضات هو إفراج “حماس” عن المحتجزين لديها من الإسرائيليين المدنيين ومزدوجي الجنسية، مقابل سماح تل أبيب بإدخال الوقود إلى قطاع غزة تحديداً مادة السولار للمستشفيات، وكذلك التزام تل أبيب بوقف إطلاق النار خلال فترة الإفراج عن المحتجزين.
وأشار المصدر إلى أن المفاوضات تخص المحتجزين الذين نقلتهم الحركة إلى غزة بالإضافة لمن نقلهم فلسطينيون، لكنها لا تشمل المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية الأخرى.
على الصعيد الدبلوماسي تبدأ مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربرا ليف جولة في الشرق الأوسط للتشاور مع شركاء إقليميين حول الوضع في غزة.
وستناقش السفيرة، بحسب بيان للخارجية الأميركية “الحلول الإنسانية لحماية المدنيين مع التأكيد على دعم الولايات المتحدة لمنطقة تحقق تطلعات جميع سكانها”.
وأشار البيان إلى أن وجهتها الأولى ستكون الإمارات، وبعد ذلك ستواصل رحلتها إلى قطر، وعمان، ومصر، والأردن، وإسرائيل، ومن الممكن إضافة وجهات إضافية، وفقاً للبيان.
في سياق متصل قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، إنه يعتقد أنه سيكون من “الخطأ” بالنسبة إلى إسرائيل أن تنفذ “تدخلاً برياً واسع النطاق” في غزة، لكنه أكد مجدداً حق تل أبيب في الدفاع عن نفسها.
وأضاف للصحافيين في مطار القاهرة في ختام زيارته لمصر: “فيما يتعلق بالتدخل البري، إذا كان يستهدف بالكامل الجماعات الإرهابية، فإن هذا خيار مطروح أمامها، ولكن إذا كانت عملية واسعة النطاق من شأنها أن تعرض السكان المدنيين للخطر، ففي هذه الحالة أعتقد أنها ستكون خطأ بالنسبة لإسرائيل”.
وكان الرئيس الأميركي قال في وقت سابق أمس إن حل الدولتين هو الطريق الأمثل لحل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مضيفا أن”المرحلة اللاحقة يجب أن تتمثل في حل الدولتين وهناك حاجة للعمل على دمج أكبر لإسرائيل”.
وطالب بايدن تل أبيب بالتمسك بقوانين الحرب وفعل ما بوسعها لحماية المدنيين مشددا على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، فيما ذكر أن هجمات الإسرائيليين على الفلسطينيين في الضفة الغربية “تصب الزي على النار”.
وذكر الرئيس الأميركي أنه يجب على الجميع التذكير بأن حركة “حماس” لا تمثل الغالبية العظمى للشعب الفلسطيني وتختبئ وراء المدنيين، ويجب ضمان أن حماس لن ترهب الإسرائيليين في المستقبل”.
من جانبه رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس إن هناك محاولات لجر دول أخرى إلى الصراع في الشرق الأوسط وإطلاق العنان “لموجة من الفوضى”.
ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن بوتين قوله إن الأزمة تنذر “بعواقب مدمرة ستتجاوز حدود الشرق الأوسط”، مؤكداً على ضرورة “وقف سفك الدماء والعنف”.
ورأى الرئيس الروسي أن ما يحدث في الشرق الأوسط “كارثة إنسانية”.
في الرياض أكد وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، خلال لقاء نظيره البريطاني جرانت شابس، ضرورة تهدئة الأوضاع في غزة.
وقال الأمير خالد بن سلمان عبر منصة X (تويتر سابقاً): “استعرضنا العلاقات الاستراتيجية السعودية البريطانية، وسبل تعزيزها وتطويرها في المجال العسكري والدفاعي. وأكدت ضرورة تهدئة الأوضاع في غزة”.
ميدانيا واصل الاحتلال الإسرائيلي غاراته المكثفة على شرق ووسط غزة فيما أعلنت وزارة الصحة في غزة، أن القصف المتواصل منذ السابع من الشهر الحالي أسفر عن استشهاد 6546 فلسطينيا، بينهم 2704 أطفال، فيما أصيب نحو 18 ألف شخص.
وأضافت الوزارة أنه خلال الأربع والعشرين ساعة المنصرمة، استشهد 756 فلسطينيا من بينهم 344 طفلا، جراء الهجمات الإسرائيلية.
بالمقابل، أعلنت حماسأنها أطلقت صاروخا من طراز “آر 160” أمس باتجاه حيفا، كما استهدفت إيلات جنوب إسرائيل على بعد نحو 220 كيلومترا من قطاع غزة.
ولم ترد أنباء عن سقوط خسائر، فيما قال الجيش الإسرائيلي، إن الصاروخ وقع في منطقة نائية.
وفي وقت لاحق أعلنت “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة “الجهاد” الفلسطينية، إنها قصفت تل أبيب برشقة صاروخية رداً على “المجازر” بحق المدنيين.
وحذرت الجبهة الداخلية الإسرائيلية من هجوم كبير في غلاف غزة، وطلبت من الإسرائيليين التزام الملاجئ.
إلى ذلك استشهد عدد من أفراد عائلة الزميل مراسل قناة الجزيرة في غزة وائل الدحدوح -بمن فيهم زوجته وابنه وابنته- في قصف إسرائيلي استهدف منزلا نزحوا إليه في مخيم النصيرات وسط القطاع.
وكان الدحدوح يغطي الغارات الإسرائيلية المتواصلة حين تفاجأ بغارة على المنطقة التي لجأت إليها عائلته في جنوب وادي غزة، وهي ضمن المناطق التي طلب الاحتلال من السكان التوجه إليها.
وكان الاحتلال طلب من الفلسطينيين في القطاع النزوح جنوبا لتجنب القصف، لكن القصف الإسرائيلي لحق بهم إلى هناك، مما يؤكد مرارا أنه لا يوجد مكان آمن في القطاع.
وقال الدحدوح أن “القصف الإسرائيلي استهدف عائلتي في منطقة بعيدة عن شمال غزة الذي طلب جيش الاحتلال إخلاءه”، وقال “بنتقموا منا بالأولاد، دموعنا دموع إنسانية وليست دموع جبن وانهيار، فليخسأ جيش الاحتلال”.
من جهة أخرى قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس إن حركة “حماس” الفلسطينية ليست “منظمة إرهابية” بل جماعة تحرير تشن معركة الدفاع عن أرضها، معلناً إلغاء زيارة مقررة لإسرائيل، ومقترحاً تنظيم مؤتمر دولي للسلام بين الجانبين.
وأضاف في كلمة له أمام نواب حزبه في البرلمان: “استغلت إسرائيل النوايا الطيبة لتركيا. إسرائيل تتصرف كمنظمة إرهابية، وليس كدولة، وهذا لن يكون موضع تقدير من قبلنا”.
وتابع: “لا تدافع إسرائيل عن نفسها، بل ترتكب جرائم ضد الإنسانية، وعلى العالم أجمع أن يتحرك لوقف هذه الأعمال الهمجية”.
كما حذر أطرافاً غير إقليمية من دعم إسرائيل، قائلاً: “على الأطراف غير الإقليمية التوقف عن صب الزيت على النار دعماً لإسرائيل”، مطالباً بـ”وقف فوري لإطلاق النار بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين وإفراج عاجل وفوري عن الأسرى”.
وعلى الفور هاجمت تل أبيب الرئيس التركيّ متهمة إياه بالتحريض.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان، إن “إسرائيل ترفض باشمئزاز، التصريحات الخطيرة للرئيس التركي، بشأن منظمة حماس الإرهابية”.
وذكرت أن “حماس منظمة إرهابية بغيضة أسوأ من تنظيم ’داعش’، فهي تقتل الأطفال والأطفال والنساء والمسنين بوحشية، وبشكل متعمّد، وتأخذ المدنيين كرهائن، وتستخدم شعبها كدروع بشرية”، على حدّ قول البيان.
وفي وقت لاحق أمس أعلنت تركيا تعليق خطط للتعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة، كما ألغى وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار زيارة كانت مقررة لإسرائيل، بحسب ما أورد موقع بلومبيرغ الأميركي.
وكانت أنقرة تعتزم مناقشة خطط للتعاون مع إسرائيل للتنقيب المشترك عن الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط وإمكانية وضع خطط لتصدير الغاز إلى أوروبا عبر تركيا.
إلى ذلك أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش،أمس عن صدمته حيال ما وصفه بـ”تحريف” تصريحاته بشأن حماس التي أدلي بها في بيان أمام مجلس الأمن الثلاثاء.
وقال غوتيريش للصحفيين “صُدمت من سوء تأويل بعض تصريحاتي.. كما لو كنت أبرر الأعمال الإرهابية التي قامت بها حماس. هذا غير صحيح. كان العكس”.
وفي بيانه أمس أمام مجلس الأمن، أشار غوتيريش إلى أنه “يدين تماما” هجمات حماس .. وأنه “لا شيء يمكن أن يبرر القتل المتعمد وإصابة واختطاف مدنيين، أو إطلاق صواريخ على أهداف مدنية”.
وأضاف “تحدثت عن مظالم الشعب الفلسطيني، وبذلك أعلنت أيضا بوضوح، وهنا اقتبس (مظالم الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تبرر الهجمات المروعة من قبل حماس)”.
وأكد غوتيريش “أعتقد أن من الضروري وضع الأمور في نصابها الصحيح، خاصة من باب احترام الضحايا وعائلاتهم”.
في المقابل قررت الحكومة الإسرائيلية إلغاء الزيارة التي كان يخطط غوتيريش القيام بها إلى إسرائيل، وبدأت إجراءات عقابية أخرى ضد الأمم المتحدة.
من جهة أخرى أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي الجديد مايك جونسون في خطاب أمس أن أولى خطواته في المنصب ستتمثل باقتراح قرار يدعم إسرائيل في حربها ضد حماس.
وقال عضو الكونجرس الجمهوري: “أعظم حليف لأمتنا في الشرق الأوسط يتعرض لهجوم.. أول مشروع قانون سأطرحه على هذا المجلس بعد وقت قصير سيكون لدعم صديقتنا العزيزة جداً إسرائيل. إنه أمر تأخرنا في القيام به”.
(الوكالات)