أعرف عدوك

سيناريوهات الحرب… أفضلها “الأسوأ” على “إسرائيل”

مريم نسر- الديار

بين هدف المقاومة الواضح، وهدف العدو المشوَّش نتيجة إرباكه وصدمته التي لم يَصحُ منها بعدْ مِن السابع من تشرين الأول، يَستمر العدوان الإسرائيلي على غزة في استراتيجية مجنونة وحقودة، تَظهر بإجرامه الذي يُسقِطه على أهل غزة وأطفالها، نتيجة عجزه عن المس بمقاوميها الذين لا يزالون يَملكون القدرات التي يَستطيعون فيها مواجهة أسوأ سيناريوهات الحرب..

ضربت المقاومة هدف العدو الذي وَضعه أمامه من بداية العدوان، ألا وهو سحقها، وهذا هدفه الثابت في كل حروبه التي فشل فيها من جنوب لبنان الى غزة، التي ما زالت بكامل قدرتها وجهوزيتها بعد ٢٠ يوماً على العدوان، وما زالت تستهدف جيش العدو في غلاف غزة، كما تصل صواريخها الى مطار بن غوريون و”تل أبيب” وصولاً الى إيلات، بينما العدو “نجح” بشيء واحد ألا وهو قتل الأطفال، فهو لم يستطع حتى اللحظة ترميم ما هدّمته كتائب القسّام في السابع من تشرين.

حتى بالحديث المُتكرر عن الدخول الى غزة الغير معروف توقيته لمخاوف “إسرائيلية” وأميركية باتت معروفة، فالجيش الصهيوني ليس لديه أي معلومة عن المنظومة الدفاعية للمقاومة الفلسطينية، ما يَعني أنه يَجهل ما يَنتظره عند حدود غزة قبل الدخول إليها، فهو يَعلم أن هناك غزة فوق الأرض وغزة تحت الأرض، لذا تكثر التحذيرات في الداخل الصهيوني من العمل البري، خاصة إذا لم يكن ضمن استراتيجية واضحة.

كل ما يريده “الإسرائيلي” قيادة ومستوطنين هو الانتقام، لكنه حتى اللحظة لم يعرف كيف؟! فكل خياراته غير مضمونة النتائج بمختلف مستوياتها والتي قد تُغرِقه أكثر، لذا يسود الانقسام داخل الطاقم الوزاري، فهناك فريق يقوده نتنياهو لا يُفضِّل العملية البرية خوفاً من التورّط فيها، فهكذا عملية لا يمكن القيام بها إنفعالياً، وإنما تحتاج لحسابات دقيقة، باعتبار أنها تَزيد مِن خسائر الجيش دون ضمان النتيجة. أما العامل الشخصي الذي يَدخل في حسابات رئيس وزراء العدو أنه يَعتبر نفسه غير مسؤول عن عملية ٧ تشرين، وبالتالي غير مستعد لأي محاسبة، أما إذا أخذ قرار الدخول الى غزة وأخفق، فستشمله المحاسبة بعد الحرب وهذا ما يُخيفه. موقف يَتوافق فيه نتنياهو مع الأميركي ولكن لأسباب مختلفة، فالولايات المتحدة أيضاً لا تريد أن تتورط “إسرائيل” كي لا تتورط هي بحرب إقليمية، لأن للدخول الى القطاع تداعيات إقليمية مِن محور المقاومة، الذي كانت رسائله واضحة، ووصلت للأميركي بعدم السماح بالإستفراد بحركة حماس

أما الرأي الآخر فهو لوزير الحرب ول “الجيش الإسرائيلي” الذين يَعتبرهم نتنياهو وحدهم مَن يتحمّلون مسؤولية يوم السابع من تشرين، باعتباره إخفاقاً للجيش والإستخبارات، لذا فهُم يؤيِّدون العملية البرية على أمل أن تَمحو ما حفرته عملية طوفان الأقصى من تدمير لصورة الكيان من جهة، ومن جهة أخرى تداعيات هذا اليوم على صعيد محاسبة ومحاكمة كل مَن يتحمّل مسؤوليته.

على صعيد “الرأي العام الإسرائيلي” الذي لا زال بحالة صدمة مِن يومٍ أفقده الثقة بالحكومة والجيش معاً، ولا يمكن استعادتها إلا بإعادة الأمان إليهم، الشعور الذي فقدوه وسيبقى يرافقهم الى ما بعد الحرب، باعتبار أنها مهمة في غاية الصعوبة تقع على عاتق مسؤولي الكيان الذين يَعجزون عن حسم المعركة، المطلب الوحيد من مستوطنيهم، وإلا سيكون المشهد في الأيام المقبلة ذاهباً باتجاه مزيد من تفاقم الأزمة على مختلف المستويات..

أما البديل عن العملية البرية الواسعة فهو عمليات برية محدودة من دون الدخول الى القطاع، مع استمرار الضغط على السكان من خلال الغارات والمجازر والحصار، من أجل الضغط على حماس للقبول بحلول يريدها العدو، وهذا “أسلوب إسرائيلي” قديم لم يوصله الى ما يريد يوماً من الأيام، ما يعني حتى هذا الخيار غير مضمون النتائج.

وتحسباً لذلك ورغم صعوبتها لناحية قدرة تحملّه، يُروِّج العدو للحرب الطويلة التي تبدو أسهل خياراته في الوقت الحالي، مقارنة مع سيناريوهات الخطط الأخرى من حيث النتيجة، لعلّه يصل الى مَخرَج يُحقِّق جزءً بسيطاً جداً مما يَطمح إليه ولو صوَرياً.

إذاً.. يَقف العدو حائراً بين كافة الحلول التي يَطرحها لإنقاذ كيانه، والتي على الأرجح ستَزيد أزمته، فجميعها مُعقَّدة وغير مضمونة النتائج، لا بل ممكن أن تكون نتيجتها أسوأ مما حصل في السابع من تشرين الأول عليه. لذا حتى اللحظة نرى أنه لا يوجد أفق لمَخرَج ما، لا بالحسم ولا بوقف إطلاق النار ولا بالتسوية، ومن هذا المنطلق يُمكن اعتبار هذه المرحلة أنها الأكثر حساسية، باعتبار أن نتائجها ستُعيد تشكيل المنطقة مِن جديد، على قاعدة قبل عملية طوفان الأقصى ليس كما بعدها، مرحلة تكون كلمة المقاومة فيها هي العليا..

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى