الذكرى الأولى للشغور… فرصة الإنتخاب 50 بـ 50
ترك العماد ميشال عون قصر بعبدا في 31 تشرين الأول الماضي، ومذّاك ظلّ المعطّلون يتجاوزون الدستور والميثاق ويحرمون الجمهورية من رأسها. وإذا استمرّ الوضع السياسي على ما هو عليه، تصبح فرص الصمود أقل في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة.
زادت حرب غزة من تردّي الأوضاع في لبنان والمنطقة، وصارت رئاسة الجمهورية بحكم المؤجّلة في انتظار نهاية المرحلة العسكرية، أما الداخل فيبدو أكثر إرباكاً، وأقصى التمنّيات ألا تنتقل حرب غزّة إلى لبنان.
خرج عون من بعبدا بعد إنجاز ملف الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل. وتوقّع كثُر إنعكاس هذا الأمر إيجاباً على استحقاق رئاسة الجمهورية، لكن تشرذم الداخل وإصرار «حزب الله» على فرض مرشحه الذي هو رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية جمّدا الأمور… وكرّ مسلسل التعطيل.
أحداث كثيرة حصلت منذ مغادرة عون بعبدا. فعلى الصعيد المالي والإقتصادي، كان سعر الدولار نحو 36 ألف ليرة، ووصل بعد مطلع العام الحالي إلى حدود 150 ألف ليرة قبل تراجعه بفضل تعميم مصرف لبنان. ثم ترك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الحاكمية في 31 تموز الماضي، وتسلّم نائب الرئيس الأول وسيم منصوري الحاكمية، ونجح حتى الساعة في تثبيت الدولار على حدود 89 ألف ليرة.
وكان الصيف مضيئاً ومنتجاً على لبنان، وشهدت البلاد حركة سياحية لافتة لم تعرفها طوال عهد عون، وتنفّس اللبنانيون الصعداء في هذا الصيف خلافاً للسنوات الماضية.
وعلى الصعيد السياسي، ظل وزراء عون و»التيار الوطني الحرّ» مقاطعين جلسات مجلس الوزراء، وتصرّف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وكأنه لا وجود للمكوّن المسيحي، مستفيداً من دعم «الثنائي الشيعي»، إلى أن علت أصوات المرجعيات المسيحية محذرةً ميقاتي من تجاوز الخطوط الحمر وضرب الميثاق.
وشهدت الفترة المنصرمة قيادة النائب جبران باسيل لـ»التيار الوطني الحرّ» فيما عون خارج «القصر»، ومن كان يسمّى «الرئيس الظلّ» تمرّد على «حزب الله»، رافضاً إنتخاب مرشحه سليمان فرنجية، واعتبر هذا الأمر إنقلاباً جوهرياً، لكن حدوده هو الصراع على السلطة ولم يصل إلى حدّ دعم الدولة في وجه «الدويلة»، وتمثّل الانقلاب بالتقاطع مع قوى المعارضة على إسم الوزير السابق جهاد أزعور، فيما لا يزال يصرّ على رفض ترشيح فرنجية. ويخوض باسيل معركة مصيرية في رفضه التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، معتبراً أنّ خروجه من اليرزة يخرجه من السباق الرئاسي، غير مبالٍ لتمدّد الشغور إلى الكثير من المؤسسات بعد الرئاسة الأولى.
وأبَت السنة الأولى من الشغور الرئاسي أن تمرّ من دون حدث مفصلي هو عملية غزة، الحدث الذي يقلب خريطة الشرق الأوسط، ويعيش لبنان أسوأ أيامه، إذ دخل في المجهول.
وهناك مساران يمكن أن ينتجا من أحداث غزة في ما يتعلّق بالشأن الرئاسي، الأول هو إطالة أمد الشغور ريثما تنتهي العملية وترتسم صورة التوازنات الجديدة في لبنان والمنطقة، وهذا يعني دخول لبنان في دوامة الإنتظار الثقيل، لأنّ كل المؤشرات تدل الى طول أمد هذه الحرب.
أما المسار الثاني فهو استغلال أوضاع المنطقة لإمرار ملف الرئاسة، ولو كانت أجواء المنطقة ضبابية، لأنّ الدول الكبرى خلافاً لما يظن البعض لم تتخلَّ عن لبنان، وأولى ثمار عدم التخلّي هي تحييد لبنان حتى الساعة عن حرب غزة وإبقاء نقاط الإشتباك على الشريط الحدودي بشكل محصور.
وتساعد صعوبة الوضع الإقليمي على الضغط من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فاللاعب القطري قد يتحرّك في أي وقت من الأوقات، وواشنطن من أكثر الدول التي يهمّها الإستقرار في لبنان، وربما ترى إيران نفسها مضطرة إلى تقديم تنازل في مكان ما بعد أحداث غزة، وبالتالي كل هذه العوامل تجعل فرص انتخاب رئيس للجمهورية 50 بـ 50 خصوصاً في بلد تحصل فيه التغييرات السياسية بدقائق.