هل تخشى السلطة الفلسطينيّة انتصار “حماس” في غزة؟
محمد علوش- الديار
قد لا يكون مستغرباً ما قاله عضو المكتب السياسي في حركة حماس موسى أبو مرزوق، من أن “أعضاء في السلطة الفلسطينية ودولا عربية طالبوا سرا بالقضاء على الحركة”، فمن منا لا يذكر خلال حرب تموز عام 2006 كيف كان بعض اللبنانيين يتمنون “سراً” القضاء على حزب الله وسحقه، وعملوا على حثّ المجتمعين العربي والغربي على ذلك، خشية من انتصار حزب الله، لما سيمنحه ذلك من تفوق في لبنان والمنطقة. اليوم هناك في الدول العربية وفلسطين من يخشى انتصار حركة حماس، ويتمنى سقوطها، ويعمل على ذلك.
في بعض الأوساط العربية، هناك من يعتبر أن عملية “طوفان الأقصى”، جاءت رداً على المسار التطبيعي، الذي كان قد بدأ في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، خصوصاً أنه في الفترة القصيرة التي سبقت، كانت قد تزايدت المعلومات عن إقتراب موعد الوصول إلى إتفاق بين السعودية و”إسرائيل”، ما دفع إلى بروز إتهامات بأن إيران تقف، بشكل أو بآخر، خلف هذا الهجوم.
إنطلاقاً من ذلك، تبرز بعض الرهانات على هزيمة حركة حماس في هذه الحرب، على قاعدة أن هذا الأمر من الممكن أن يقود إلى تسوية في الساحة الفلسطينية، تكون جزءاً من مسار عام على مستوى المنطقة، وتفترض أن يكون ذلك بمثابة رسالة إلى الجانب الإيراني، الذي يدعم فصائل المقاومة، سواء كان ذلك في فلسطين أو في لبنان، فانتصار الحركة بالنسبة لهؤلاء العرب يعني مدّ المحور الإيراني بجرعات قوة لا متناهية، تجعله حاضراَ أكبر بالمشهد الاقليمي، وهو ما لا يناسب دولاً عربية بالتأكيد.
في المقابل، هناك من يرى أن صمود الحركة سيكون بمثابة رسالة إحراج إلى القوى التي ترفع لواء التطبيع، نظراً إلى أنه سيثبت من جديد قدرة المقاومة على تحقيق الإنتصارات وتحصيل الحقوق، كما أنه سيعزز من حضور فصائلها على المستوى الشعبي، من دون تجاهل ما حصل على مدى الأيام الماضية، خلال التحركات التي شهدتها بعض العواصم العربية.
وبحسب مصادر متابعة فإن أطرافاً في السلطة الفلسطينية تخشى انتصار حركة حماس، لأن ذلك سيعني المزيد من الشرعية لها، خاصة بعد ارتفاع أصوات فلسطينية شعبية في الضفة مؤيدة لكتائب القسام والعمل المقاوم، وبالتالي هي تعتبر أن الانتصار سيترجم بمزيد من المكاسب لحماس على حساب هذه السلطة.
هذا الأمر كان السبب الرئيسي في تحرك الشرطة الفلسطينية بقسوة بوجه المتظاهرين في مناطق الضفة لنصرة أهل غزة، فحركة حماس لم تعد ترغب بالبقاء خارج القرار الفلسطيني، لذلك وبحسب المصادر فإن الحركة مصرة على أن تكون بنفسها على طاولة المفاوضات عندما تحصل، وتعارض استمرار ما يسمى بمنظمة التحرير بالإستفراد بالقرار.
وترى هذه المصادر أن المطالبين من الفلسطينيين بهزيمة حماس، يخشون على حضورهم ومكتسباتهم، ويحاولون تخويف بعض الأنظمة العربية، الخائفة أصلاً، من نمو حركة “الإخوان المسلمين”، وتؤكد لهم أن انتصار حماس في غزة سيُعيد وهج هذه الحركة في المنطقة، وسيؤثر على مسار التطبيع القائم.