عاجل

مكانة التفاوض في الأسس الفكرية والأيديولوجية لحركة طالبان

شفقنا-على الرغم من عدم وجود إطار محدد تستنبط منه الأسس الفكرية والأيديولوجية لطالبان فيما يتعلق بالتفاوض، إلا أنه مع الأخذ في الاعتبار أن طالبان تنسب جميع تصرفاتها وسلوكياتها إلى دين الإسلام وترى دائما بانها تتبع أوامر القرآن والسنة النبوية فإنها فيما يتعلق بالتفاوض ترى نفسها ملتزمة بالأسس التي وضعها الله والنبي ص.

وعلى هذا، ففي الحالات التي حدد الله فيها خطوطا حمر للمسلمين، قررت طالبان عدم التفاوض حوله. وترى طالبان أن مبادئ مثل الحفاظ على عزة المسلمين، وعدم هيمنة الكفار على المسلمين، وعدم إقامة علاقات ودية مع أعداء الإسلام، وكلها تكاد تكون مبنية على قاعدة “نفي السبيل” ولا يجوز انتهاك حرمتها. 

لكن في المقابل فإن حركة طالبان لم تنكر مبدأ التفاوض واستنادا إلى الآيات والسيرة النبوية قبلت التفاوض كوسيلة من وسائل تحقيق أهدافها المشروعة والإسلامية، وهذه الجماعة عمليا كأي جماعة أخرى أو تيار سياسي عسكري، استفادت من التفاوض بمثابة أداة سياسية لتحقيق أهدافها وأغراضها.

مبادئ غير قابلة للتفاوض 

فضلا عن هذه الأسس الفكرية التي تعتبرها كافة التيارات الإسلامية مبادئ غير قابلة للتفاوض، فإن التفاوض في النظام الفكري العقائدي لطالبان يحتل منزلة أدنى من تحقيق الهدف بالآليات الصلبة، أي المعركة المسلحة. 

ومن خلال اتباع أمثلة آيات الجهاد في القرآن الكريم، دون جعلها تتوافق مع ظروف عالم اليوم، تعتبر طالبان الجهاد المسلح الوسيلة المشروعة الوحيدة لتحقيق أهدافها. فخلال تاريخها الذي دام قرابة 30 عاما من النضال، نادرا ما فكرت طالبان في طريقة أخرى غير الكفاح المسلح.

وعندما وصلت هذه الجماعة إلى أبواب كابول عام 1995، وعلى الرغم من وجود حكومة إسلامية في كابول، لم ترغب طالبان في التفاوض معها وطالبت باستسلامها غير المشروط. 

وفي المراحل التالية لم تلتفت للطلبات المتكررة لجبهة الوحدة الشمالية واتبعت النهج العسكري لحل الموضوع. 

وبعد عام 2001 لم تلتفت حركة طالبان للطلبات المتكررة ومقترحات السلام للحكومة الأفغانية ووافقت على التفاوض مع الأمريكان على أساس مشروط وبمنهج توزيعي (الربح والخسارة) ونتيجة لذلك وفي النهاية تم حل القضية بالكامل لصالح طالبان.

إدراكا بالحقيقة أن النظام الفكري والأيديولوجي لطالبان ذو توجه جهادي، ويعتبر التفاوض فيه أمرا ثانويا، فإن النظام الفكري لهذه الجماعة يرتكز على مبادئ أخرى، إذ يساعد التفكير فيها على فهم الأسس الفكرية الأساسية لهذا التنظيم حول التفاوض.

الإمارة الإسلامية 

إن أول ما يحدد حدود التفاوض ومكانته في الجهاز الفكري والأيديولوجي لطالبان هو تصور هذه الجماعة للنظام الإسلامي وأطره. وفي تفكير طالبان، يقوم النظام الإسلامي على “الإمارة الإسلامية” التي يرأسها أمير المؤمنين.

وبالنظر إلى الوضع الخاص لأمير المؤمنين، فإن الشخص الوحيد الذي يحدد ماذا وإلى أي مدى سيتم التفاوض هو أمير المؤمنين نفسه. بطبيعة الحال، قبل أي مسألة، فإن ما يعتبر غير قابل للتفاوض هو طبيعة النظام (الإمارة الإسلامية) لأن هذا النظام هو الذي أعطى السلطة العامة والمطلقة لأمير المؤمنين باعتباره صانع قرار من الدرجة الأولى.

الأمر الثاني الذي لا يمكن التفاوض عليه في النظام الفكري لطالبان هو منصب أمير المؤمنين ومؤهلاته. ففي الجهاز الفكري والسياسي لطالبان، تعتبر مكانة ومؤهلات أمير المؤمنين، التي شرعها تاريخ الخلافة الراشدة، من الأمور التي لا يحق لأي عضو في طالبان التفاوض بشأنها. غيرها من البنود غير القابلة للتفاوض أو التفاوض؛ يحددها أمير المؤمنين والدائرة القيادية القريبة منه، بما في ذلك المفاوضات مع أمريكا.

دور المفاوضات السياسية في تغيير أفكار وسلوك حركة طالبان

هذا ويتم التفاوض من أجل إحداث تغيير في آراء مختلف الأطراف. إن حقيقة أن أحد الطرفين على استعداد للتفاوض مع الآخر تعني أنه قبل أن يتأثر بالطرف الآخر. وليست طالبان استثناء من هذه القاعدة، ويمكن رؤية آثار التغيير في الأفكار والسلوك لدى أفراد هذه الجماعة بسبب انخراطهم في المفاوضات.

وانطلاقا من هذا الرأي فإن حركة طالبان، التي اعتمدت نهج التفاوض منذ العقد الثاني من صراعها ضد الوجود الأمريكي في أفغانستان، شهدت تغييرات كبيرة على مختلف مستوياتها. ومن بين أولئك الذين يمكن أن تتغير أفكارهم وسلوكهم أكثر من غيرهم، في الخطوة الأولى، هم أولئك الذين يشاركون بالفعل في المفاوضات وعقدوا اجتماعات متكررة مع ممثلي البلدان والمنظمات والمجموعات الأخرى لهذا الغرض. وهذا التيار الذي يسمونه بطالبان السياسية، أصبح مرنا في وجهات نظرهم نتيجة أسفارهم واجتماعاتهم مع مختلف شرائح المفاوضين من الدول الأخرى.

متأثرة ببث تقارير المحادثات السياسية لطالبان التي تم نشرها عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، خضعت مجموعة أخرى من طالبان، والتي كانت بشكل رئيس من المقاتلين والأشخاص ذوي الرتب المنخفضة في هذه الجماعة، لنوع من التغيير في الرأي والانقسام. وانخفضت شدة وجهات نظرهم السابقة.

وعلى الرغم من أن التفاوض لعب دوره في جعل آراء وسلوكيات بعض صفوف طالبان مرنة، إلا أن هذا الجزء من القضية لا يشمل إلا ذلك الجزء من طالبان الذي يلعب دورا ثانويا في القرارات الأساسية أو حتى مجرد نقل الرسالة إلى مستويات عالية. 

إن الطبقة “الصلبة” وغير المرنة من طالبان، والتي تضم قيادة هذه الجماعة والتي تبتعد في الغالب عن أعين الجمهور، شهدت أقل قدر من التأثير من المفاوضات، بل ويمكن القول إن المفاوضات السياسية لم تترك أي تأثير في وجهات نظرهم وسلوكياتهم وكانت غير فعالة. وهذه الطائفة من طالبان، التي تضم القائد ونواة اتخاذ القرار المركزي، ظلت ثابتة على آراء الجماعة ومبادئها الأساسية ولم تتأثر بعنصر التفاوض.

المصدر: موقع مطالعات شرق

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

 

المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-11-05 18:01:10
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى