السِّدانة والسيادة
وإضافة إلى ما تتمتع به من حقوق السيادة، سواء بسواء مع هذه الأقران، لها وحدها شرف سِدانة الحرمين الشريفين.
بيد أنه كما تلازم حقوق السيادة واجبات، تلازم السِّدانة واجبات.
وهكذا، فإن واجبات المملكة العربية السعودية لا تقتصر على واجباتها تجاه 25 مليون مواطن ومواطنة سعودية بحكم سيادتها عليهم، ولكنها تشمل أيضاً، بحكم سِدانتها واجباتها تجاه بليونين من العرب والمسلمين من أهل السنّة والشيعة من غير مواطنيها المُنتشرين في أرجاء المعمورة.
ومن البديهي أن شرف السِدانة على الحرمين الشريفين وما يلحقه من واجبات ينسحب روحياً ومعنوياً ورمزياً (وإن لم يكن إدارياً) على أقرب مقدساتنا إلى الحرمين وأقدسها، أي ثالث المساجد التي تشدّ إليها الرحال: أولى القبلتين ومسرى نبيّنا ومعراجه وأرض المحشر والمنشر، حيث فُرض علينا أحد أركان الإسلام الخمسة: الصلاة اليومية.
وليس خافياً ما يخططه غلاة التلموديين الذين في الحكم في تل أبيب من مكايد ودواهٍ بالنسبة إلى الحرم الشريف المقدسي بأقصاه وصخرته وبراقه حيث يعتبرون أن الصهيونية لا تتحقق غائياً بمجرد احتلال التراب الفلسطيني من البحر إلى النهر، وإنما بإعادة بناء الهيكل وهي أضغاث أحلام أجّجها جنوح بعض حواضرنا المخزي إلى التطبيع “الإبراهيمي” الإجرامي الأحمق بقيادة وإخراج وتنسيق بنيامين نتنياهو الفارّ من عدالة محاكم بلاده.
ولقد وعى أولو الأمر جميعاً في الرياض منذ عقود وبدون أيّ استثناء واجبات السِّدانة وحدود السيادة في معالجة كل ما يمتّ إلى القدس الشريف المحاصر بصلة، ورعوا في صددها القمة العربية تلو القمة، والقمة الإسلامية تلو القمة دعماً ونصراً وإنقاذاً، بدءاً بالملك عبد العزيز وانتهاءً بالملك سلمان، مروراً بكلٍّ من سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله رحمات الله عليهم أجمعين.
فهل يقتدي من بيده الحل والربط في حاضرة العربية السعودية اليوم بأسلافه الكرام، أم سيختار طوعاً بصفتَيه السادِنة والسيادية السقوط في شرك “التطبيع” الزائف ومصيدة “الإبراهيمية” الخرافة التي نصبها المايسترو الداهية والجزّار بيبي عدوّ الإسلام الألدّ في قسمةٍ ضيزى في دهاليز تل أبيب وأوقع فيها أقرانه في الإمارات والبحرين والسودان ومراكش؟؟
* مورّخ فلسطيني ومؤسّس مؤسّسات الدراسات الفلسطينية