موضوعات وتقارير

أجوبة الخطاب

هشام أبو جودة * -اللواء
جاء خطاب السيد حسن نصرالله بنهاية الشهر الأول لمعركة غزة، وكان كلامه عقلانياً متوازناً واستراتيجياً، خارجاً عن الشعبوية الجماهيرية، ولكن حادّاً وجازماً في آن، فأعطى أجوبة واضحة عن مجمل المسائل المطروحة في الوضع القائم، وفي ما يلي قراءة لبعضها:
الجواب الأول: ان المعركة فلسطينية، توقيتاً وقراراً وأهدافاً، وقد حدثت بناء على المعطيات والأوضاع القائمة في فلسطين، والجميع يشارك فيها تحت هذا العنوان.

الجواب الثاني: إن أمن لبنان واستقراره لا يجوز التفريط بهما، وهما يوزنان بميزان الصائغ («الجوهرجي» بالعامية)، لكن خطر دولة الاحتلال الوحشيَّة، القائمة في فلسطين، هو خطر على لبنان أيضاً، كما على الأردن، كما على سوريا، كما على مصر، ويجب مواجهته. وفي هذا الجواب يؤكد، وبالوقائع، ما نبّه إليه الشيخ الدكتور يوسف الخازن في كتابه «الدولة اليهودية في فلسطين» (1917)، وأنطون سعادة في مختلف كتاباته عن المسألة الفلسطينية.
الجواب الثالث: على رغم أن الظرف كان مؤاتياً صباح 8 أو 9 تشرين الأول للدخول الى شمال فلسطين وصولاً الى حيفا ونابلس، وتحقيق حلم التحرير، فإن قوى المقاومة في لبنان لم تقم بهذا التحرك.. لماذا؟ لأنها لم تكن على جهوزية هجومية للقيام به، وقد تفاجأت بالهجوم الفلسطيني تماماً كما تفاجأ الجميع.
الجواب الرابع: إن جبهة الجنوب اللبناني – الشمال الفلسطيني فُتِحَت صباح 8 تشرين لتكون جبهة مشاغلة للعدو وظيفتها تخفيف الضغط عن غزة، وهي قابلة للتطوير.
الجواب الخامس: في هذه المرحلة من معركة غزة، الفلسطينيين يربحون، والمسألة الفلسطينية تربح على الصعد كافةً، بخاصةٍ على الصعيد العالمي، وهذا الربح – وللأسف الشديد – يتم عبر الدم الفلسطيني.. ولكن هذه هي حقيقة الصراع بين الضعيف والقوي وبين المقاومة والاحتلال، وهذا ليس بجديد.
الجواب السادس: لقد ربحت المقاومة والمسألة الفلسطينية في 7 تشرين على مستوى استراتيجي، بإسقاط كل قواعد وجود الكيان الغاصب ودولته المحتلة في فلسطين، وأي تدخّل الآن يمكن أن يؤدي إلى تضييع هذه الإنجازات. يقول صان تسو: «على القائد ألا يتأثر بعدد الضحايا عند اتخاذ قراراته، لأن النتيجة هي الأهم». طبعا هذا صعب ومؤلم وجدانياً ونفسياً وروحياً، ولكن على القادة دائما الاحتكام إلى العقل، وليس إلى العاطفة.
الجواب السابع: إن احتمال توسّع الحرب قائم، ودخول المنطقة حرباً مفتوحة تؤدي الى هولوكوست يطال كل شعوب المنطقة احتمال وارد وهو خطير، والمقاومة تتجنّبه. لكن مسؤولية عدم التوسّع تقع على الولايات المتحدة والغرب وباقي حلفائهم، والباب هو وقف إطلاق النار.
وأخيرا مشهدية الصورة: «إقامة مهرجان خطابي في الهواء الطلق يضم الآلاف من اللبنانيين والفلسطينيين وكل القيادات السياسية، في ثالوث مناطق بيروت، وبعلبك، وبالأخص النبطية التي تبعد رمية مدفع هاون عن مواقع العدو في شمال فلسطين المحتلة، وبموازاة وقائعه عدم تجرؤ هذا العدو المتوحش على الاعتداء، واحتجاب طيرانه، فيما مسيّراته تمتنع عن التحليق، مع أن الجبهة مشتعلة»، إنما يبقيان الجواب الأهم الذي حمله هذا الخطاب في معترك الصراع، وقد أتى مثبتاً أن القوة هي القول الفصل في إثبات الحق القومي أو إنكاره.
* كاتب سياسي وخبير اقتصادي
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى