موضوعات وتقارير

واشنطن تسعى لقبض ثمن الوعد بالهدنة مزيداً من الوقت لنتنياهو لارتكاب المزيد / قوات القسام تحرق دبابات الاحتلال شمال بيت لهيا… والصواريخ على تل أبيب / هوكشتاين في بيروت قلقا من التدحرج… بين الدعوة للتهدئة والتحذير من التصعيد /

 

كتب المحرّر السياسيّ-البناء

تكشّفت جولة كل من وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن ومدير الوكالة المركزية للمخابرات الأميركية (CIA) وليم بيرنز، عن مشروع مزدوج جوهره شراء الوقت لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لارتكاب المزيد من المجازر في غزة وتدمير ما تبقى من مبانٍ ومنشآت فيها، أملاً بأن يحقق جيشه إنجازاً يبرر به القبول بالهدنة الإنسانية التي تتبناها إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن. وزار بلينكن العواصم العربية، بينما اكتفى بيرنز بزيارة تل أبيب. وبينما كان بلينكن ينجح بإقناع حكام الدول العربية المطلة على البحر الأحمر بالتصدّي للصواريخ التي يطلقها أنصار الله من اليمن على عمق الكيان، لأن هذا سوف يساعد في إقناع نتنياهو للقبول بالهدنة الإنسانية. ثم حاول في العراق، لكنه فشل، شراء الأمن للقواعد الأميركية من قوى المقاومة لقاء وعده بالسعي لإقناع نتنياهو بالهدنة الإنسانية ومنح العراق أبوتها. وحمل بلينكن لقيادة حماس عرضاً بالهدنة الإنسانية مطالباً بثمن هو إطلاق الرهائن حاملي الجنسيات الأجنبية وغير العسكريين من الرهائن، ليلقى من حماس جواباً يقول إن مدة الهدنة لا تكفي لترتيب وضع الرهائن وإحصائهم، وان الإفراج عن النساء والأطفال مقابل الإفراج عن النساء والأطفال الأسرى في سجون الاحتلال. وبالتوازي كان بيرنز يدعو نتنياهو للتعامل بانفتاح مع مشروع الهدنة، وأن يستفيد من الوقت الذي يسبقها لتحقيق إنجاز عسكري، ويستفيد منها لاحقاً باستثمار الافراج عن الرهائن سياسيا وتقييم وإعادة ترتيب أوضاع جيشه عسكرياً.
في الميدان، كان يوم أمس لقوات القسام، رغم الغارات والقصف المدفعي الكثيف، حيث قامت قوات القسام بشن هجمات معاكسة على رؤوس الجسور التي استند إليها جيش الاحتلال في التقدم على محاور شمال غرب بيت لهيا، وشمال مدينة غزة ومنطقة مخيم الشاطئ، وقدرت مصادر عسكرية قريبة من قوات القسام مجموع خسائر جيش الاحتلال بتدمير أكثر من عشرين آلية بين دبابة وناقلة جند وجرافة، وعشرات الضباط والجنود بين قتيل وجريح.
في لبنان، حيث التوتر يخيّم على جبهة الجنوب، وسط الردّ المتواصل للمقاومة على جريمة عيناتا، بينما الاحتلال يواصل اعتداءاته، ومعادلة الاحتمالات المفتوحة تحكم المشهد من زاوية المقاومة، حطّ في بيروت المبعوث الرئاسي عاموس هوكشتاين، حاملاً القلق من تدحرج الأوضاع على الحدود وخروجها عن السيطرة، جامعاً بين الدعوة للتهدئة والتحذير من التصعيد، بينما كان الجواب اللبناني بأن وقف التصعيد يبدأ من الضغط الأميركي على جيش الاحتلال، سواء على جبهة لبنان أو جبهة غزة.
على وقع وصول كبير مستشاري الإدارة الأميركية لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين الى بيروت، شهدت الجبهة الجنوبية تصعيداً واسعاً تعدّى قواعد الاشتباك الضمنية المعمول بها منذ 8 تشرين الأول بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وبعد وصول الصواريخ من لبنان إلى نهاريا وعكا وحيفا رداً على جريمة عيناتا، وسّع جيش الاحتلال قصفه حتى جبل الريحان أمس، وسط تحذير من توسيع نطاق العمليات والقصف إلى مديات أكبر، ما قد يؤدي الى تدحرج الوضع الى حرب تشمل أهدافاً مدنية وربما مرافق حيوية. إلا أن مصادر مطلعة لـ»البناء» لفتت الى أنه وبعد جريمة عيناتا وردّ المقاومة القوي، تكثفت الجهود الديبلوماسية الأميركية والأوروبية لاحتواء الموقف وضبط التوتر لعدم الانزلاق الى حرب شاملة بين لبنان و»إسرائيل»، وزيارة هوكشتاين المفاجئة تصبّ في هذا الاتجاه. وأوضحت المصادر أنه وعلى الرغم من التصعيد الإسرائيلي الأحد الماضي وما تبعه من ردة فعل المقاومة، لا تزال الأمور مضبوطة لجهة تجنب استهداف المدنيين لتجنب الطرفين الدخول بحرب شاملة. لكن مع التنبه الى احتمال جنوح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وحكومة الحرب في «إسرائيل» لاستدراج حزب الله الى حرب واسعة النطاق لتوريط الأميركيين فيها، علماً أن الإدارة الأميركية تمارس الضغوط على نتنياهو لعدم السير بخيار جنوني كهذا يأخذ المنطقة الى حرب إقليمية لا تريدها أميركا.
وشهدت الجبهة الجنوبية مع الاحتلال الإسرائيلي سخونة لافتة، مع تأكيد أوساط مواكبة للوضع الميداني، لـ”البناء” أن المقاومة رفعت من مستوى التصعيد العسكري خلال اليومين الماضيين ارتباطاً بأمرين: مجزرة عيناتا والتصعيد الإسرائيلي في غزة، مرجحة أن يعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه السبت معادلات ميدانية جديدة لردع الهمجية والوحشية الإسرائيلية في جنوب لبنان وفي غزة.
وأعلنت المقاومة الإسلامية، في بيان، أنّ مجاهديها استهدفوا، ‌مرابض مدفعية العدو في فلسطين ‏المحتلة، ردًا على قيام العدو الصهيوني بقصف إحدى نقاط المقاومة الإسلامية في ‏إقليم ‏التفاح ليل الإثنين الماضي. كما استهدف حزب الله موقع بركة ريشا الاسرائيلي. واشارت وسائل إعلام إسرائيلية الى إطلاق نار وقذائف هاون باتجاه عرب العرامشة في القطاع الغربي قرب الحدود مع لبنان. كما اعلنت اعتراض الدفاعات الجوية مسيرة قرب الحدود اللبنانية. ولفتت إذاعة جيش الاحتلال الى انه “تم إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان على شومرا في الجليل الغربي وقد ردّ الجيش على مصدر النيران”.
في المقابل قصف جيش الاحتلال بشكل عشواي وعنيف أطراف الناقورة في اللبونة، كما قصف 4 قذائف مقابل مروحين في بركة ريشا، ونفذ غارتين على أطراف عيتا الشعب، كما استهدف أطراف كفركلا ومرتفعات شبعا.
وأغار طيران الاحتلال الحربي على جبل اللبونة قرب بلدة الناقورة في حين حلّق الطيران الاستطلاعي فوق قضاء صور والساحل البحري. كما سجل قصف مدفعي إسرائيلي على اللبونة وعلى أطراف الناقورة، ونفذ أربع غارات على عيتا الشعب وغارة على بلدة محيبيب.
وادّعى نتنياهو “أننا نقوم في الجبهة الشمالية بعمليات دفاعية وهجومية وهاجمنا أهدافاً عدة لحزب الله”، معتبرًا أنّه “إذا اختار حزب الله الدخول في الحرب فسيكون قد ارتكب خطأ عمره”.
وزعم وزير الدفاع في حكومة الاحتلال بأننا “لسنا معنيين بفتح جبهة حرب مع حزب الله، لكن إذا أخطأ الامين العام لحزب الله حسن نصرالله كما فعل السنوار بغزة، فـ”إسرائيل” ستحسم مصير لبنان”.
في المقابل أشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في تصريح لـ”إن بي سي”، الى أنه “إذا استمرّت “إسرائيل” وأميركا في عدوانهما فسيؤدي ذلك لمواجهة شاملة”، ولفت الى أن “حزب الله يشارك من أجل تخفيف الضغط على غزة”، وأوضح بأن “هجماتنا المتزايدة رسالة بأنه إذا توسّعت “إسرائيل” فستكون هناك عواقب وخيمة”.
بدوره، رأى رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين أن “الأهداف كبيرة بالنسبة إلى العدو والمعركة تحتاج إلى نفس طويل، والتعاطي مع هذه المعركة يجب أن يكون بنفس طويل. فهذا النمط من المعارك لا يمكن أن نصل فيه إلى انتصار بسرعة بسبب طبيعة المعركة. وقد يتطلب الأمر في لحظة من اللحظات أن تُفتح هذه المعركة حينئذ أنت كمحور ومقاومة وشعب مقاوم تحدد الظرف والخيار، وهذا الأمر يجب أن يؤخذ بالاعتبار”.
وخلال لقاء نظمه “تجمع العلماء المسلمين” تضامنًا مع صمود غزة المحاصرة قال صفي الدين: “إذا تمكنا كمحور مقاومة، وتمكنت المقاومة في فلسطين وتمكن أهل غزة من إنهاء هذه المعركة دون أن نحقق أغراض نتنياهو فهذا هو المطلوب، وهذا هو الانتصار الأصفى والأنقى. أما في غير هذه الحالة، فنحن سنأخذ الأمور إلى وضع آخر، لكل وضع حساباته، كما أشار سماحة السيد”.
في غضون ذلك، حط آموس هوكشتاين في عين التينة حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري في حضور السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، وجرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية على ضوء تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان وقطاع غزة.
وبعد اللقاء قال هوكشتاين: “حضرت الى لبنان لأن الولايات المتحدة الأميركية تهتم كثيراً بلبنان وشعبه وخاصة في هذه الأيام الصعبة”. وأضاف: “نقدم تعازينا للضحايا المدنيين، وكان لي حوار جيد مع دولة رئيس مجلس النواب، واستمعت لوجهة نظره حيال ما يجري، كما أطلعته على ما تقوم به الولايات المتحدة الاميركية التي لا تريد لما يحصل في غزة ان يتصاعد ولا تريد له ان يتمدد الى لبنان”. وشدد على أن “المحافظة على الهدوء على الحدود الجنوبية اللبنانية على درجة عالية من الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة الاميركية، وكذلك يجب ان يكون بالنسبة للبنان و”إسرائيل” هذا ما ينص عليه القرار الأممي 1701 ولهذا صمم”.
وأبلغ الموفد الأميركي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال لقائه به في السراي الحكومي، أنّه “يزور لبنان موفدًا من الرئيس الاميركي جو بايدن، لبحث الوضع في جنوب لبنان، وأنّه لمس من خلال محادثاته أن لبنان و”إسرائيل” لا يرغبان بتصعيد الوضع”. ودعا هوكشتاين جميع الجهات إلى “احترام القرار الأممي الرقم 1701 وتنفيذه كاملًا”، كما أكد مجدداً “دعم الجيش لبسط سيادة الدولة اللبنانية على كل أراضيها”.
وبحث نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب وهوكشتاين، التطورات الأخيرة جراء الحرب على غزة والاعتداءات الأخيرة على جنوب لبنان وانعكاسات ذلك على المنطقة. وخلال اللقاء بينهما في مكتبه في المجلس النيابي، أكّد بو صعب أنّ “الحل يجب أن يبدأ بوقف سريع لإطلاق النار واحترام القوانين الدولية ووقف قتل المدنيين والأطفال”.
من جهته، أكّد هوكشتاين “ضرورة إبعاد الحرب عن لبنان والحفاظ على الاستقرار والأمن”.
وأشارت أوساط مطلعة لـ”البناء” الى أن زيارة هوكشتاين الى لبنان تأتي في إطار سلسلة الزيارات للدبلوماسيين الأميركيين والأوروبين والعرب لنقل رسائل تهديد للبنان من مخاطر توسيع حزب الله للعمليات العسكرية ضد “إسرائيل”، لا سيما عقب ارتفاع وتيرة التوتر على الحدود إثر استهداف قوات الاحتلال لسيارة مدنيّة ما أدى الى استشهاد أربعة أشخاص، حيث شعر الأميركيون أن إطلاق صواريخ من لبنان على كريات شمونة وحيفا يعني أن حزب الله سيوسع قواعد الإشتباك الى حد كبير قد يستدرج ردود فعل اسرائيلية كبيرة أيضاً تتدحرج إلى حرب واسعة.
ومساء أمس، وزعت السفارة الاميركية في بيروت بياناً، كرر ما صرّح به الدبلوماسي الأميركي في عين التينة والسراي الحكومي، وأشارت السفارة إلى أن “كبير مستشاري الرئيس بايدن، آموس هوكشتاين، أعرب عن اهتمام الولايات المتحدة العميق بلبنان وشعبه خلال هذا الوقت العصيب”. وعبر عن “خالص التعازي لحياة المدنيين التي فقدت”. واستمع إلى “مخاوف المسؤولين اللبنانيين وأبلغهم بما تقوم به الولايات المتحدة لمعالجتها”. وأكد مجدداً أن “الولايات المتحدة لا تريد أن ترى الصراع في غزة يتمدد”، وشدد على أن “استعادة الهدوء على طول الحدود الجنوبية يجب أن تكون الأولوية القصوى لكل من لبنان و”إسرائيل””.
وذكر “جميع المحاورين بأن قرار مجلس الأمن 1701 هو أفضل آلية لتحقيق هذا الهدف”، ودعا إلى “تنفيذه بالكامل”.
وكان الرئيس بري تابع تطورات الأوضاع في الجنوب في ضوء تصاعد العدوانية الإسرائيلية وآخرها الجريمة التي استهدفت المدنيين والاطفال على طريق عيترون عيناتا والمسعفين في منطقة طيرحرفا اضافة الى المستجدات السياسية، وذلك خلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
وحول تعيين جلسة للحكومة للتمديد لقائد الجيش، قال ميقاتي: “أنا والرئيس بري حريصان كل الحرص على المؤسسة العسكرية وحتماً في التأني السلامة وفي العجلة الندامة”.
وفي سياق ذلك، أبدى تكتل “لبنان القوي” في بيان إثر اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل، استغرابه حيال “الضجة المثارة حول ملف قيادة الجيش وسط حملة مشبوهة للتمديد لقائد الجيش خلافاً للدستور والقوانين المرعية الإجراء، والتهويل المبرمج حول انقسام الجيش أو وقف المساعدات له في حال عدم التمديد، وهي كلّها ذات خلفية سياسية محضة لا علاقة لها بمصلحة المؤسسة العسكرية التي تتأمن بإبعادها عن السياسة وليس باستخدامها في سياسة خاصة وضيقة”.
وأكد التكتل تمسكه “برفض التمديد في أي موقع من مواقع السلطة والإدارة ورفض التشريع خلافاً لمبدأ الشمولية”، مشيراً الى أن هناك “حلولاً قانونية عدة متوفرة لتفادي وقوع الفراغ في قيادة الجيش وأن هذا الفراغ لن يحصل وهو غير وارد أصلا في المؤسسات ذات التراتبية العسكرية. كما أن حملات المزايدة علينا في محبة الجيش معروفة الأسباب، فالتاريخ والحاضر يشهدان من هم المحبّون الفعليون للجيش”.
ولفتت مصادر نيابية لـ”البناء” الى أن خيار التمديد لقائد الجيش يتراجع بسبب رفض قوى عدة، لا سيما التيار الوطني الحر، ورفض الرئيس بري انتقائية القوات اللبنانية بعقد جلسات تشريعية”، مشيرة الى أن “خيار تسلم الضابط الأعلى رتبة لصلاحيات قائد الجيش بعد شغور المنصب أيضاً ليس خياراً سليماً”، ورجحت أن تتجه الأمور الى خيار تعيين رئيس للأركان في مجلس الوزراء، وهذا الحل الوحيد والمتاح، لأن رئيس الأركان يحلّ مكان قائد الجيش في غيابه، لكن المصادر لفتت الى أن “ملف قيادة الجيش لن يبت في الوقت الحالي، وهناك متسع من الوقت قبل إحالة القائد الحالي على التقاعد”.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى