حملة النظام الدولي في مثلث غزة وأوكرانيا وتايوان

شفقنا-سوف يلعب العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين دورا حاسما في تحديد مصير العالم والنظام الدولي لعقود قادمة، وفي هذا الصدد يطرح سؤالان أساسيان: هل تستطيع الولايات المتحدة أن تلعب دورا متزامنا في ثلاث حروب في أوروبا ضد روسيا من خلال دعم أوكرانيا، وفي الشرق الأوسط ضد الشعب الفلسطيني المضطهد، والصراع المحتمل في بحر الصين الجنوبي؟
وإذا تدخلت جهات إقليمية أخرى في غزة، وإذا توصلت بكين بطريقة أو بأخرى إلى فكرة أن الوقت قد حان لمهاجمة تايوان، فإن الوضع سوف يصبح بالغ الصعوبة، خاصة وأن أوكرانيا تبدو الآن وكأنها الضحية في أوروبا والشعب الفلسطيني المضطهد هو الضحية في الشرق الأوسط.
والسؤال الأهم هو ما إذا كان محور الصين وروسيا وتركيا وإيران قادرا على تحقيق النجاح في عملية تغيير النظام العالمي ومعارضة النهج الغربي القائم على استمرار الوضع الراهن؟
حرب باردة جديدة
والحقيقة أن اهتمام المحور عبر الأطلسي في الوقت الراهن يتحول عن أوكرانيا نحو الشرق الأوسط، ويضطر إلى جانب الجهود العسكرية والمالية التي تبذلها أمريكا إلى الدخول في منطق حرب باردة جديدة بدلا من منطق حرب ساخنة، اضطرار يأتي نتيجة تضافر سياسي وأمني للمحور الجديد المكون من موسكو -بكين -طهران -أنقرة بمشاركة بعض الدول الأخرى في قارات العالم الأربع.
شن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطابه العاطفي والحماسي أمام مئات الآلاف من الأشخاص الأسبوع الماضي، هجوما على الغرب وذهب إلى ان نفاقه مسؤول عن معاناة سكان غزة وحذر من أن الغرب نفسه يمهد الطريق لحرب عقائدية مضيفا بانه من وجهة نظرنا فإن حماس ليست منظمة إرهابية، بل هي مجموعة من المجاهدين الفلسطينيين والمقاتلين من أجل الحرية المنخرطين في الجهاد والدفاع المقدس عن أرضهم.
التصريحات تلك قوبلت بردود فعل قوية من الإسرائيليين، وأشار سفير الكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة إلى أن الأفعى لا تزال أفعى؛ يتحدث أردوغان عن الغرب لكنه يعني الولايات المتحدة، والتهديد بإعلان إسرائيل كمجرمة حرب يستهدف أيضا واشنطن، لذلك ليس سرا أنه إذا حظي نهج تركيا ومؤيديها بدعم واسع النطاق في الجنوب العالمي، فإن أي حل دبلوماسي يعني المزيد من الضغط على الولايات المتحدة للتراجع واقناع إسرائيل بوقف جميع العمليات.
عزل الولايات المتحدة
ولذلك فإن عزل الولايات المتحدة ليس هو الهدف الجيوسياسي للصين وروسيا فحسب، بل هو أيضا هدف دول مثل تركيا، التي رغم أنها عضو في حلف شمال الأطلسي وتلعب في معسكر المعارضة لفترة طويلة، أي المعسكر المناهض للولايات المتحدة، ومن الممكن أن يتشكل تحالف من معارضي الهيمنة الغربية-الأميركية على أساس النظام الدولي وعلى المدى المتوسط، وذلك من خلال اتحاد روسيا والصين وتركيا وجمهورية إيران الإسلامية.
لقد وصلت روسيا والصين إلى مستوى غير مسبوق من التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري منذ غزو أوكرانيا، لكن هذا التقارب الوثيق للغاية لم يتحول إلى حملة مناهضة لحلف شمال الأطلسي في شكله الرسمي.
وتعهد شي وبوتين بصداقة أبدية ووعدا بتغيير النظام العالمي القائم على القواعد على النمط الغربي إلى نظام متعدد الأقطاب حيث يفعل الجميع ما يريدون دون قيود على الديمقراطية وحقوق الإنسان.
والحقيقة أن كليهما اتفقا على أن الديمقراطية ليست كما تقول الولايات المتحدة، بل هي ما تريده كل دولة، سواء كانت روسيا أو الصين. ومن ناحية أخرى فإن تصريحات وزير الخارجية الروسي مثيرة للاهتمام.
إذ يقول إن الغرب يقود الشرق الأوسط إلى حرب كبيرة، والدول الغربية وضعت المنطقة برمتها على شفا حرب ضخمة بأفعالها في دول مثل العراق وسوريا وفلسطين المحتلة، ونتيجة هذه السياسات هو زيادة التطرف وانهيار الأسر وهناك ملايين اللاجئين.
ومن ناحية أخرى، فإن الصين ليست مستعدة لإدانة حماس، رغم طلب الغرب، وتؤيد الحل المتوازن مثل حل الدولتين. وفي الأمم المتحدة، منعت بكين وموسكو المقترحات الأحادية والمؤيدة لإسرائيل التي قدمتها واشنطن ولندن.
وبشكل عام، هناك مبدأ مقبول حول عدم فعالية النظام العالمي القائم، ولكن هناك خلاف جوهري حول النهج المستقبلي وكيفية تعريف النظام الجديد؛ وتعتمد نتيجة إعادة تعريف النظام على نشاط طرفي المعادلة، أي المحور الغربي والأطلسي، والمحور الأوراسي الشرقي، لكن لا يزال من السابق لأوانه التعليق على مثل هذه القضايا.
المصدر: ديبلماسي إيراني
————————
المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–
النهاية
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-11-08 23:56:18
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي