أميركا تردّ على طريقتها: «داعش» لكم بالمرصاد!
وتُعيد هجمات «داعش» الجديدة، والتي استهدفت ثلاث نقاط رئيسيّة للجيش السوري والفصائل الرديفة، بالإضافة إلى نقاط متقدّمة أخرى، عند الحدود الإدارية بين حمص والرقة شمالي منطقة السخنة، واستخدم فيها مقاتلو التنظيم تكتيكات جديدة، التذكير بتكتيكات سابقة كان يستعملها التنظيم قبل انحساره. وقد لوحظ، وفق تأكيدات مصادر ميدانية تحدّثت إلى «الأخبار»، تنفيذ «داعش» هجمات دقيقة ومتزامنة وبأعداد كبيرة، ما يؤكد اندماج مجموعات عديدة من مقاتليه واتحادهم على تنفيذها. وبذلك، يكون مقاتلو التنظيم قد تخلّوا، للمرة الأولى منذ مقتل مؤسّسه وزعيمه «أبو بكر البغدادي» على يد القوات الأميركية عام 2019 في عملية استهدفت المكان الذي كان يختبئ فيه في إدلب الخاضعة لسيطرة «تحرير الشام» قرب الحدود العراقية، عن تكتيك الهجمات المنفردة، وهو التكتيك الذي كان قد انتقل إليه من تبقّى من عناصر «داعش» المنتشرين في البادية السورية إثر خسارتهم جميع معاقلهم في سوريا.
كذلك، لوحظ خلال الهجمات الأخيرة، وفق المصادر، استعمال مقاتلي «داعش» أسلحة أكثر تطوراً من تلك التي اعتادوا استخدامها خلال تنفيذ عمليات خاطفة خلال السنوات الأربع الماضية، حيث استُعملت قذائف «الهاون»، بالإضافة إلى مضادات الدروع، وأنواع عديدة من الرشاشات، الأمر الذي تسبّب، وفق إحصاءات غير نهائية، باستشهاد 21 جندياً ومقاتلاً من الجيش السوري والفصائل المؤازرة له، بالإضافة إلى إصابة عدد آخر، تمّ إسعافهم إلى حمص. وفي وقت لاحق، شنّ الجيش السوري والقوات الروسية عملية مضادة، تمّ خلالها تمشيط المنطقة واستهداف عدد من الآليات التي استخدمها مقاتلو التنظيم في تنفيذ هجومهم، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد منهم.
وتربط المصادر الميدانية بين التصعيد الجديد في عمليات «داعش»، والهجمات التي تنفّذها المقاومة ضدّ القواعد الأميركية غير الشرعية في سوريا، مذكّرةً بالدور الكبير الذي تقوم به القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة «التنف»، والتي تشكّل نقطة دعم لوجستي لمقاتلي التنظيم، وهو ما يفسّر استعمال هؤلاء أسلحة متطوّرة من جهة، بالإضافة إلى تمكّنهم من التخطيط وتنفيذ الهجمات بالرغم من عمليات المسح والرصد المستمرة التي تنفّذها دمشق وموسكو. يُضاف إلى ما تَقدّم، بحسب المصادر، أن عناصر «داعش» انطلقوا من مناطق خاضعة لسيطرة القوات الأميركية وانسحبوا بعد تنفيذ الهجوم إليها، قبل أن يتمكّن سلاحا الجو السوري والروسي من استهداف آلياتهم.
وكانت قاعدة «التنف» قد تعرّضت، عند المثلث الحدودي مع العراق والأردن جنوبي سوريا، وقواعد أميركية أخرى غير شرعية في الشمال الشرقي من البلاد، لهجمات متتالية من فصائل المقاومة عبر أسلحة عديدة، بينها القذائف الصاروخية والمسيّرات، والتي أدت، بحسب مصادر ميدانية، إلى تحقيق أهدافها. في المقابل، تتستّر واشنطن على معظم خسائرها من جرّاء هذه الهجمات، التي تأتي رداً على الدعم غير المحدود الذي تقدّمه الإدارة الأميركية لقوات الاحتلال الإسرائيلي في حملة الإبادة التي تنفّذها ضدّ الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصَر.
وبينما كانت القوات السورية تخوض معارك عنيفة مع مسلحي «داعش» وسط البلاد، شنّ مقاتلو «هيئة تحرير الشام» هجوماً عنيفاً بالطائرات المسيّرة استهدف بشكل أساسي محافظتَي حماه وحلب، حيث سُمعت في حلب وريفَي حماه وإدلب أصوات المضادات الأرضية التي تمكّنت من إسقاط المسيّرات، التي فاق عددها العشر، بحسب وزارة الدفاع السورية التي نشرت عبر حساباتها الرسمية صوراً للمسيّرات التي جرى إسقاطها. وفي أقصى ريف اللاذقية الشمالي، شنّ «الجهاديون» هجمات متزامنة ضدّ مواقع الجيش السوري، لتردّ الأخيرة بتنفيذ عمليات قصف مدفعي وصاروخي طاولت مواقع ونقاط انتشار هؤلاء، وسط أنباء عن وقوع خسائر كبيرة في صفوفهم.
وبدا لافتاً في حملة التصعيد المتزامنة في مواقع عديدة في سوريا، أنها جاءت بعد ساعات قليلة من إعلان واشنطن، على لسان نائب المتحدث باسم خارجيتها، فيدانت باتيل، توجيه ما سمّاه «رسائل ردع مدوّية ومباشرة»، في محاولة لمنع فصائل المقاومة من شنّ مزيد من الهجمات على القواعد الأميركية في سوريا والعراق. وأضاف باتيل، خلال مؤتمر صحافي عقده أول من أمس: «كنا واضحين للغاية بأننا سنتّخذ أيّ خطوات ممكنة لحماية موظفينا ومصالحنا في المنطقة»، وفق تعبيره.