حرب تقتل وخطة تحيى…. ماذا خلف كواليس “مشروع قناة بن غوريون”

شفقنا-قبل عقود، اقترح الأميركيون استخدام الأسلحة النووية لتفجير ممر مائي عبر صحراء النقب. لكن هذه الخطة لم تتقدم قط. في الواقع، يُعتقد أن أحد أسباب رغبة إسرائيل في القضاء على حماس في قطاع غزة والسيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية المحاصرة هو منح نفسها فرصة لاستكشاف فرصة اقتصادية كبيرة بشكل أفضل والتي تحدثت عنها لعقود من الزمن، لأن السلام والاستقرار السياسي في المنطقة شرط أساسي.
تتمثل الفكرة في مد قناة عبر صحراء النقب التي تسيطر عليها إسرائيل من خليج العقبة -الذراع الشرقي للبحر الأحمر الذي يصل إلى الطرف الجنوبي لإسرائيل وجنوب غرب الأردن -إلى الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وبالتالي توفير بديل لقناة السويس التي تسيطر عليها مصر، والتي تبدأ من الذراع الغربي للبحر الأحمر وتمر عبر شبه جزيرة سيناء إلى جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط.
ويعتقد بعض الخبراء أن ما يسمى بمشروع قناة بن غوريون أو قناة إسرائيل، الذي تم رسم ملامحه لأول مرة في الستينيات، إذا اكتمل بالفعل، من شأنه أن يحدث ثورة في الديناميكيات البحرية العالمية من خلال حرمان مصر من احتكارها لأقصر طريق بين أوروبا وآسيا. ومع ذلك، فإن أي محاولة لإنشاء القناة يجب أن تتغلب على التحديات اللوجستية والسياسية والمتعلقة بالميزانية الهائلة التي قد تجعلها تبدو غير مرجحة إلى حد كبير في السياق الحالي.
نظرة على قناة السويس
عندما افتتحت قناة السويس عام 1869، أحدثت ثورة في التجارة البحرية العالمية. ومن خلال ربط البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر عبر مضيق السويس، تم ضمان عدم اضطرار السفن المسافرة بين أوروبا وآسيا إلى السفر إلى القارة الأفريقية. قلصت هذه القناة المسافة بين لندن ومومباي بأكثر من 41%. وفي العام المالي 2022-2023، مرت نحو 26 ألف سفينة عبر قناة السويس، وهو ما يمثل نحو 13 في المائة من الشحن العالمي.
لكن هذه القناة لها مشاكلها الخاصة. أولا، يبلغ طول قناة السويس 193 كيلومترا، وعرضها 205 أمتار، وعمقها 24 مترا، وهي أكبر مضيق للملاحة في العالم. وعلى الرغم من توسعها وتعمقها على مر السنين، إلا أن القناة كانت دائما مزدحمة، مع طوابير طويلة على طرفيها. وفي مارس 2021، علقت سفينة الشحن ماموث إيفرجرين في القناة، مما أدى إلى عرقلة حركة المرور لأكثر من أسبوع.
ومن ناحية أخرى، ظلت سيطرة مصر على هذا الممر المائي مصدرا للصراع منذ ما يقرب من 70 عاما. وفي عام 1956، بعد أن قرر الرئيس المصري جمال عبد الناصر (1918-1970) تأميم القناة، اندلعت الحرب وغزت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مصر لاستعادة السيطرة عليها. وانتهت أزمة السويس بانتصار عسكري للمعتدين، لكنه كان انتصارا سياسيا حاسما لمصر التي احتفظت بالسيطرة على القناة التي ظلت مغلقة منذ أكثر من ستة أشهر بسبب الصراع.
لحظة حاسمة في الحرب الباردة
وكانت هذه القضية لحظة حاسمة في الحرب الباردة مع التهديدات السوفييتية بالتدخل الرئيسي لوقف عدوان الحلفاء على مصر. وكانت قناة السويس محور الحربين العربيتين الإسرائيليتين في عامي 1967 و1973 وتم إغلاقها في الفترة من 1967 إلى 1975. وبطبيعة الحال، هذه القناة حيوية للاقتصاد المصري. بالإضافة إلى الفوائد التي تجلبها لاقتصادها المحلي، فإنها تجمع كل الإيرادات من رسوم المرور.
وفي السنة المالية 2022-2023، حققت هيئة قناة السويس إيرادات قياسية بلغت 9.4 مليار دولار، أي ما يقرب من 2% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر البالغ 476.8 مليار دولار، وذلك وفقا لتقرير البنك الدولي. ولذلك، بالنسبة للغرب، فإن خط الشحن عبر إسرائيل سيكون مثاليا.
وبطبيعة الحال، ليس من الواضح بعد ما إذا كانت الخطة الملموسة الأولى للبديل قد تم اقتراحها. يمكن العثور على أدلة موثقة في مذكرة الحكومة الأمريكية لعام 1963. إذ طالبت الولايات المتحدة في هذه المذكرة باستخدام المتفجرات النووية لحفر قناة في صحراء النقب في إسرائيل. ومن الأفكار الأخرى المثيرة للاهتمام للحفر النووي إنشاء قناة على مستوى سطح البحر بطول 160 ميلا عبر إسرائيل تربط البحر الأبيض المتوسط بخليج العقبة (وبالتالي البحر الأحمر والمحيط الهندي).
وستكون مثل هذه القناة بديلا استراتيجيا لقناة السويس الحالية ومن المرجح أن تساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية للمنطقة المحيطة بها. يعد مشروع قناة بن غوريون، أو قناة إسرائيل، الذي سمي على اسم الأب المؤسس للكيان الصهيوني، ديفيد بن غوريون (1886-1973)، أحد أكثر مشاريع البنية التحتية طموحا التي خططت لها إسرائيل على الورق على الإطلاق.
ما الذي منع إسرائيل من بناء هذه القناة؟
ان مثل هذا المشروع معقد للغاية ومكلف تقريبا. وقد تصل التكلفة التقديرية لمثل هذا المشروع إلى 100 مليار دولار، وهو أكثر بكثير مما هو مطلوب لتوسيع قناة السويس وحل مشكلة المرور فيها. وبغض النظر عن التكاليف، فإن المسار المخطط لقناة بن غوريون أطول بأكثر من 100 كيلومتر من قناة السويس، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى القيود الأرضية والطبوغرافية.
وحتى لو تم انشاءه، فإن العديد من السفن قد تفضل الطريق الأقدم والأقصر. لكن الأهم من ذلك هو أن القناة، التي من المحتمل أن تنقل بضائع بمليارات الدولارات يوميا، لا يمكنها التحرك على الأرض تحت تهديد عسكري مستمر، من صواريخ حماس أو الهجمات الإسرائيلية. والسؤال إذن هو لماذا، بينما تسعى إسرائيل إلى تدمير حماس في غزة، وتطرح قضية قناة بن غوريون مرة أخرى؟
المصدر: موقع بازار
————————
المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع
————————–
النهاية
المصدر
الكاتب:Shafaqna1
الموقع : ar.shafaqna.com
نشر الخبر اول مرة بتاريخ : 2023-11-14 23:03:30
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي