الجبهة لا تُضعف “الحزب” داخلياً.. بالرئاسة وقيادة الجيش
تتزاحم الاستحقاقات اللبنانية الداخلية على وقع مسار الحرب المستمرة على قطاع غزة. استحقاقات تثير تساؤلات كثيرة حول الانعكاسات السياسية لتلك الحرب على الواقع الداخلي، ومن بينها ما يبرز سريعاً وما يبقى مؤجلاً. فعلى صعيد التساؤلات حول الاستحقاقات السريعة، يبرز السؤال عن مسألة التمديد لقائد الجيش جوزيف عون. وسط معلومات تفيد بأن الحزب أعطى موافقته على التمديد لعون، نظراً للظروف القائمة، ولعدم إحداث أي شغور في منصب قيادة الجيش. في المقابل، هناك آخرون يعتبرون أن الحزب على الرغم من موافقته، فهو لا يريد أن يتحمل أي مسؤولية لإعاقة إقرار التمديد. لا سيما أن هناك وجهة نظر تفيد بإمكانية تكرار السيناريو نفسه الذي حصل مع اللواء عباس ابراهيم.
القيادة.. لا الرئاسة؟
من بين الأسئلة المطروحة أيضاً، من سيختار الحزب: جوزيف عون أو جبران باسيل؟ وهذا سؤال يُطرح على الطريقة اللبنانية التي يبدو حزب الله أنه يتجاوزها أو يتخطاها، علماً أن الكرة أصبحت مرمية في ملعب مجلس الوزراء أو مجلس النواب. وكلا الطرفين يحاولان رمي الكرة عنهما، لا سيما أن الحكومة تواصل التأجيل بحثاً عن صيغة قانونية أو دستورية ملائمة، في ظل عدم موافقة وزير الدفاع على التوقيع. أما في مجلس النواب، فهناك محاولة لتجنب إقرار اقتراح القانون المقدم لتأجيل التسريح أو التمديد، بالاستناد إلى مواقف الكتل المسيحية السابقة برفضها المشاركة في التشريع في ظل غياب رئيس الجمهورية.
وتذهب الأسئلة بعيداً إذا ما كان التمديد لقائد الجيش سيعني موافقة الحزب ضمنياً على تمديد ترشيحه لرئاسة الجمهورية وتوفير حظوظه. بينما في المقابل هناك وجهة نظر تفيد بأن التمديد لقائد الجيش لا يعني أن الحزب تخلى عن حق الفيتو الذي يمتلكه في مسألة إيصال جوزيف عون لرئاسة الجمهورية. هذا أيضاً لا بد من إقرانه في مجريات الواقع العسكري جنوباً. إذ لا يمكن لأحد أن يتوقع مسألة إضعاف حزب الله داخلياً، في المرحلة التي تلي انتهاء الحرب. هنا لا بد من الإشارة إلى التعاطي بدقة مع كل الاستحقاقات، سواء من قبل إيران أو من قبل الحزب، خصوصاً أن نتيجة الحرب على غزة لن تكون انتصاراً لإسرائيل في مقابل هزيمة لحركة حماس.
القنوات الخلفية
المواجهات التي خاضها حزب الله على الحدود، ضد العدو الإسرائيلي لا بد أن يكون لها انعكاس داخلي. لذا لا بد من انتظار التوظيفات الداخلية، وأبرزها العودة إلى التشدد في مسألة رئاسة الجمهورية، بالإضافة إلى البحث في مسألة قيادة الجيش ومعالجتها، خصوصاً في ظل قدرة حزب الله على التعايش مع قائد الجيش. بذلك، سيعود الحزب إلى ممارسة دوره السياسي السابق للحرب على غزة، في تكريس نفسه لاعباً أساسياً ومقرراً في الاستحقاقات البارزة، وفي إيصال رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة. هذا لا يمكن أن يحصل من دون توفر تقاطعات مع الأميركيين، ومؤشراتها تبرز انطلاقاً من القنوات الخلفية العاملة على التواصل بين الجانبين، لتجنب توسيع الصراع وتحويل ما يجري إلى حرب إقليمية.
ما نجح حزب الله في تكريسه مسبقاً، هو دوره المستمر في المقاومة، مقابل تلقي رسائل أميركية تسعى معه إلى التهدئة وتعيد طرح ملف ترسيم الحدود البرية أو “إظهارها”، بالإضافة إلى استفادة لبنان اللاحقة في استئناف عمليات التنقيب عن النفط والغاز. وهذه إن حصلت لا بد أن يكون لها انعكاس سياسي داخلي لصالح الحزب، بدأ في مراكمته سلفاً، أولاً من خلال تماهي موقف رئيس مجلس النواب سياسياً وعسكرياً، وصولاً إلى الشراكة في الدم على الحدود الجنوبية. وثانياً، من خلال موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي قال بوضوح إن قرار السلم والحرب في يد حزب الله، وتالياً، أكد أن حزب الله يتعاطى بواقعية وعقلانية ووطنية في إدارة عمليته العسكرية. أما ثالثاً فهي ستكون في تكريس الحزب الشرعية الثالثة من قبل المؤسسة العسكرية وقائد الجيش تحديداً إزاء العمليات التي يقوم بها الحزب في الجنوب، وهذه على حساب التمديد وما يليه.