مصر تطرح «وصفتها»: إزاحة نتنياهو… وعودة السلطة
القاهرة | في ظلّ تعثّر الجهود السياسية والدبلوماسية، باتت مصر تُراهن على إطاحة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من السلطة، في وقت قريب، من أجل إنهاء العدوان على غزة. ويكتسب هذا الرهان في الواقع، وإنْ لم يكن معلَناً، أهميّة قصوى، خصوصاً في ظلّ الاتصالات المكثّفة التي تجريها القاهرة مع أطراف في «الداخل الإسرائيلي»، من بينها أجهزة أمنية واستخبارية، وتتناول فيها ما تسمّيها «رؤية تعاونية أفضل»، في مرحلة ما بعد حُكم نتنياهو. وجلّت التوجّه المصري الجديد مفاوضات استخبارية سرّية، جرت افتراضيّاً وحضوريّاً في الأيام الماضية، وحلّت محلّ التواصل الدبلوماسي، علماً أن القاهرة طرحت هذه المسألة علناً خلال مناقشات استخبارية مع الجانب الأميركي، وتحدّثت عن إمكانية تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة يمكن العمل معها، ولديها القدرة على اتّخاذ قرار حاسم في ما يتعلّق بالوضع في غزة.
وممّا توصّل إليه المصريون من خلال هذه المناقشات، أن ثمّة احتمالاً لبدء وقف متقطّع لإطلاق النار، بحلول بداية الشهر المقبل، فيما لا تزال بلورة هكذا اتفاق تنتظر تخفّف الجانب الإسرائيلي من تعنّته، خصوصاً وسط تضارب القرارات على مستوى حكومة نتنياهو، والتراجع عمّا يتمّ التوصل إليه، بما في ذلك كميّات الوقود المفترض إدخالها، والتي تعرقل إسرائيل وصولها عبر «الأونروا» إلى مستشفيات القطاع ومحطّات الاتصال الخلوي فيه. وفي الموازاة، تواصل مصر طرح رؤيتها في شأن مرحلة ما بعد الحرب، وكيفية تسلُّم السلطة الفلسطينية الجانب الأمني في غزة، في ظلّ رفض الولايات المتحدة والدول الأوروبية عودة الوضع في القطاع إلى ما كان عليه قبل السابع من أكتوبر.
وإذ يحظى التحرك المصري في اتجاه القفز إلى ما بعد نتنياهو بتزكية تركية ودعمٍ قطري، فإن واشنطن لا تزال متردّدة إزاء الخطوة التالية، وفق ما علمته «الأخبار» من مصادر شاركت في الاتصالات التي جرت مع الاستخبارات الأميركية؛ إذ ترى أن «حماس» هي المشكلة الرئيسيّة، وليست أيّ جهة أخرى. ومع ذلك، تقول المصادر إن محاولات نتنياهو الظهور بمظهر «حامي إسرائيل من حماس»، وتوعّده بالقضاء على الحركة، لم يعودا محلّ ثقة، سواء لدى الأوروبيين أو الأميركيين والكنديين الذين دانوا عمليات استهداف المدنيين، خاصّة بعدما ثبت حجم التضليل الإسرائيلي حول المستشفيات، ولا سيما «الشفاء» الذي ادّعى الاحتلال أن «حماس» تتّخذ منه مقرّ «قيادة وسيطرة»، وأنه سيعثر على الأسرى في داخله.
من هنا، فإن ما تعمل عليه القاهرة حالياً، يتمثّل في ممارسة مزيد من الضغوط عبر أطراف غربية، بهدف إعادة تأثير ما تسمّيه «التيار المعتدل» في الداخل الإسرائيلي، مقابل تعهّدها بإقناع «حماس» وبقيّة الفصائل الفلسطينية بسرعة الإفراج عن الأسرى المدنيين فور التوصّل إلى هدنة إنسانية. وفي هذا الإطار، تؤكّد مصر، في اتصالاتها، أن حياة هؤلاء في خطر كبير، مع تزايد عمليات القصف والحصار الإنساني المفروض على قطاع غزة، متأملةً في أن أموراً كهذه من شأنها أن تدفع في اتجاه وقف إطلاق النار. وفي الوقت نفسه، تسعى مصر لإقناع «حماس» وبقية الفصائل بعودة سيطرة السلطة على القطاع، بما من شأنه أن يلعب دوراً إيجابياً في تسريع الوصول إلى تسوية، وهو ما تجري مناقشته مع المسؤولين الأوروبيين.
وبهذا المعنى، فإن خلاصة الرهان المصري لإنجاح جهود وقف الحرب، تتمثّل في إطاحة نتنياهو من رئاسة الحكومة، والإسراع في اختيار خليفة له، إلى جانب التعجيل في تحقيق توافق بين الفصائل، بما يسمح للسلطة، ولو شكليّاً، باستعادة الوضع الأمني في القطاع، ويتيح بالتالي القفز فوق الحجج الإسرائيلية التي تمنع وضع حدّ للعدوان، وفق ما تُدافع به القاهرة عن رؤيتها.