مؤشرات أميركية «اسرائيلية» فلسطينية قطرية على قرب اعلان الهدنة والتبادل / المقاومة تلهب شمال غزة بوجه الاحتلال وعشرات الصواريخ تسقط على تل أبيب / 4 صواريخ بركان تدمّر موقع برانيت… وهوكشتاين في تل أبيب لمنع توسع الحرب/
كتب المحرّر السياسيّ-البناء
بعد العملية النوعية لأنصار الله بحجز سفينة «إسرائيلية» في البحر الأحمر، بدا أن محور المقاومة يفتتح مرحلة جديدة من المواجهة، على قاعدة أن استنزاف جيش الاحتلال والدعم الغربي الذي يحظى به قد أنجز خلال خمسة وأربعين يوماً ما يكفي للانتقال من الدفاع إلى الهجوم، وقد أظهرت عمليات أمس، أن المقاومة على كل الجبهات تحاكي في خطط التصعيد ما قام به أنصار الله، فيما بدا الأميركي عاجزاً عن تقديم جواب على عملية أنصار الله يتناسب مع لغة التهديدات التي أطلقها رغم أن الإسرائيلي أحال عليه هذه المسؤولية. وكان الردّ الوحيد على تصعيد قوى المقاومة وحجم الخسائر التي لحقت بجيش الاحتلال على جبهتي لبنان وغزة، هو تسريع مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى، التي كانت حكومة بنيامين نتنياهو تريدها مجرد غطاء مطاطي للمضي بالعملية البرية أملاً بتحقيق نصر عسكري في الميدان يشبه بعض الكلام عن سحق حركة حماس وحركات المقاومة.
ألهبت المقاومة في غزة الأرض تحت أقدام الاحتلال، فتوسّعت العمليات من الشمال في بيت لهيا الى الوسط في الزيتون والثوم، والغرب في مخيم الشاطئ ونشرت قوات القسام تسجيلات لعمليات ظهرت فيها دبابات الاحتلال تحترق بضربات المقاومين، بينما كانت عشرات الصواريخ تتساقط في أحياء تل ابيب وضواحيها، في أوسع عملية قصف منذ يوم السابع من تشرين الأول الماضي. وكانت المقاومة اللبنانية تشن هجمات نوعية بالصواريخ الثقيلة والطائرات المسيّرة على مواقع الاحتلال في الجليل، وتستهدف تجمعات جنوده، وكانت عملية استهداف مقر قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت بصواريخ بركان برؤوس متفجرة بمئات كيلوغرامات المتفجرات، قد نقلت عبر التسجيلات المصورة مشهد دمار شامل في القاعدة يحاكي مشهد ساحات الحرب.
القلق الأميركي من توسع نطاق الحرب، والخشية الإسرائيلية من المزيد من الخسائر بعد استنفاد ما يمكن فعله في الميدان، عبّرت عنهما مشاورات أميركية إسرائيلية أجراها عاموس هوكشتاين مستشار الرئيس الأميركي في تل أبيب، قبل أن تخرج هيئة البث الإسرائيلية بالإعلان عن موافقة حكومة الاحتلال على صفقة الهدنة والتبادل، فيتقاطع الإعلان مع كلام الرئيس الأميركي جو بايدن عن قرب التوصل لاتفاق هدنة وتبادل، وكلام مسؤول الإعلام في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي عن أن الاتفاق أقرب من أي وقت مضى. وهو ما قاله رئيس الحكومة القطرية محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني الذي يلعب دور الوساطة. فيما نقلت مصادر فلسطينية معلومات عن اتصال بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة تناول المفاوضات حول صفقة التبادل.
ورفع حزب الله وتيرة العمليات العسكرية التي كانت الأقسى منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة تخللها إطلاق صواريخ بركان على مواقع في عمق الكيان خلفت دماراً هائلاً، ما أحدث حالة من الهلع والرعب في صفوف جيش الاحتلال والمستوطنين وصفها مسؤولون إسرائيليون بأنها تجاوزت الخط الأحمر، جاءت في إطار هجمة مرتدّة تصعيدية لمحور المقاومة في ساحات متعددة في اليمن وجنوب لبنان وغزة والعراق ومفتوحة على مستويات أكبر من المفاجآت في الميدان في المرحلة المقبلة ارتباطاً بتطورات الوضع في غزة، وفق ما أفادت مصادر مطلعة على الوضع الميداني لـ»البناء». وتحمل رسالة مزدوجة بالنار للإسرائيليين أولاً بأن استمرار حرب الإبادة على غزة فإن الجبهات ستتسع وتشتعل تدريجياً ضد أهداف داخل كيان الاحتلال وفي المنطقة، وللأميركيين ثانياً بأن محور المقاومة بصدد الرفع التصاعدي لوتيرة العمليات العسكرية الى مستوى لا يتوقعه الأميركيون والإسرائيليون ما يعكس استعداداً لمحور المقاومة لتدحرج المنطقة الى حرب موسعة بحال استمرار العدوان على غزة والتوتر في المنطقة.
وصعّد حزب الله من عملياته العسكرية واستهدف ثكنة زبدين وأعلن أنه حقق فيها إصابات مباشرة ثم أعلن “مهاجمته موقع ثكنة برانيت مركز قيادة الفرقة 91 بصاروخي بركان”، ما تسبّب بأضرار كبيرة فيها. كما أعلنت “المقاومة الإسلامية استهدافها بالأسلحة المناسبة قوة مشاة إسرائيلية في تلة الكرنتينا قرب موقع حدب يارون”. وأعلن الحزب أيضاً انه استهدف تجمع مشاة إسرائيلياً في محيط موقع الضهيرة بالقذائف المدفعية وحقق فيه إصابات مباشرة.
واستهدف أيضاً بالصواريخ والقذائف المدفعية تجمع مشاة إسرائيلياً في مثلث الطيحات وحقق فيه إصابات مباشرة. كما أعلنت المقاومة الاسلامية في بيان أن مجاهديها استهدفوا “بواسطة ثلاث مسيرات هجومية مراكز تجمع جنود الاحتلال الاسرائيلي غرب كريات شمونة وحققوا فيها إصابات مباشرة”.
ونشر الإعلام الحربي في حزب الله، مشاهد استهدافه لمقر فرقة الجليل (91) التابعة للجيش الإسرائيلي في ثكنة بيرانيت عند الحدود اللبنانية بصواريخ “بركان” من العيار الثقيل.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن صفارات الإنذار دوت في الجليل الأعلى خشية تسلل طائرات مسيّرة من لبنان.
وذكرت قناة 12 الإسرائيلية، أن “حزب الله أطلق منذ صباح اليوم (أمس) 40 صاروخًا و3 طائرات انتحارية تجاه مواقع الجيش الإسرائيلي في الجليل، أعنفها كان إطلاق صاروخ بركان على قاعدة برانيت والتي أُلحقت بها أضراراً ضخمة”.
وزعم المتحدّث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي، أنّ “الجيش أغار على مسلّحين حاولوا إطلاق قذائف مضادّة للدّروع في منطقة مروحين. كما أغار من خلال مقاتلات حربيّة ومروحيّة حربيّة ودبّابات، على بنى تحتيّة لـ”حزب الله” داخل لبنان، ردًّا على إطلاق قذائف من لبنان نحو الأراضي الإسرائيليّة”.
في المقابل واصل الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على القرى الحدودية، وتعرّضت أطراف بلدات يارين، الضهيرة وطيرحرفا ورب الثلاثين ومحيبيب والجبين ويارين لقصف مدفعي. كما قصفت مدفعية الاحتلال أطراف بلدة حولا ووادي السلوقي وحرش هورة بين ديرميماس وكفركلا. وسجل قصف على تلة العزية خراج ديرميماس، وحاصرت نيران القذائف راعياً في الوادي بين حولا ومركبا. وتعرضت المنطقة الواقعة بين بلدتي رميش وعيتا الشعب لقصف مدفعي مركز. واستهدفت مدفعية الاحتلال منزل عضو هيئة الرئاسة في حركة” أمل” النائب قبلان قبلان في منطقة الجبل في ميس الجبل. وقصفت مروحيّات معادية أطراف بلدة مارون الراس.
ويشير خبراء عسكريون لـ”البناء” الى أن “الضربات التي تلقاها جيش الاحتلال خلال الـ 48 ساعة الماضية لا سيما في غزة وشمال فلسطين وفي البحر الأحمر، كانت الأشد منذ بداية العدوان على غزة في 7 الشهر الماضي، وألحقت خسائر فادحة ستترك تداعياتها الكارثية على كافة المستويات العسكرية والأمنية والاقتصادية والمعنوية لا سيما على معنويات جيش الاحتلال والجبهة الداخلية وستغير الكثير من مشاريع وتوجهات حكومة الحرب في “إسرائيل” والقرار الأميركي بدعم كيان الإحتلال، لا سيما قرار القضاء على حركة حماس وتهجير سكان شمال غزة الفلسطينيين الى جنوبها وإحداث تغييرات ديموغرافية وجغرافية في غزة”، لكن الخبراء يلفتون الى أن “الضربات التي تلقاها الكيان قد لا يستطيع رئيس حكومة الاحتلال بنيمين نتانياهو السكوت عنها في ظل الضغط الذي يأتيه من الجناح المتطرف في الحكومة الذي يدعو إلى اللجوء الى خيارات قاسية وتصعيدية في غزة وشمال فلسطين، وقد تقوم قوات الاحتلال بردة فعل قد تجرّ الى حرب موسعة بين حزب الله و”إسرائيل””. إلا أن الأميركيين وفق الخبراء لا يريدون توسّع الحرب لأسباب عدة.
وفي سياق ذلك، أشار مراسل موقع “واللا” الصهيوني إيلي أشكنازي، أن “العاصفة الشتوية التي وصلت بالأمس، جاءت بالتزامن مع تصعيد في المواجهة على الحدود الشمالية”، ولفت إلى أن “حزب الله أطلق بالأمس لساعات طويلة صليات أكبر من الأيام التي سبقته، كما بدأ صباح اليوم بصلية كثيفة حيث سقطت عدة قذائف صاروخية من جنوب لبنان في منطقة مفترق “هغوما” على بعد حوالي كيلومترين اثنين من جنوب “كريات شمونة”.
وبحسب الموقع المذكور، قال المتحدث باسم طاقم الطوارئ في مستوطنة “كفر بلوم” كوبي روزنبرغ إنه “منذ أمس نشعر بتفاقم الوضع، القذائف تقترب منّا”.
وتابع الموقع: “روزنبرغ” بقي ثلاثة أسابيع خارج منزله، لكنه قرر مؤخرًا العودة إلى “كفر بلوم”. إنه ليس الشخص الوحيد، هناك آخرون (الذين غادروا من تلقاء أنفسهم وبتوصية من “المجلس الإقليمي في الجليل الأعلى”) كانوا قد توجّهوا إلى “الجنوب”، إلى منطقة الأعماق وإلى وسط “البلاد”، بدؤوا بالعودة إلى منازلهم”. وأردف موقع “واللا” “بذلك، فإن من بقي ومن غادر وعاد يعيشون في واقع حربي مستمر”.
وأوضح روزنبرغ “لقد بدأنا ندرك الفرق بين “صخب” سقوط الصواريخ وبين “صخب” قذائف مدفعيتنا. عندما يكون هناك إطلاق من عندنا، “نتنفس الصعداء”، وعندما تسقط صواريخ من نيران حزب الله، تهتز الأرض تحت أقدامنا”، وفق تعبيره.
بدوره، رئيس ما يُسمّى “المجلس الإقليمي في الجليل الأعلى” غيورا زلتس، يثير هذه “الضائقة” منذ بداية الحرب ويُعرب عن غضبه من أنّه “منذ بداية الحرب، لا تزال مجموعات الجهوزية تعاني من نقص في المعدات والذخيرة”، وفق تعبيره.
الى ذلك، أعلن مسؤولون إسرائيليون وأميركيون كبار أن آموس هوكشتاين، كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن، وصل إلى “إسرائيل”، لبحث الجهود المبذولة لمنع نشوب حرب مع لبنان.
نقل موقع “والا” الإسرائيلي عن المسؤولين أن “هناك قلقاً متزايداً في الإدارة الأميركية من أن يؤدي التصعيد على الحدود الشمالية إلى تطور الحرب في غزة إلى حرب إقليمية، الأمر الذي سيتطلب تدخلاً عسكرياً أميركياً أكبر”.
وذكر الموقع أنه “من المتوقع أن يلتقي هوكشتاين بوزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، ويناقش معهم الوضع على الحدود الشمالية، بحسب مسؤولين إسرائيليين وأميركيين كبار”.
الى ذلك، أعلن رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم أمين السيد في كلمة له خلال احتفال تأبيني في بلدة البزالية، الى أنّ “حجم الخسائر قد بلغ أسس وجود وبقاء هذا الكيان، فلا الأساطيل الأميركيّة والأوروبيّة، ولا المواقف السّياسيّة الدّاعمة لـ”إسرائيل”، ولا المواقف المخزية في العالم، وخصوصًا في منطقتنا، تمكّنهم من استعادة ذلك. الموضوع انتهى والمسألة أصبحت مسألة وقت، بعد 45 يومًا من الدّعم العالمي الأميركي والأوروبي بالسلاح”.
وأشار أمين السيّد إلى أنّه “عندما أُعطي العدو الفرصة ليأخذ وقته، دمّر ودمّر، ووصل الرّقم إلى أكثر من 12 ألف ضحيّة، بينهم 8 آلاف طفل وامرأة، فهل بقتل الأطفال والنّساء يُستعاد دور الكيان؟ ما يفعلونه، لا يساوي حذاء مقاوم واحد”.
وركّز على أنّ “الأميركيّين والأوروبيّين كذّابون ولا يتحدّثون الحقيقة. هم لا يتحدّثون عن مصير الكيان وما حصل في هذا اليوم، إنّما يتحدّثون عن دمار، ما هو المستقبل؟ لم يعد من مجال أن يواصل المجتمع الدولي دعمه لـ”إسرائيل” كما كان قبل 7 تشرين الأوّل”، مبيّنًا أنّهم “يرون أنّ لا عرب ولا مسلمين أو فلسطينيّين أو شعوب، يرون “إسرائيل” فقط، هي الّتي تحلّ لهم مشاكلهم في المنطقة”.
على صعيد آخر، وغداة مواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الصارمة الرافضة أي تعديل في قيادة المؤسسة العسكرية، حط وفد من تكتل الجمهورية القوية في بكركي بتكليف من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وبعد لقائه الراعي، طلب الوفد “عدم المخاطرة بأمن لبنان وسلامة اللبنانيين وتطبيق القرار 1701”، مشيراً الى “اننا عبّرنا لسيد الصرح عن إرادتنا التمديد لقائد الجيش الحالي العماد جوزف عون. ففي ظل الوضع المتفجّر وفي هذا الظرف لا يجوز تغيير قيادة الجيش كما أن لا يجوز تعيين قائد في غياب رئيس الجمهورية”، مؤكداً “أننا نريد قائداً للجيش غير مسيّس وأي قائد جيش سيتم تعيينه اليوم سيكون مسيّساً من قبل الجهة التي ستعيّنه”.
في المقابل، سأل عضو تكتل لبنان القوي النائب جيمي جبور في حديث تلفزيوني: هل نص قانون الدفاع على التمديد لقائد الجيش؟ هناك أعراف طبقناها في قيادة الدرك ويمكن أن نطبقها اليوم في قيادة الجيش.
وأشارت مصادر مطلعة على الملف لـ”البناء” الى أن “المفاوضات على هذا الصعيد عادت إلى نقطة الصفر، ولم يحسم الملف حتى اللحظة، وبعد تعثّر خيار التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون خلال اليومين الماضيين، عاد الى الواجهة أمس غداة موقف الراعي وفي ظل العقد الدستورية أمام خيار تعيين قائد جديد للجيش بسبب الخلاف على الآلية القانونية للتعيين”، كاشفة أن حزب الله لم يعطِ موقفه النهائي وطلب التريث لمزيد من التشاور، لكنه لن يتخذ أي قرار يضر بالعلاقة مع التيار الوطني الحر”. وعلمت “البناء” أن المشاورات تتركز على تعيين قائد جديد للجيش لكن من دون الصيغة التي يريدها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وهي توقيع الـ24 وزيراً مكان توقيع رئيس الجمهورية، بل فقط توقيع مرسوم التعيين من وزيري الدفاع والمالية ورئيس الحكومة. ومن الاقتراحات وفق المعلومات التمديد لقائد الجيش لمدة ستة أشهر أو سنة وبحال تمّ انتخاب رئيس للجمهورية يصار الى تعيين قائد جديد.