الأسرى يعضّون على جراحهم: الأمل بالحرية أكبر
وبحسب سراحنة، فإن «التنكيل طاول أيضاً ملابس الأسرى، في ظلّ دخول فصل الشتاء، حيث حُرموا منها، ولم يبقَ لدى أحدهم سوى الملابس التي يرتديها، وفي أحسن الأحوال «غيار» واحد إضافي». وأشارت إلى أن «التفاصيل المرعبة تتعلّق خصوصاً بالأسرى الجدد الذين اعتُقلوا بعد السابع من تشرين الأول، من لحظة اعتقالهم واقتيادهم إلى مراكز التحقيق، علماً أن معظمهم تعرّضوا أساساً لمحاولات قتل». كذلك، شهدت السجون، خلال هذه الفترة، «عمليات نقل واسعة وتعسفية طاولت كلّ السجون واستهدفت الأسرى المحكومين أحكاماً عالية، إذ جرى نقلهم كطريقة عقابية، إضافةً إلى قطعهم بشكل كلّي عن العالم الخارجي، نظراً إلى انعدام زيارات المحامين، واقتصار الأمر على بعض الزيارات لبعض السجون وليس كلّها. ولم تتمكّن أيّ مؤسسة، على سبيل المثال، من زيارة سجن النقب».
وأشارت سراحنة إلى أن هذه الاعتداءات والتنكيل ليست جديدة في تاريخ الحركة الأسيرة، «فقد نُفّذت مثل هذه الإجراءات وأصعب منها بحقّ الأسرى في العقود الماضية، كون القمع والقتل هما منهجية الاحتلال التي يعمل بموجبها، ومن الضروري الإدراك بأن هذه الوحشية ليست وليدة السابع من أكتوبر، بل كانت قائمة من قبل، ولكن الفارق الوحيد هو كثافتها، وسلب الأسرى كلّ ما انتزعوه من حقوق خلال العقود الماضية بالدم والإضراب والجوع والنضال». ولفتت سراحنة إلى أن إدارة سجون الاحتلال لم تَعُد تعترف بالتمثيل الاعتقالي أو البنية التنظيمية للأسرى التي رسّخها هؤلاء على مدى عقود، موضحةً أن «الإجراءات الاحتلالية لم تتراجع، بل يمكن التأكد من خلال الشهادات الموثّقة للمحرّرين، أنها في تصاعُد بكل الأدوات التي يمكن تخيّلها، وفي أصغر التفاصيل المتعلّقة بحياة الأسرى، كالحصول على حبة دواء، أو معالجة الجرح نتيجة الضرب والتعذيب. ولذلك، المؤكد أن الإجراءات لا تزال موجودة وبالوتيرة نفسها، منذ بداية الحرب إلى اليوم، بل إن سلطات السجون تخترع كلّ فترة إجراءات جديدة حتى تبقي الأسرى في حالة رعب وخوف، وتشعرهم بأنهم هدف للقتل».
ولدى سماع شهادات الأسرى المحرَّرين، فإن الخلاصة التي يمكن الخروج بها، هي تحوّلهم إلى هدف مباشر للقتل والاغتيال، بكلّ الطرق الممكنة. وعلى رغم ذلك الوضع الصعب، تبدو صفقة الأسرى التي ستنفّذ أولى مراحلها، اليوم، وتشمل النساء والأطفال، بارقة أمل كبيرة بالنسبة إليهم، وتحديداً أصحاب المحكوميات العالية والمؤبّدات، وهو أمل نما لدى عائلات الأسرى منذ اليوم الأول للسابع من أكتوبر، الذي كان بمثابة الحلم الجميل الذي يَنتظر الجميع تحقُّقه، والمتمثّل بتبييض السجون جميعها. ويدرك الأسرى الفلسطينيون أن المقاومة استطاعت إجبار الاحتلال على الرضوخ، وعقْد صفقة التبادل التي ستُنفّذ اليوم الجمعة، وهي قادرة على تكرار الأمر مرّة أخرى، خاصّة أنها أعطت كلمتها، واشترطت منذ البداية أن الإفراج عن الجنود والضباط الذين هم لديها، لن يكون سوى بتبييض السجون. وينظر الفلسطينيون، ومنهم الأسرى في السجون، إلى الأطفال والنساء نظرةً خاصة، كونهم الأكثر عرضة للقمع والاعتداء والتنكيل. ولذا، يترقّب الجميع لحظة حرّيتهم، وخاصة الأسيرة إسراء جعابيص التي جسّدت خلال السنوات الماضية قمّة الألم الفلسطيني، بسبب وضعها الصحي الصعب ورفض الاحتلال تقديم العلاج لها، بعد إصابتها الخطيرة جراء إطلاق النار على مركبتها وانفجار أنبوبة غاز كانت معها آنذاك، ما تسبّب لها بحروق صعبة في كلّ جسدها.