اخبار عربية

أزمة الملاحة عبر باب المندب: أيّ تداعيات على اقتصاد العدو؟

بعد احتجاز حركة «أنصار الله»، سفينة «غالاكسي ليدر»، برزت نتائج عدّة انعكست على حركة الملاحة من وإلى إسرائيل، وامتدّت لتؤثّر على حركة الملاحة العالمية. وكانت لتلك النتائج ارتدادات على الحياة الاقتصادية الإسرائيلية، وإنْ بصورة غير مباشرة، وذلك من خلال ارتفاع كلفة نقل البضائع من وإلى إسرائيل، على خلفية تغيير المسارات البحرية التي تسلكها البواخر القادمة إلى سواحل فلسطين المحتلّة، أو تلك المبحرة من الموانئ الإسرائيلية إلى دول العالم.وخلال الأسبوعَين الماضيَين، قامت عدّة شركات نقل إسرائيلية بالإعلان عن تغيير مساراتها البحرية، متلافيةً المرور عبر مضيق باب المندب، مضطرّةً للالتفاف حول القارة الأفريقية. ومن أهمّ هذه الشركات: «زيم»، شركة الشحن الدولي الإسرائيلية المملوكة للقطاع العام الإسرائيلي، وهي واحدة من أكبر 20 شركة نقل عالمية، وقد فرضت علاوةً إضافية على أسعار تأمين الشحنات ضمن بند مخاطر الحرب. وهذه هي المرّة الثانية التي تلجأ فيها الشركة، خلال شهر واحد، إلى تعديل الأسعار، إذ كانت قد رفعتها 10 أضعاف، بالتوازي مع ارتفاع أسعار الشحن بشكل غير مسبوق.

وفي هذا الإطار، يقول رئيس قسم الأبحاث في شركة «فريتوس»، يهودا ليفين، لصحيفة «غلوبس» الإسرائيلية، إن «العديد من السفن التي لها روابط مع إسرائيل، اضطرّت، بسبب الظروف الحالية، للإبحار حول أفريقيا، بدلاً من المرور عبر البحر الأحمر، وهو طريق يمكن أن يطيل الرحلة لمدّة أسبوعين، ويرفع كلفة النقل بشكل كبير». وكانت شركة شحن الحاويات الدنماركية العملاقة، «ميرسك»، والتي تحتلّ المرتبة الثانية عالمياً في هذا المجال، بتملّكها حصّة 14.8% من إجمالي التجارة، أعلنت قرارها بتحويل باخرتَين من البحر الأحمر بسبب الشبهة الإسرائيلية: السفينة «ليزا» التي وصلت من الهند وتمّ توجيهها إلى ميناء صلالة في عمان، والسفينة «ميرسك باجاني» التي انطلقت من كيب تاون وتمّ تحويلها إلى موندرا في الهند. وقد اتّخذت الشركة هذه الخطوة، لأن السفينتين لهما علاقة بإسرائيل، وتستأجرهما مجموعة «XT»، بقيادة أودي آنجل (50% مملوكة لشركة آنجل، و50% لإيدان عوفر).

وبفعل تلك العوامل، ارتفعت أسعار الشحن من وإلى إسرائيل بشكل إضافي، بعدما كانت شهدت ارتفاعات في أعقاب اندلاع الحرب، بسبب المخاطر (غير المتحقّقة في ذلك الوقت). وتُظهر بيانات شركة «فريتوس»، ارتفاع سعر الشحن لأيّ حاوية من الصين إلى ميناء أشدود، بنسبة تراوح بين 9% و14%، في الأسبوعين الأخيرين من شهر تشرين الأول الماضي، أي قبل الخطوة التي قامت بها «أنصار الله» ضدّ البواخر الإسرائيلية. ولعل أكثر المسارات البحرية المتضرّرة من هذه التطوّرات، تلك التي تربط الكيان المحتلّ بدول شرق آسيا والهند، والتي لا بدّ من أن يمرّ إبحارها عبر باب المندب. وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تستورد أكثر من 50% من وارداتها من دول شرق آسيا والهند، فيما يمرّ جزء كبير من هذه البضائع عبر طريق باب المندب، علماً أن قيمتها بلغت نحو 46 مليار دولار في عام 2021. وفي المقابل، تُصدّر إسرائيل نحو 24.6% من بضائعها نحو دول شرق آسيا والهند، والتي بلغت قيمتها، في عام 2021، نحو 15.8 مليار دولار.
والضرر الحاصل يأتي من عاملَين: الأوّل، هو إطالة مسافة الرحلة، أي ارتفاع كلفة النقل؛ والثاني، هو أن المخاطر التي تتعرّض لها البواخر تعني ارتفاع قيمة التأمين على البضائع، بالإضافة إلى الضرر غير المباشر الحاصل بسبب تأخّر وصولها. وفي كلتا الحالتَين، ينعكس هذا الأمر على كلفة نقل البضائع، وهو ما يتحوّل مباشرة إلى ارتفاع في أسعار السلع المستورَدة والمُصدَّرة، ما يؤثّر سلباً على الاقتصاد. فارتفاع أسعار البضائع المستوردة يعني ارتفاعاً في معدلات تضخّم الأسعار، فيما ارتفاع أسعار البضائع المُصدّرة يعني فقدان تنافسية البضائع الإسرائيلية، وهو ما قد يُحوّل أنظار مستوردي هذه البضائع إلى أماكن أخرى أقلّ كلفةً.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى