مقالات

 رسائل الغرب في مهب ريح المقاومة

رسائل الغرب في مهب ريح المقاومة

علي ح.حيدر-موقع المقال

رغم كل التهديدات التي حملها الموفد الفرنسي إلى لبنان الأسبوع الفائت والتي حملت في طياتها العديد من المطالب الإسرائيلية في هذا الصدد، كانت قد قوبلت بردود أفعال على الجبهة اللبنانية الفلسطينية، وبين ما حملته الرسائل تحت الطاولة من أنه لا إمكانية لتنفيذها. فاليوم موقف المقاومة في لبنان المتمثل بسياسة حزب الله الخارجية قد كانت بلهجة عالية وأكثر صلابة من أي وقتٍ مضى، إذ أن المطالب -المصحوبة بالتهديدات ببند أساسي تحت ذريعة تطبيق قرار 1701- بإنسحاب وحدة الرضوان.

العدو يدرك أن هذا المطلب مبالغ به وخصوصًا أنه لم يحقق أي مكاسب ميدانية في حربه على غزة سوى أنه يريد تحصيل مكسب سياسي على حساب لبنان، وبالطبع المقاومة في لبنان لن ترضى بهذه المطالب، وبالتحديد فيما يتعلق بموضوع إنتشارها، وبالتالي إن أي مغامرة غير محسوبة للعدو قد تدخل «قوة الرضوان» بالفعل على خط تحرير الشمال الفلسطيني وهو ما يخشاه، وبغض النظر عن الأثمان المادية الباهظة التي دفعها العدو في غزة، إلا أن المقاومة في لبنان عازمة بالرد على العدو بأي إعتداء سيقبل عليه يكون في تداعياته بدء معركة حقيقية وستكون الأحداث الجارية في الجنوب هي «نزهة» مقارنة بها.

المقاومة تملك من القوة والعزيمة ما يمكنها من الحاق الهزيمة بالعدو بسرعة كبيرة لن يتوقعها، وسيدرك أن ما كان يخشاه سيكون أمرًا واقعًا فيما بعد وبالتالي، بتصوره من خلال تظهيره لغزة نموذجًا لبيئة المقاومة في لبنان يحاول بذلك تشكيل عامل ضغط نفسي لردع حزب الله لما يعتبره مخاطرة بالوضع في الجنوب وتأجيجه. أي نعم أن العدو لديه قدرة تدميرية بسبب الدعم الأمريكي له غير المسبوق، إلا أنه نسي أن للمقاومة أيضًا القدرة الكبيرة في إستهداف أي مكان وتموضع للقوة الجوية الصهيونية في نطاقها التي يعتبرها يده الطولى في أي حرب، للمقاومة قدرة تدميرية تستطيع من خلالها بلوغ أي مطار يستغله الكيان من أجل شن هجماته الجوية على الآمنين في بيروت ولاسيما الضاحية الجنوبية، وعليه المعادلة التي يريد العدو العمل بها هو إبعاد قوة الرضوان لتحقيق مكاسب سياسية من هذه الحرب، وهو ما رفضته المقاومة خلال إقرار القرار 1701 وسترفضه خلال هذه المناوشات التي هي دعمًا وإسنادًا لغزة المحاصرة، وأن هذه الجبهة التي هي مشتعلة الآن جنوبًا ستُخمد فور إعلان وقف إطلاق النار ولكنها سوف تبقي جمار العزم تحتها لكي لا تسول للعدو نفسه القيام بأي عمل عدائي، وهذا بغض النظر عن أي هراء سيادي في هذا الصدد إذ أن المقاومة برهنت للقاصي والداني أنها وحدها من حمت لبنان وحافظت على سيادة دولته، وأرواح مواطنيه، وأي نفاق ينتقد هذه المقاومة سيكون من يقدم للعدو خدمة مجانية وبغض النظر عن إنتمائه، إذ أن قتال العدو كالعدو الإسرائيلي بات حاجة إنسانية ملحة وليس وجهة نظر ولا يمكن إقامة سلام معه أبدًا لأنه متغطرس ومستبد وهذه باتت حقيقة وواقع من خلال إبادته لأهل غزة وتعمده قصف المستشفيات وقتل الأطفال.

والمستغرب من سلسلة الناعقين حيث إستفزهم عرقهم السيادي المزعوم حول عمليات المقاومة في الجنوب ولكن لم يستفزهم قاعدة حامات الأمريكية بغطاء الدعم للجيش اللبناني ولم يستفزهم أبراج الجيش البريطاني في البقاع بعنوان مراقبة الحدود، فضلًا عن المطالب الأخيرة لدولٍ أوروبية التي تريد إرسال بعثات عسكرية إلى لبنان بعنوان «التحسب لأي طارئ» من أجل إجلاء رعاياهم، إذا كان هذا المشهد الخادش للسيادة اللبنانية لم يوقظ الضمير اللبناني لديهم فهل يمكن تصديق أي مطلب سيادي يناشد به هؤلاء السياديين الجدد؟

خلاصة القول يجب أن يبقى تاريخ 7 تشرين الأول من العام 2023 حاضرًا ويبقى وفي أي فعالية، إذ أنه العنصر الذي كشف الوجه الحقيقي للعدو الصهيوني وداعميه، وأن دماء أطفال غزة وكل بقعة في أرض قطاع غزة ستكون شاهدة على فظاعة الجرائم بحق الإنسانية، والأمر الحقيقي الذي سيردع العدو في لبنان تحديدًا هو أن هذا العدو المجرم قاتل الأطفال لا يفهم إلا لغة القوة، فقوة المقاومة وإمكانات ردعها ستكون حاضرة أكثر من أي وقتٍ مضى.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى