“إسرائيل” بين الفضيحة والفجيعة
قبل وفاته عام 1990، قال “الحاخام” مئير كاهانا “أفضل مكان لاقامة العرب هو المقبرة”.ألهذا يثور العالم، ويبقى العرب نياماً (أو موتى)، لكأنهم فعلاً في مقبرة؟
ربما من أكثر الذرائع اثارة للصدمة، ما تسرّب عن مندوب احدى الدول العربية في جامعة أحمد باشا أبو الغيط، من أن “حماس حوّلت القطاع الى بوابة لدخول آيات الله الى عقر دارنا، ومن مصلحتنا جميعاً اقفال هذه البوابة” . حتى لو اقتضى ذلك ازالة غزة من الوجود؟
كلنا يعلم أن مَن يحكمون “اسرائيل” خرجوا باسنانهم الطويلة من نصوص التوراة، التي ترفض بقاء “الغواييم” (الآخرين) في أرض الميعاد. ايتامار بن غفير من تلك المدرسة التي تعتبر “اننا نعصي أوامر يهوه حين نكتفي بترحيلهم”.لكن مَن تبقى من أصحاب العقول الباردة في “اسرائيل”، وبينهم شلومو ساند يرون “ان المعطف الدولي يسقط شيئاً فشيئاً عن أكتافنا”. “اسرائيل” أمام الفضيحة أم أمام الفجيعة؟
الرأي العام الدولي بدأ يفتح عينيه (كون العرب كائنات بشرية). للمرة الأولى تجرأ الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش (ومن نيويورك التي يعتبرها شلدون ادلسون أورشليم الأميركية) على التنديد وبلهجة مدوية، بالقتل الجماعي في غزة، لتقول “هاآرتس”: “لقد جعلنا القضية الفلسطينية تتحول من قضية عربية (وما أدراك ما العرب ) الى قضية دولية” .
الادارة الأميركية وحدها التي تبدو وكأنها في عالم آخر . تصوروا أن الأقمار الصناعية تعلم حتى ما في رؤوسنا، لكنها لا تعلم أن “اسرائيل” تستخدم الفوسفور الأبيض (الذي يخترق العظام) في جنوب لبنان .تلك الأجوبة الغبية للناطق باسم الخارجية ماثيو ميلر …
أميركا لن تسمح بتشكيل ديناميكية دولية تضع حداً لمسلسل الحرائق في الشرق الأوسط، والذي قد يستتبع اندلاع صراعات دولية لا امكانية للسيطرة عليها .
اللافت هنا، قول الكاتبة الأميركية اليهودية راشيل كوشنر “لقد أبلغنا أكثر من مسؤول عندنا بأن القيادة الايرانية استطاعت بالتكشيرة الايديولوجية، اختراق المنطقة جيوستراتيجياً، وليس فقط جيوسياسياً، عبر المشكلة الفلسطينية، فهل نحن عاجزون عن ادارة مفاوضات تفضي الى حل لهذه المشكلة ـ كنقطة ضعف لنا ـ أم أن هناك مَن يرى أن بقاءنا في الشرق الأوسط رهن بالصراعات هناك، والتي لا ندري الى أين تودي بنا وباسرائيل”؟
المؤسسة اليهودية بامكاناتها الأخطبوطية، تقوم الآن بتعبئة الأدمغة، بدءاً من دنيس روس وصولاً الى برنار ـ هنري ليفي، تحت شعار “سقوط اسرائيل سقوط الغرب في الشرق الأوسط”.بالرغم من ذلك ومن محاولات احتوائه، يتصدى جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، لغزو غزة، ملاحظاً أن ما أحدثه من دمار يفوق دمار برلين نهاية الحرب العالمية الثانية، ورافضاً عودة “اسرائيل” الى القطاع .
لا أحد الا ويتحدث عن السياسات المجنونة التي ينتهجها الائتلاف الحالي .نفتالي بينيت الذي وضع خطة من 10 نقاط للقضاء على حماس بخنق مقاتليها في الأنفاق، وبالفصل التاري بين الأحياء، اذ يرى “أن الرأي العام الدولي ليس لمصلحتنا”، يشن حملة ضارية على المتظاهرين اليهود في واشنطن، والذين قيدوا أنفسهم بالسلاسل عند سور البيت الأبيض رفضاً للحرب .
بينيت لم يتورع عن وصفهم بـ “القردة”. أما أتيلا سلفالفي فكتب في “يديعوت أحرونوت” “ظهر في الضوء تجمع مقيت من كارهي “اسرائيل” .أكثرهم اثارة للذهول اليهود الذي شاركوا في جملة تشهير ضد أمتهم” .هل اليهود في الولايات المتحدة جزء من الأمة الأميركية؟ أم تراهم جزء من “الأمة الاسرائيلية”؟
اليهود فقط، حتى لو كانوا في مواقع عليا، يجاهرون بالولاء المزدوج مع أولوية الولاء “لاسرائيل” …
مؤشرات قد تكون تكتيكية فقط لاحتواء الغضب العالمي، على اتصالات ديبلوماسية تجري وراء الستار .”الجيش الاسرائيلي” بامكاناته الهائلة، يدمر كل شيء من أجل التقدم لخطوات، مع سقوط أكبر عدد من الضباط، قياساً على كل الحروب التي خيضت ضد دول عربية .
استتباعاً لمقالنا أمس ، الأسطورة الفلسطينية دمرت على الأرض، “الأسطورة الاسرائيلية”. الفلسطينيون هم القوة التي لا تقهر . على جدار نصف مهدم في غزة “سنقاتلهم من قبورنا”. كيف لهذا الشعب أن يُهزم؟؟