موضوعات وتقارير

لغزٌ عن الدبابات الإسرائيلية.. إكتشفوا كيف قهرت غزة “الميركافا”!

بعد أن تعرضت الدبابات الإسرائيلية لمذبحة أدت لإصابة وتدمير وإصابة نحو ألف منها في حرب تشرين الأول 1973، صنعت إسرائيل الدبابة ميركافا؛ كي لا تكرر هذه المذبحة، وقالت إنها طوّرتها عبر الأجيال لتصبح واحدة من أكثر الدبابات في العالم تحصيناً، ولكن اليوم تعود حرب غزة لتطرح سؤالاً حول فاعلية الدبابات ومنها الميركافا في حروب المدن، وسط تقارير عن تعرض الدبابات والمدرعات الإسرائيلية لخسائر كبيرة.

عندما تعرض الجيش الروسي لخسائر كبيرة في بداية غزوه لأوكرانيا، في الدبابات، عزا الخبراء الغربيون ذلك إلى عيوب هيكلية وتصميمية في الدبابات الروسية، إضافة لضعف التدريب والتكتيكات لدى الجيش الروسي.

أما اليوم وفي الحرب الإسرائيلية على غزة، يبدو أن الدبابات تتعرض لمحنة جديدة، ولكن رغم محاولة جيش الاحتلال التغطية على خسائره (مثلما يفعل مع خسائره البشرية التي أظهرت تقارير إعلامية إسرائيلية أنها أكبر بكثير من المعلن)، تؤشر صور وفيديوهات وبيانات كتائب عز الدين القسام إلى تعرض المدرعات الإسرائيلية لخسائر كبيرة بما فيها دبابات ميركافا، علماً بأن المركبات المدرعة الإسرائيلية عكس معظم جيوش العالم أغلبها مجنزرة ومدرعة بشكل كبير أقرب للدبابات مثل حاملة الجنود نامير التي تبنى على هيكل الدبابة ميركافا.

إجمالي خسائر المدرعات الإسرائيلية

وقال الخبير العسكري الإسرائيلي، برهام مائير مؤخراً، إنه على تل أبيب أن تعترف بأن حركة حماس الفلسطينية قد انتصرت والاستمرار في المكابرة سيؤدي إلى السقوط الكبير للجيش الإسرائيلي.

وأضاف مائير، في تصريحاته للقناة 12 الإسرائيلية، أنه خلال 24 ساعة جرى تدمير 25 آلية وإذا فرضنا قتل 3 جنود في كل آلية فالعدد 75، وهي خسارة لم تتعرض لها إسرائيل في تاريخها.

وتفيد تقديرات مستقاة من بيانات كتائب عز الدين القسام لخسائر تصل إلى 1200 مركبة ومدرعة إسرائيلية، وتعلن القسام عادة عن حجم الخسائر التي ألحقتها بالمركبات والآليات الإسرائيلية، كل 3 أيام عادة، وهي تشير للآليات التي استهدفتها وأصابتها أو دمرتها بالكامل في ظل صعوبة تؤكدها من قدر الضرر الذي تلحقه بالمركبات التي تستهدفها، فيما يبدو أن الجيش الإسرائيلي يحاول إخفاء خسائره من المدرعات.

واستحضرت صورة دبابة ميركافا الإسرائيلية وهي مشتعلة على حدود غزة خلال طوفان الأقصى، ذكريات حرب تشرين الأول أخرى قبل 50 عاماً، حسبما ورد في تقرير لموقع “Business Insider” الأميركي.

أثناء حرب العبور في عام 1973، صدم العالم بصور الدبابات الإسرائيلية وهي تحترق في صحراء سيناء، بعد أن وقعت ضحية صواريخ سوفييتية رخيصة الثمن مضادة للدبابات، استخدمها بكفاءة جنود المشاة المصريون. وفي ذلك الوقت، حذر بعض الخبراء من أن الدبابة قد تصبح قد عفا عليها الزمن بعدما شهدت الحرب واحدة من أقسى المذابح للدبابات منذ الحرب العالمية الثانية.

ومن بين نحو 2500 إسرائيلي قتلوا في تلك الحرب، كان معظمهم من أفراد أطقم الدبابات. ومن بين قوة الجيش الإسرائيلي التي يقل عددها عن 2000 دبابة، تم تدمير 400 دبابة وتضرر 600 أخرى، بشكل رئيسي بسبب الذخائر المضادة للدبابات.

وشكلت هذه الحرب درساً شديد الأهمية للجيش الإسرائيلي والجيوش الغربية، وكانت بداية لما يمكن وصفه بثورة الدبابات الحصينة القادرة مثل أبرامز وميركافا، وليوبارد، التي تفوقت بها جيوش الغرب على الدبابات الروسية.

المشكلة الأكبر كانت في الغرور الإسرائيلي

وكانت معظم الدبابات الإسرائيلية في ذلك الوقت دبابات غربية بعضها قديم. وبحسب “Business Insider”، فإنّ المشكلة في العام 1973 لم تكن دبابات إسرائيل بل تكتيكاتها، ويضيف: بعد أن شعر القادة الإسرائيليون بالغرور بعد انتصارهم عام 1967، أرسلوا في البداية دباباتهم في هجمات غير مدعومة من سلاح المشاة ضد المشاة المصريين الذين كانوا مدججين بالسلاح بصواريخ سوفييتية الصنع مضادة للدبابات من طراز AT-3 Sagger وصواريخ مضادة للدبابات من طراز RPG-7.
وكان على الجيش الإسرائيلي أن يتعلم من جديد ما اكتشفته الدبابات البريطانية في عام 1942 ضد مدافع القائد الألماني الشهير روميل المضادة للدبابات عيار 88 ملم. حينها، كان هناك مبدأ سائد وهو: لا تقم بشن هجمات متهورة بالدبابات. كذلك، أصبحت نقاط الضعف الأخرى واضحة، إذ أثبت السائل الهيدروليكي في الدبابة الأميركية M48 التي كان يستخدمها الجيش الإسرائيلي أنه قابل للاشتعال بشكل رهيب عندما أصيبت المركبة.

ومع ذلك، بمجرد أن تعاونت المدرعات الإسرائيلية مع المشاة والمدفعية للقيام بعمليات الأسلحة المشتركة، أصبحت الدبابات مرة أخرى أداة حاسمة للجيش الإسرائيلي.

الإستفادة من حرب الـ73

وحاول الإسرائيليون الاستفادة من هذه التجارب في الدبابة ميركافا التي كانوا قد بدأ يطورونها قبل الحرب وبالتحديد في عام  1970، بعد أن فرضت بريطانيا وفرنسا حظراً على الأسلحة عليها في أعقاب حرب عام 1967 واحتلالهم للأراضي العربية.

وكان المشروع تحت قيادة الجنرال إسرائيل تال، وهو الذي يصفه الموقع الأميركي بالأسطورة في حرب الدبابات. وعملياً، كان من بين أهداف تال في المقام الأول الحفاظ على حياة الجنود.

وكتب صامويل كاتز في كتابه عن تاريخ الميركافا: “نظراً لأن حماية الطاقم كانت الشغل الشاغل، كان على كل جانب من جوانب الدبابة أن يتكيف مع هذا المطلب؛ القوة النارية يجب أن تأتي في المرتبة الثانية والتنقل في المرتبة الثالثة”.

وكانت النتيجة دبابة ميركافا – وهي كلمة عبرية تعني “عربة” – وهي دبابة لا مثيل لها، حسب الموقع الأميركي، إذ يقع محركها في المقدمة، مما يضيف طبقة حماية إلى الجزء الأكثر عرضة للإصابة بالدبابة.

ويحتوي الجزء الخلفي على منحدر يؤدي إلى حجرة مدرعة يمكن استخدامها لإخلاء الضحايا ويسمح بإعادة تزويد الدبابة بالذخيرة أثناء القتال.

ولكن رغم كل الحديث عن حصانتها، واجه الجيش الإسرائيلي مرة أخرى مشاكل مع الصواريخ المضادة للدبابات خلال حرب عام 2006 في لبنان، عندما استخدم حزب الله صواريخ كورنيت روسية الصنع.

وعلى الرغم من تضرر حوالي 50 مركبة ميركافا، فلقد تم تدمير خمسة فقط، وفقاً للجيش الإسرائيلي، الذي عانى أيضاً خلال الحرب من مركبات سيئة الصيانة وأطقم سيئة التدريب.

خسائر الدبابات الإسرائيلية في الحرب مع حماس

وتحولت الدبابة ميركافا الإسرائيلية من أيقونة التفوق العسكري الإسرائيلي لأيقونة المعجزة الفلسطينية، سواء عبر مشهد الشباب الفلسطيني الذي يحتفل فوق دبابة إسرائيلية تحترق، خلال عملية طوفان الأقصى، أو مقطع فيديو لطائرة صغيرة بدون طيار تابعة لحماس ومجهزة بقنابل وهي تشعل النار في ميركافا بقيمة 4 ملايين دولار في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

كذلك، تفيد تقارير بتعرض الميركافا لخسائر كبيرة خلال التوغل الإسرائيلي في غزة.

ودمرت حماس نحو 20 دبابة إسرائيلية خلال الشهرين الماضيين، حسب تقرير “Business Insider”الذي يبدو مستنداً لتقديرات إسرائيلية.

وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أن جيش الاحتلال قرر إنشاء كتيبة مدرعة جديدة من الاحتياط تضم دبابات “ميركافا 3” من النماذج القديمة التي كان مقرراً التخلص منها، وذلك بسبب النقص في المدرعات جراء الضغط الميداني على الجيش نتيجة تعدد جبهات القتال.

وفي الواقع، فإنّ العديد من خسائر إسرائيل في المدرعات في الحرب الحالية حدثت خلال الهجوم المفاجئ المدمر الذي شنته حماس في 7 تشرين الأول، والذي أخذ الجيش الإسرائيلي في غفوة خلال عطلة “سيمحات توراة”.

وتم الاستيلاء على حوالى 50 مركبة مدرعة إسرائيلية، بما في ذلك 24 من طراز نمر، وهي نسخة حاملة جنود من ميركافا، وفقاً لموقع الاستخبارات مفتوح المصدر “أرمادا روتا”.

كذلك، فإنّ الدبابات الإسرائيلية لم تكُن مجهزة بالأطقم الكافية أثناء الهجوم، فقد دخلت إحدى دبابات Merkava 4 في المعركة ضد المهاجمين في 7 تشرين الأول بطاقم مكون من فردين فقط بدلاً من أربعة.

ولذا مرة أخرى تثار تساؤلات حول فاعلية دبابات القتال الرئيسية، تماماً كما حدث عندما دمرت الدبابات الإسرائيلية في صحراء سيناء، أو صور الدبابات الروسية المدمرة في الآونة الأخيرة في حرب أوكرانيا.

وفي تبريره لما حدث في الدبابات الإسرائيلية خلال طوفان الأقصى، قال المؤرخ العسكري الإسرائيلي والمدون أوليغ جرانوفسكي لموقع Business Insider: “بعض الدبابات لم تكن جاهزة للقتال لأن أطقمها كانت في إجازة. في بعض الدبابات، تمت إزالة المدافع الرشاشة من سطح البرج لمنع سرقتها”.

وأحدث نسخة قيد التشغيل من الدبابة الإسرائيلية ميركافا، ميركافا 4 تم نشرها مع كتيبة الدبابات المتمركزة على حدود غزة بعد هجوم 7 تشرين الأول، وكذلك مع وحدات جيش الاحتلال الإسرائيلي التي تقاتل الآن داخل غزة.

وليس من المستغرب بعد مذبحة الدبابات عام 1973 أن تكون إسرائيل رائدة في مجال الدفاع عن الدبابات، وتستخدم ميركافا نظام الحماية النشطة Trophy – الذي تبنته الولايات المتحدة وبريطانيا – الرادار للكشف عن الذخائر المضادة للدبابات القادمة والكريات النارية لتدميرها أو حرقها.

وما زال من الصعب تقييم نتيجة المواجهة بين الدبابات والمضادات للدبابات في غزة، حيث إن كلا الجانبين متكتمان ويحرصان على نشر المعلومات التي تفيدهما فقط، على حد تعبير تقرير موقع “Business Insider”.

(عربي بوست)

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى