مقالات

لبنان والكويت والديموقراطية المتعثرة

ذهاب الرئيسين  نبيه برّي ونجيب ميقاتي إلى الكويت للتعزية بوفاة الأمير نواف الأحمد الجابر الصباح، أكد متانة العلاقات الأخوية التي تربط البلدين الشقيقين، ومدى حرص الجانبان على صيانة هذه العلاقات المميزة، وتعزيزها كلما سنحت الفرصة بذلك.
وهذا الحرص المتبادل لا يقتصر على المستوى الرسمي في لبنان والكويت، بل يمتد إلى المستويات الشعبية المختلفة بين البلدين، ثقافياً وتجارياً وإقتصادياً ومالياً وتنموياً، حيث تقدم المؤسسات والصناديق الكويتية دعماً مستمراً لوطن الأرز، بشكل مساعدات وهبات حيناً، وقروض طويلة المدى أحياناً، لتمويل مشاريع البنية التحتية، من مستشفيات توزعت في مختلف المناطق الريفية، ومدارس، وأوتوسترادات وطرقات، ومحطات كهرباء ومياه، فضلاً عن دعم بناء المؤسسات الثقافية، وآخرها متحف بيروت في وسط العاصمة.
الواقع أن ثمة تشابه كبير في المواصفات الجيوسياسية بين لبنان والكويت، اللذين يتشاركان في ظروف متشابهة، جغرافياً وسياسياً، سواء من حيث الموقع الطبيعي لكل منهما، المحاط بدول كبيرة تحاول فرض نفوذها على الجار الصغير ، كما حصل مع لبنان في الحقبة السورية، وكما حصل في الكويت بالنسبة للغزو العراقي في ذلك اليوم الأسود، الأول من آب عام ١٩٩٠.
والتجربة الديموقراطية في الكويت، لا تقل تعثراً عن التعثر اللبناني في العقدين الماضيين، حيث أدت ممارسات النواب في مجلس الأمة إلى حالة من عدم الإستقرار في السلطة، بسبب التغيير المتسارع في الحكومات الكويتية، نتيجة الخلافات المفتعلة من قبل فريق من النواب مع بعض الوزراء، وسحب الثقة بهم، مما يؤدي غالباً إلى سقوط الحكومة تلو الأخرى، بعد أشهر قليلة من التأليف.
وكان لحالة عدم الإستقرار السياسي مضاعفات سلبية على معدلات التنمية، وعرقلة مشاريع تطوير البنية التحتية في الكويت، التي كانت في الستينيات من القرن الماضي لؤلوة الخليج، ونموذجاً يُحتذى لدول خليجية أخرى، تقدمت بإشواط اليوم عن الحالة العمرانية البطيئة.
واليوم يتجدد أمل الشعب الكويتي الشقيق مع تولي الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح سدة المسؤولية، وهو الذي خاض غمار تجربة مهمة في السلطة طوال العامين الماضيين، حيث تولى سلطات الأمير الراحل، طوال فترة مرضه.
ويفيد مقربون من الأمير الجديد، المُحب للبنان، أنه عازم على تعليق العمل بالدستور، وإطلاق ورشة إصلاحات دستورية، تتعلق بإعادة إنتظام عمل السلطة، وتنفيذ العديد من المشاريع الإنمائية الحيوية في البلاد.
المهم أن إنتقال السلطة في الكويت يتم بطريقة سلسة، وبعيداً عن الصراعات والتنافسات التي تسود عادة بين الأسر الملكية الحاكمة، وهذه تُعتبر قيمة مضافة لإستقرار نظام الحكم الأميري في البلاد.
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى